الرئيسية / تحقيقات و حوارات / انعطافه سعوديه خليجيه عربيه نحو الصين هل هي تحول استراتيجي أم تكتيكي

انعطافه سعوديه خليجيه عربيه نحو الصين هل هي تحول استراتيجي أم تكتيكي

 FB_IMG_1670948592467

انعطافه سعوديه خليجيه عربيه نحو الصين هل هي تحول استراتيجي أم تكتيكي 

إعداد وتقرير المحامي علي ابوحبله 

زيارة استثنائية بكل المقاييس للرئيس الصيني شي جينغ بينغ إلى الرياض تخللـتها ثلاثُ قمم سعوديةٌ صينية، عربيةٌ صينية وخليجية صينية.. والسؤال هو هل استشعرت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والعرب بوجه عام “نهاية حقبة أمريكا”.. ؟؟ هل تطلق زيارة شي للسعودية مرحلة التحالفات الآسيوية ضمن انعطافه استراتجيه بتنوع العلاقات والتحالفات ؟

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن واضحا عندما زار السعودية الصيف الماضي فقد قال إن الولايات المتحدة لا تنوي الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط وترك فراغ تحتله الصين أو روسيا أو إيران.

وللصين منزلة خاصة بين تلك الدول المنافسة للولايات المتحدة، فهي الأقوى اقتصاديا بفارق كبير. والاقتصاد الصيني هو ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الأمريكي ، وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر للسعودية. ولذا تنظر الولايات المتحدة باهتمام، بل وربما بقلق ، لزيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى السعودية وما يمكن أن ينتج عنها من نتائج وتداعيات على العلاقة التاريخية والتحالفات الامريكيه مع السعودية بوجه الخصوص ومجلس التعاون الخليجي والدول العربية على وجه العموم ، •وردد المسئولون الأمريكيون وهم يتابعون الزيارة ويتلقون الأسئلة بشأنها أن واشنطن لا تجبر أصدقائها على الاختيار بينها وبين الصين أو أي دولة أخرى. لكنهم يقولون إن الولايات المتحدة تمثل الخيار الأكثر جاذبية في إطار تنافسها مع الصين.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، لوسائل إعلام أمريكية إن واشنطن تدرك أن الصين تحاول مد نفوذها إلى الشرق الأوسط وتعزيزه. وفي عبارة متحفظة ولكن مثيرة للاهتمام، ينتقد الطريقة التي تفعل بها الصين ذلك، قال إنها لا تشير إلى مراعاة المحافظة على نظام دولي يستند إلى القواعد.

وفي تعليق البيت الأبيض، الأربعاء 7/12/2022 ، إنه “ليس مندهشا” من قيام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة المملكة العربية السعودية لأن بكين “تعمل على زيادة نفوذها في الشرق الأوسط”. وصرح جون كيربي، منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي: “نحن ندرك التأثير الذي تحاول الصين أن تعمقه في جميع أنحاء العالم”، وأضاف أن “الشرق الأوسط هو بالتأكيد أحد تلك المناطق التي يريدون تعميق مستوى نفوذها بها، ونحن نعتقد أن العديد من الأمور التي يسعون إليها والطريقة التي يسعون إليها لا تؤدي إلى الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد التي تحاول الولايات المتحدة وشبكتنا الواسعة من الحلفاء والشركاء الحفاظ عليها. ” وذكر كيربي أن “جولة الرئيس الصيني ليست مفاجأة، وبالتأكيد ليست مفاجأة أنه اختار الذهاب إلى الشرق الأوسط”.

وتأتي الزيارة في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن بإجراء مراجعة لعلاقات الولايات المتحدة مع السعودية بعدما قررت منظمة أوبك خفض إنتاجها من النفط وسط ارتفاع أسعار، ولا تزال عملية المراجعة مستمرة.

وقال جون كيربي إن البيت الأبيض لا يزال “يركز على مصالحنا المتعلقة بالأمن القومي وشراكاتنا في الشرق الأوسط”، وأكد أن الشراكة الإستراتيجية مع المملكة العربية السعودية “مستمرة”، على الرغم من الخلاف بشأن إنتاج النفط ، وذكر أن “الأمر متروك للرياض وبكين لاتخاذ القرارات الخاصة بشأن علاقاتهما الثنائية”، و قال: “الدول ذات السيادة لها كل الحق في إجراء علاقات ثنائية تراها مناسبة، ونحن لا نطلب من الدول الاختيار بين الولايات المتحدة والصين”.

يذكر أن وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) ذكرت، في وقت سابق من يوم الأربعاء أن “الرئيس الصيني شي جين بينغ، وصل إلى الرياض لحضور القمة الصينية-العربية الأولى وقمة مجلس التعاون الصيني الخليجي، والقيام بزيارة دولة للسعودية”. وستشمل الرحلة مؤتمرين سيجمعان قادة من جميع أنحاء العالم العربي، وقمة سعودية صينية، وقمة صينية عربية وقمة صينية ودول مجلس التعاون الخليجي ، 

تحذير أمريكي للعرب من التقارب الصيني .. ترافقت مع تصريحات ولي العهد السعودي: مرحلة تاريخية جديدة في علاقات الصين مع دول الخليج والسؤال الأهم ؟؟؟ ما مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين؟ 

وهل باتت الصين بديلا موثوقا فيه في مجال العلاقات الدولية بعد سلسلة الخراب التي خلقتها سياسات واشنطن؟ و- ماذا حققت هذه الزيارة على المستويين الاقتصادي والسياسي؟

بكل التحليلات وبرأي المراقبين ، أثارت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى السعودية التي التقى فيها بزعماء دول الخليج والعرب ، انتقادات أمريكية ليست بالمفاجئة، مع تحذير البيت الأبيض للمملكة شريكها الاستراتيجي بالمنطقة، من أن محاولة بكين توسيع نفوذها في العالم “لا تتلاءم” مع النظام الدولي. في المقابل، ترى الصين في هذه الزيارة “أكبر مبادراتها الدبلوماسية على الإطلاق” مع العالم العربي، وهي تتزامن مع سعي الرياض لتوسيع تحالفاتها الدولية بما يتجاوز شراكتها القائمة منذ فترة طويلة مع الغرب.

أوضح الباحث في الشؤون الآسيوية د. وائل عواد بأن “من مصلحة الدول العربية تعزيز علاقتها مع الشرق وبخاصة الهند والصين، لأنها من الدول الرئيسية المستهلكة للطاقة. كما أن مستقبل العالم هو الشرق وهذا يخدم مصالحنا الوطنية بما فيه مصلحة شعوب المنطقة. وعلى القادة العرب البحث عن مصلحة شعوبهم وتعزيز انتمائهم إلى الشرق حضاريا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، والابتعاد عن التحالفات الدولية العدائية والصراع بين القوى العظمى قبل أن تتحول إلى أحجار شطرنج في لعبة الكبار”. 

كما اعتبرت الصحافية الصينية سعاد ياي شين هوا بأن “التعاون بين الصين والدول العربية لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل أنه يتناول كافة المجالات. ففي المجال السياسي، تعارض كل من الصين والدول العربية الهيمنة وسياسة القوة والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لأية دولة من دول العالم، ويدعم كل منهما التعددية واختيار كل شعب طريقه الخاص لتنمية بلاده.

 وفي المحافل الدولية، يدعم الجانبان الصيني والعربي بعضهما البعض، ما يسهم كثيرا في ضمان حقوق شعوبهما. كما هناك التعاون المثمر بين الصين والدول العربية في مجالات التبادلات الثقافية والصحة ومكافحة الوباء، حيث قد أعلنت 4 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها، وتم افتتاح كلية اللغة الصينية في 15 دولة عربية، وتم إنشاء 20 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس في 13 دولة عربية. كما يشهد تعليم اللغة العربية في الصين تطورا كبيرا، وفي الوقت الحالي، هناك أكثر من 50 جامعة ومعهد في أرجاء الصين تدرس العربية. كل هذا التبادل الثقافي يساعد الشعب الصيني والشعوب العربية على معرفة بعضهم البعض، وتعميق التواصل والصداقة التقليدية بينهما. أما في إطار مكافحة الوباء الناجم عن فيروس كورونا المستجد، فقد تضامنت وتآزرت الصين والدول العربية بروح الفريق الواحد منذ حدوث الجائحة، وأجرت تعاونا فعالا في مجالات تطوير اللقاحات واستخدامها والوقاية والسيطرة المشتركة وتقاسم الخبرات والأدوية العلاجية وغيرها، ما شكّل قدوة يحتذي بها للتعاون العالمي في 

هذا، وقال الصحافي نادر رونغ هوان إن “مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين تكمن في جوانب كثيرة، مثلا في مجال الطاقة، حيث إن الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم ولديها أسواق كبيرة لاستيعاب هذه الطاقة الإنتاجية للدول النفطية. كذلك فإن للصين تفوقا كبيرا في مجال البنية التحتية وكذا التكنولوجيا في مجالات الطيران والفضاء والطاقة المتجددة وكذلك الاتصالات. كما أن للصين خبرة في مجال التنمية يمكن أن تساعد الدول العربية في بناء خطوط الإنتاج المحلية وتحسين معيشة شعوبها، مثلا من خلال نشر المقاولات ومشاريع التعاون في البنى التحتية وتنويع مصادر الطاقة، لذلك فإن التعاون يكون دائما بهدف تحقيق المصلحة المشتركة، ويمكن أن يلبي حاجات الدول العربية خصوصا في التنمية وتحسين حياة المواطنين في تلك المنطقة”.

ما طبيعة وتاريخ العلاقات الصينية-العربية؟

يرى وائل عواد بأن العلاقات الصينية-العربية “اتسمت بالودية وحسن الجوار لأن الصين ابتعدت عن التدخل في شؤون هذه الدول وحافظت على علاقات طيبة معها جميعا. كما هنالك رغبة من السعودية لكسب الصين إلى صالحها وتنويع سلة عملاتها وشراء الأسلحة الصينية وزيادة الاستثمارات المشتركة في المملكة، التي وضعت رؤية جديدة هي رؤية 2030. كما توفر الصين التقنيات المتطورة التي تحتاجها المنطقة دون شروط مسبقة”.

أما الصحافية الصينية سعاد ياي شين هوا فقالت إن “تاريخ العلاقات بين الصين والدول العربية يرجع إلى ما قبل أكثر من 2000 سنة. يمكن أن نلاحظ أن حماية السلام وتعميق التعاون وتعزيز التواصل والتعلم وبناء مجتمع ومصير مشترك بين الصين والدول العربية ما زال ولا يزال التيار الرئيسي للعلاقات بين الجانبين. وقد نشرت وزارة الخارجية الصينية مؤخرا تقريرا عن التعاون الصيني-العربي في العصر الحديث، جاء فيه بأن هذا التعاون نموذج للتعاون بين دول الجنوب. وفي المجال السياسي، دعمت الصين والدول العربية بعضها البعض في المحافل الدولية. كما تلتزم الصين والدول العربية بحماية تعددية الأقطاب ومعارضة قطب واحد.

 أما في المجال الاقتصادي، فتتمتع الصين والدول العربية بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، وأصبحت الدول العربية أهم موردي الطاقة وشركاء التعاون الاقتصادي والتجاري للصين، وهي توفر نصف الواردات الصينية من النفط الخام لزمن طويل”.

كما قالت نفس المتحدثة: “يتعمق التعاون العملي المرتكز على النفط الخام والبتر وكيماويات بين الجانبين، مما أقام علاقات الشراكة الإستراتيجية المستقرة والموثوق بها بينهما في مجال الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تشهد التبادلات والتعاون بين الجانبين في الصناعة تطورا سريعا. وفي الوقت الحالي، يتوسع مجال التعاون هذا إلى الفضاء والتكنولوجيا، فيمكن أن نقول إن هذا التعاون شامل ومثمر. تجدر الإشارة إلى أن هذا التعاون يجري على الأساس الاحترام المتبادل والكسب المتبادل. وبالنسبة للصين، فإن الدول العربية توفر كميات كبيرة من الطاقة. بالإضافة إلى تلقي الصين لدعم كبير من الدول العربية في الأمم المتحدة خاصة المواضيع المهمة بما فيها مسألة تايوان. من جانبها، أعتقد أن الدول العربية تستفيد من الأسواق الصينية الواسعة. من جهة أخرى، يتقدم التعاون الصيني-العربي في مجالات الاستثمارات الصناعية والتواصل والترابط والمقاولات الهندسية على نحو معمق، هناك العديد من المشاريع التي بنتها الصين تنتشر في الدول العربية، بما فيها مسجد الجزائر الأعظم وإستاد لوسيل في قطر، كلها حققت منافع اقتصادية واجتماعية جيدة، ما يصب في مصلحة كل جانب من الجانبين”.

من جانبه، أوضح الصحافي الصيني نادر رونغ هوان بأن “هناك صداقة تقليدية وهناك دعم متبادل بين الصين والدول العربية منذ زمن طويل. كذلك هناك تجارب تاريخية متشابهة بين الصين والدول العربية، حيث كانت الصين أيضا تحت ما يشبه حالة استعمار. وهناك أيضا طموح مشترك بتحقيق التنمية ونهضة الأمة. أيضا فإن هذه العلاقة تشهد تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة، فقد تم إنشاء شراكة إستراتيجية شاملة بين الصين والسعودية وغيرها من الدول العربية، وهناك تكامل لاقتصادياتها وكذلك مواقف متشابهة في كثير من القضايا الدولية”.

بالنسبة إلى الصين فإن هذا التقارب الصيني-السعودي من شأنه أن يوفر فرصة لتوسيع بصمة بكين الجيوسياسية في المنطقة، خصوصاً أنها ستحتاج أيضاً إلى مزيد من النفط السعودي حيث تبدأ أخيراً تخفيف قواعد كوفيد. كما تجدر الإشارة إلى أن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، تستورد أكثر من ربع النفط الذي تنتجه السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم.

وفي الوقت ذاته ترغب السعودية بوجود حليف قوي تؤكد من خلاله للولايات المتحدة أن الرياض لديها داعم قوي، فإن الصين بالمقابل، تبحث بشكل متكافئ عن موضع قدم لتعزيز حضورها الجيوسياسي في المنطقة العربية، والخليجية تحديداً، حيث توجد احتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعي والأسواق المالية ذات الدخل المرتفع، فضلاً عن المواني المهمة للخدمات اللوجستية الدولية والاستثمارات التكنولوجية ومبيعات الأسلحة.

وفي سياق متصل أكّد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن العلاقات تشهد “نقلة نوعية”، مؤكداً أن المملكة ستظل “شريك الصين الموثوق به والمعوّل عليه” في مجال الطاقة وغيره، وتحدّث أيضاً عن “سعي البلدين لتعزيز التعاون في سلاسل إمدادات قطاع الطاقة، عن طريق إنشاء مركز إقليمي في المملكة للمصانع الصينية، للاستفادة من موقع المملكة المميز بين ثلاث قارات”، حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية.

قمم عربية-صينية

بمناسبة زيارة الرئيس الصيني قررت المملكة العربية السعودية أيضاً استضافة أول قمة صينية عربية، والتي من المقرر عقدها في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وقد جرى إرسال الدعوات للانضمام إلى الحدث إلى القادة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وحسب وكالة الأنباء السعودية تمثل الزيارة “فرصة مشتركة للصداقة والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع المملكة العربية السعودية بجمهورية الصين”. وخلال القمتين مع الزعماء العرب ستُناقش “سبل تعزيز العلاقات المشتركة في كل المجالات، وبحث التعاون التعاون الاقتصادي والتنموي”، وذلك “انطلاقاً من العلاقات المتميزة التي تربط دول مجلس تعاون الخليج العربي والدول العربية” مع الصين.

تأتي الزيارة الصينية للمملكة في وقت تعاني فيه العلاقات بين واشنطن والرياض، تزامناً مع قرار المملكة الأخير خفض إنتاج النفط وزيادة أسعار الخام، وهو القرار الذي ينظر إليه بسلبية كبيرة في واشنطن.

وفي ردّه على سؤال بشأن زيارة شي قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحفيين مع بداية زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية لا تزال حليفاً مهماً للولايات المتحدة، لكنه أصدر تحذيراً بشأن الصين. وقال: “نحن مدركون للنفوذ الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم”. ما تركز عليه الولايات المتحدة هو “علاقاتها ومصالحها الأمنية في الشرق الأوسط، على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف”.

وفي هذا أشار كيربي إلى زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية في يوليو/ تموز الماضي، وقال: “هناك سبب كبير وراء ذهاب الرئيس إلى هناك في الصيف، ولماذا سنواصل البقاء على اتصال. هناك الكثير من القضايا في الشرق الأوسط التي تهمنا، وليس فقط أمن الطاقة”.

حاول البيت الأبيض التقليل من وطأة ما وصفه ب”المشهد السيّء”. أن ترى عدوك الأول جنباً إلى جنب مع حليفك الأول وأكثر من تحتاج إليه في ملف الطاقة، ذلك قطعاً ليس بالأخبار الجيدة. 

القمم الصينية الثلاث في السعودية خطفت الأضواء حتى في المؤتمر الصحفي اليومي للمتحدثة باسم البيت الأبيض من الخبر السعيد الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن بنفسه صباح الخميس عن إبرام صفقة تبادل سجناء (لم تشمل إلا واحدة بواحد). حتى هذا النجاح اتضح أنه بفضل وساطة سعودية إماراتية.

القمم الثلاث تم الإعداد إليها قبل عامين، بحسب البيت الأبيض في معرض رده على أنها جاءت ردا على القمم الأمريكية الثلاث في السعودية أيضا في يوليو/ تموز الماضي. بصرف النظر عن ذلك “الإعداد” الذي استغرق عامين، فإن ما شهده العالم والشرق الأوسط من أحداث باتت تفرض نفسها على مجريات تلك القمم والتي عبرت عن نفسها بالبيانات الرسمية الصادرة عنها.

لا تقرأ نتائج القمم الصينية من بياناتها فقط، بل في سياق ما انتهت إليه القمم الأمريكية. خصوصية الدور السعودي والإماراتي لربما ينير زوايا الاشتباك بين تلك القمم، أو بعبارة أخرى الموقف بين الحليف الاستراتيجي التاريخي، أمريكا والتوجه غربا، والحليف الموازي أو البديل، الصين والتوجه شرقا، ويقصد روسيا وانضمام السعودية الوشيك لمجموعة دول “بريكس”.

واضح أن دول عربية عديدة -ليست الكبيرة والغنية فقط- نجحت بدبلوماسيتها عالميا وشعبيتها داخليا، بالقول “لا” للحليف التاريخي. من القادة الذين انشغلت بهم الصحافة ومراكز البحث والفكر الأمريكية: قادة السعودية والإمارات ومصر والمغرب والجزائر والأردن. الأردن وحده من الدول الأكثر قربا إلى أمريكا والأكثر حاجة إلى دعمها قال “لا” أو بلغة العاهل الأردني عبد الله الثاني ابن الحسين “كلا” لصفقة القرن، رغم كل المغريات والضغوطات، متعددة الأطراف.

الاستقلالية والسيادة، بل والنديّة في الطرح،خرجت إلى العلن في اللقاءات الخاصة بالشرق الأوسط. البعض نسب ذلك إلى نيّة أمريكية مبيّته للانسحاب من الشرق الأوسط، والتبرير كان للتفرغ لروسيا والصين،فأتت القمم الصينية السعودية والخليجية والعربية لتدحض ذلك.

والزعيم الصيني شي جين بينغ، عندما يتحدث الآن، يتحدث بعد إعادة انتخابه من قبل الحزب الشيوعي الحاكم، وبعد لقائه نظيره الأمريكي في قمة العشرين وبعد -وهذه إشارة دالة- بعد تعمّد “توبيخه” رئيس وزراء كندا جاستن ترودو علنا، على تسريب فحوى محادثات مغلقة إلى الصحافة. التسريب مسألة سبق وأن امتعض منها علانية عدد من القادة الدوليين من بينهم القادة العرب.

فهل يكون مما اتفق عليه مزاحمة أو حتى وراثة الـ”يوان” الصيني للدولار الأمريكي في مبيعات النفط والغاز؟ كانت تشكو واشنطن مرارا مما وصفته تلاعب بكين في تسعير العملة لضرب التنافسية الأميركية، فماذا سيعني ذلك سوى الحرب التجارية؟

عندما يقول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن بلاده تدعم “بشدة” سياسة الصين واحدة، ماذا يعني ذلك؟ وماذا يعني “ضمان” الصين لأمن السعودية وتنديدها باستهداف المدنيين في المملكة، والإعلان عن استثمارات صينية ضخمة في “جازان” جنوب غرب السعودية المحاذية لليمن وثالث أكبر الموانئ السعودية..

من الجلي أن الإعلان المشترك عن دعم “رؤية 2030” السعودية مع “مبادرة الحزام والطريق” الصينية تمضي قدما في تغيير الوضع الراهن “ستاتس كو” على الأقل في منطقة الخليج وربما أكثر. لكن طريق الحرير “الجديد” لن يسلم بالضرورة من الأشواك. عين على إيران وأخرى على أفغانستان التي أكدت الصين ضرورة عدم السماح بعودة الإرهاب إليها أو منها. معلوم أن الصين سارعت إلى ملء فراغ الانسحاب الأمريكي “الكارثي” ولديها علاقات جيدة مع طالبان.

تبقى إيران المرشحة الأوفر حظا في محاولة تعطيل فرص استقرار الشرق الأوسط بعد ما قد يفهم على أنه تراجع أمريكي لصالح الصين وروسيا. صحيح أن طهران شبه متحالفة مع بكين وموسكو إلا أن الأمر منوط بملفي الثورة على نظام الملالي والاتفاق النووي الجديد.

القضية الفلسطينية حاضره في القمم الثلاث 

أكد “إعلان الرياض” الذي صدر في ختام القمة العربية الصينية الأولى التي استضافتها المملكة العربية السعودية بمشاركة رئيس دولة فلسطين محمود عباس، أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية في الشرق الأوسط. ، وشدد الإعلان على أن القضية الفلسطينية تتطلب إيجاد حل عادل ودائم لها على أساس “حل الدولتين”، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

كما أكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة، وبطلان ممارسات إسرائيل الأحادية الرامية إلى تغيير الوضع القائم في القدس، مشددا على ضرورة الحفاظ على المكانة التاريخية والقانونية للقدس الشرقية المحتلة.

وأكدت أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وضرورة دعمها لتمكينها من الوفاء بولايتها الأممية، وضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة باللاجئين وحماية المدنيين الفلسطينيين، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وتأثير أكبر.

وثمن “إعلان الرياض” الرؤية ذات النقاط الأربع التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ لحل القضية الفلسطينية، وسلسلة من المبادرات والرؤى التي طرحها الجانب الصيني حول القضية الفلسطينية. ، كما ثمن وقوف الصين إلى جانب الحق والعدالة في القضية الفلسطينية، وجهودها الحثيثة لدفع عملية السلام، ودعمها المقدم للجانب الفلسطيني لتحسين معيشة الشعب الفلسطيني وتنمية الاقتصاد، ومساعدتها الإنسانية المقدمة للجانب الفلسطيني، والعمل على حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

القمم الثلاث وان كانت قد عززت اتفاقات التعاون المشترك بين الصين والدول العربية ، قد لا تكون لحظة فاصلة بين الدول العربيه وأمريكا الا أنها ستظل تؤثر على الديناميكيات السياسية الإقليمية في الشرق الأوسط. ومما لا شك فيه أن صناع السياسة الأمريكيين سيراقبون من كثب نتيجة هذه القمم ومدى تأثيرها على المصالح ألاستراتجيه الامريكيه لأنها قد تحدد مستقبل العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن وبين دول مجلس التعاون الخليجي والعربي وبانتظار التغيرات المرتقبه ودور الصين في حلحلة الازمه اليمنيه وعلاقة السعودي بايران وامكانية انفتاح سعودي على دمشق واعادة العلاقات السعوديه السوريه بما يمهد لعودة سوريا للجامعه العربيه وحسم قضية اختيار رئيس للبنان

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

received_421978380379975

يوم الارض اهم مراحل النضال للشعب الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني

الأسير رائد عبد الجليل ٠٠٠ شكل يوم الارض اهم مراحل النضال للشعب الفلسطيني ضد المشروع …