الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : ازمة الحاوي تتفاقم

عمر حلمي الغول يكتب : ازمة الحاوي تتفاقم

عمر حلمي الغول

ازمة الحاوي تتفاقم

عمر حلمي الغول

اجزم اني أخطأت التقدير بتشكيل الحكومة السادسة قبل اكثر من أسبوع. كوني افترضت ان حاجة كل من نتنياهو، رئيس الوزراء المكلف، واقطاب الفاشية الجديدة: إيتمار بن غفير (عظمة إسرائيل)، وسموتيرش (الصهيونية الدينية) تتقاطع في الإسراع في تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد. وبدا واضحا وجليا لي وللعيان، ان هناك فرقا كبيرا بين التقاطع في الهدف، وبين مصالح وحسابات كل قوة من القوى الصهيونية بما فيها حزب “شاس” وزعيمه درعي، وكذا حزب “يهوديت هتوراه” وزعماءه رابي شاش، وموشيه غفني ويعقوب ليتشمان، الامر الذي زاد من وضع العصي في دواليب تشكيل الحكومة، وفاقم من ازمة الحاوي، الذي بدا مع انتهاء المهلة الأولى (ال14 يوم الأولى) لتشكيل الوزارة يوم الاثنين الماضي، كأنه يدور في حلقة مفرغة، وفقد براعته وسحره واوراق لعبته التي تميز بها منذ تولى اول حكومة عام 1996. لا سيما وان عجلة المهلة الأخيرة المحددة بعشرة أيام بدأت تدور في متوالية عددية وجبرية، والتي ستنتهي يوم الأربعاء الموافق 21 كانون 1/ ديسمبر الحالي.  

لم يعد مؤكدا تمكن زعيم الليكود من تشكيل ائتلافه، كما ان الامر، ليس مستحيلا. ولكن كلا السيناريوهين له ثمن، وثمن قد لا يقوى الملك الفاسد على دفعها، فهو الان محاصر من أولا قانون بن غفير؛ وثانيا قانون ارييه درعي؛ ثالثا صلاحيات سموتبرش في وزارة الدفاع؛ رابعا الخلاف على توزيع الحقائب داخل اقطاب الليكود؛ خامسا الازمة مع المعارضة؛ سادسا الازمة امام الرأي العام العالمي عموما، وامام الغرب الرأسمالي بقيادة اميركا؛ سابعا الازمة المتفاقمة مع زعماء اليهود في اميركا وأوروبا؛ ثامنا الازمة المستعصية مع الشعب العربي الفلسطيني داخل الخط الأخضر وفي أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، والاعلان الرسمي عن تصفية آخر نوافذ السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

حقول الغام متعددة تواجه أبو يئير، قد يتمكن من تجاوز بعضها، بيد ان بعضها ممكن ينفجر في وجهه، لانه قد يكون قدر تقديرا خاطئا للغم غير محسوب النتائج، وبالتالي فهلوة بيبي ومعه ساره ويئير قد تذهب ادراج الرياح. لان القوى النازية متمثلة ب”بن غفير” و”سموتيريش” تعتقد ان فرصتها الذهبية الان في حصاد ما تريد من مكاسب سياسية ودينية ومالية وقانونية تشريعية، وليست بوارد ان تتنازل عن الاثمان التي حددتها لذاتها ولناخبيها وانصارها، كونهم يعتقدون ان زعيم الليكود وقع لهم، وبالتالي لديهم القدرة على لي ذراعه. وهم بذلك زادوا وضيقوا الخناق على طاووس اليمين، الذي خلط كل الأوراق كلها ببعضها البعض، فانقض على القانون، وعلى المحكمة العليا، وعلى الجيش والمؤسسة الأمنية، والإدارة المدنية، ودفع قوى النازية الجديدة قدما للامام، ودمج الدين بالسياسة والاقتصاد والثقافة والتربية في خليط عجيب، حتى لم يعد لدى عباقرة الصهيونية الاستعمارية القدرة على تحديد التخوم بين المجالات المختلفة، ولا تبيان الخيط الأبيض من الخيط الاسود.

وكان من اخر القنابل المتفجرة، التي القاها سموتيرش قبل أيام، عندما اعلن، انه سيعمل على تطبيق “الاقتصاد التوراتي” مع توليه وزارة المالية. ووفق تصريحه، قال جربنا الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي، وكلاهما فشل، وعلينا ان نعود لاستخدام الاقتصادي التوراتي وتعاليم سيدنا دواود. وهذا امر اشكالي من طراز جديد. لكنه يتواءم مع التحولات الكبيرة داخل الشارع الإسرائيلي، حيث امسى يمين اليمين والحريديم هم الأغلبية داخل الشارع الإسرائيلي، وبمعايير منظومتة الفكرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية التربوية. لكنه سيصطدم بالمعايير الاقتصادية الدولية.

وعليه، رغم تفوق بنيامين نتنياهو على مجايليه واقرانه من القيادات الصهيونية، وتبوأه مكانة مرموقة داخل دائرة الزعامات التاريخية، وتمكنه من تخطي العديد من العقبات خلال العقد والنصف الماضي، الا انه الان ولج مرحلة التيه والضياع، ويبدو ان الحلقة المركزية قد فلتت من يديه، او تكاد ان تفلت. لان هناك اثمان مطلوبة منه يصعب عليه دفعها، وحتى لو عاد لدوامة المناورة والتكتيك والالتفاف على حلفائه، غير ان الاخرين باتوا يعلمون كيفية إدارة المساومة معه، ومن الصعب الضحك عليهم، حسبما صرحوا قبل وبعد الانتخابات الأخيرة للكنيست مطلع نوفمبر الماضي.

اذاً زعيم الليكود يقف على مفترق طرق معقد، ليس من السهولة بمكان تجاوز كل الغامه ومطباته. لكنه حسبما اعتقد لن يستسلم حتى اللحظة الأخيرة. الا اذا خرج من الليكود مجموعة من الأقطاب النافذين، وطالبوه بالاستقالة، وترك الزعامة ليتمكنوا من تشكيل حكومة مع لبيد وغانتس وساعر وغيرهم. وهذا الخيار قد يفتح الأفق لانشقاق الليكود مجددا، كما حصل عندما تمرد شارون على حزبه (الليكود) وشكل حزب “كاديما”. الافاق مفتوحة على سيناريوهات متعددة. وقادم الأيام كفيل بالجواب.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …