الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : فتح بعد 58 عاما

عمر حلمي الغول يكتب : فتح بعد 58 عاما

عمر حلمي الغول

فتح بعد 58 عاما

عمر حلمي الغول

تبدأ اليوم الخميس باكورة الاحتفالات بذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، ذكرى اطلاق الرصاصة الأولى رسميا لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح. لا سيما وان هناك الاف الطلقات اطلقت قبل ذلك التاريخ، وفي المسافة الفاصلة بين النكبة ورصاصة شرارة الثورة المعاصرة مطلع كانون 1 / يناير 1965، التي شكلت تحولا نوعيا في مسار الحضور الوطني داخل دائرة الصراع الإقليمي، وبعد تجاوز حالة التعثر والارباك، والخروج من نفق التبعية لمؤسسة النظام الرسمي العربي، وامتلاك مجموعة من المناضلين إرادة الإعلان عن انبثاق فجر جديد في كفاح الشعب العربي الفلسطيني، وتجاوز تأتأة القوى الوطنية والقومية في تلك اللحظة الهامة من تاريخ الشعب، واستعادة زمام الأمور بالمعايير النسبية، حتى ان العديد من الأنظمة العربية، اطلقت على مطلقي الرصاصة اتهامات عديدة، ليس اقلها “الخيانة” وغيرها من الاتهامات الباطلة لتغطي عوراتها، ومنطقها الكلاسيكي المبتور.

نعم شقت آنذاك حركة التحرير الوطني فتح طريق إعادة الاعتبار للقضية والشعب والاهداف الوطنية في العودة وتقرير المصير وإزالة الاستعمار الصهيوني عن التراب الوطني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس، ورفض خيار تدجين القضية، وتقزيمها وحصرها في النطاق الإنساني، وتغييب الابعاد السياسية والقانونية لها، واغماض العين عن القرارات الدولية ذات الصلة بقضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومنها قراري التقسيم 181 والعودة 194.

الان وبعد مسيرة الأعوام الطوال ال58 من عُمر الثورة المعاصرة، وبعد العقود الثلاثة من اتفاقات اللعنة أوسلو، اين نحن من الثورة المعاصرة؟ وهل حققنا ما يتناسب مع حجم التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والدمار والجوع والمجازر الصهيونية المتوالية؟ اين نحن من مستقبل ومصير شعبنا؟ وما هي سبل الخروج من نفق أوسلو وفاشية الدولة الصهيونية؟ وأين منظمة التحرير من ذاتها، ومكانتها، ودورها وقراراتها؟ اين هي القيادات الوطنية من التاريخ، ومن الوحدة الوطنية والمشروع والثوابت؟ وهل يكفي ما حققناه من إنجازات في تحشيد القرارات الأممية، التي زاد عددها عن الالف قرار؟ وكيف نقرن تلك القرارات بالافعال، بتعبير آخر كيف نرتقي وننقل تلك القرارات الأممية الى حيز التنفيذ والترجمة؟ وهل وضعنا السيناريوهات المطلوبة وطنيا لمواجهة الفاشية الصهيونية وحكومتها الجديدة؟ وهل صحيح اننا لا نستطيع إعادة المحافظات الجنوبية، ام هناك خلل بنيوي في آليات وخلفيات تعاطينا مع الانقلاب الحمساوي؟ ولماذا فشلت كل الاتفاقات واعلانات المصالحة؟ وهل يكفي ان نحمل جماعة الاخوان المسلمين المسؤولية الأولى والاساسية عن الانقلاب، ام هناك عوامل خلل في الجانب الوطني؟ وهل مطلوب ان تبقى غزة تدفع ثمن الانقلاب؟ وماذا عن العاصمة الأبدية القدس، اين نحن منها؟ وأين مسؤولياتنا منها، وما هي عناصر الدعم والاسناد التي قدمناها لها؟ وماذا عن مسؤولياتنا تجاه أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة؟ وهل يفترض ان نتعامل مع القوى السياسية في ال48 بالشاكلة السائدة، ام مطلوب تدوير زوايا، واشتقاق اليات نوعية تعمق الروابط السياسية والثقافية والنضالية، وتعميق عمليات التكامل والتكافل الوطني الصريح؟ وهل نحتاج الى اذن من هذا الطرف او ذاك كي نتكامل مع أبناء جلدتنا، واشقاء الدم والمصير المشترك الواحد؟ ولماذا لا نتعلم من اليهود الصهاينة، الذين يبحثون عن أي يهودي لاستقطابه في أي بقعة من العالم، باسم الروابط الدينية المشتركة؟ وهل يجوز لهم ما لا يجوز لنا؟ وهل حركة التحرير الوطني فتح راضية عن الذات التنظيمية، ام لا؟ ولماذا؟ وما هي السبل للخروج من ازماتها التنظيمية واللوجستية والكفاحية؟ وكيف تعيد اللجنة المركزية والمجلس الثوري ومسؤولي الأقاليم الاعتبار للحركة الرائدة، وصاحبة اهم واغلى واعظم طلقة في العصر الحديث؟ ولماذا لا تتم المكاشفة داخل الاجتماعات والمؤتمرات المناطقية واجتماعات الهيئات المركزية؟ ولماذا تتأخر المعالجات؟

آن الآوان لطرح كل أسئلة التحدي على الذات الوطنية، واجراء مقاربة معها، وعليها، ومراجعة التجربة الوطنية، وليس تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير فقط. لان التطورات المتسارعة على المستوى الإسرائيلي والعربي والإقليمي والدولي تتطلب دعوة عاجلة للمجلس الوطني، وان لم يكن ذلك ممكنا لاسباب موضوعية، دعوة المجلس المركزي لبحث كل تلك التطورات، ووضع الاصبع على الجرح الفلسطيني، قبل ان نضعه على دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وقبل ان نتحدث عن ازمة الأنظمة العربية العميقة، وقبل ان نعتب ونعاتب دول منظمة التعاون الإسلامي، والأصدقاء الامميين.

الحالة الفلسطينية برمتها ليست بخير، ومن يدعي غير ذلك، يجانب الحقيقة، نحن بحاجة ماسة لمكاشفة الذات، ولوضع الحلول المنطقية والعقلانية المطلوبة، لنعيد الاعتبار لوحدة الشعب والقضية والمشروع الوطني، ونعيد المكانة اللائقة لروح الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفي ذات الوقت نكرس مكانة النظام السياسي الفلسطيني التعددي وعلى أرضية الشراكة والتكامل بين المكونات الوطنية المختلفة وتحت راية منظمة التحرير الفلسطينية.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : لا ادلة على أكاذيب إسرائيل

نبض الحياة لا ادلة على أكاذيب إسرائيل عمر حلمي الغول دولة إسرائيل اللقيطة قامت على …