الرئيسية / الآراء والمقالات / صالح الشقباوي يكتب : أمي.. والمفتاح

صالح الشقباوي يكتب : أمي.. والمفتاح

اكاديمي فلسطيني واستاذ محاضر  في الجامعات الجزائرية
اكاديمي فلسطيني واستاذ محاضر في الجامعات الجزائرية


أمي.. والمفتاح
صالح الشقباوي
 
كأي ام فلسطينية …تشردت امي عن ارضها ..واسرتها ..واهلها…وقريتها…فقد تركت المكان تحت تاثير الخوف والرعب الذي احدثته عصابات القتل..والاجرام الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني حيث اقترفت اكثر من اثنان وخمسون مجزرة منظمة ومعلنة..ضد ابناء وبنات الشعب الفلسطيني..لاحداث رعب جماعي في منظومة العقل الفلسطيني الكلي لترك المكان ..والهروب من الموت المؤكد …وهذا مانرد به على احدى الروايات الصهيونية ..التي قالت ان الفلسطينيين غادروا المكان طوعا ودون خوف او تهديد من القوى الصهيونية …ليلتحقوا بارض اخوتهم في العروبة وفي الدين. ..فقد بقيت امي طيلة مسيرتنا الراجلة عن المكان تتفقد المفتاح ..فهو عنوان العودة …ورمز للحق المنتظر في فيافي فلسطين…فذات لحظة توقفنا فيها للاستراحة تحت شجرة زيتون …بدأت امي كعادتا في اخراج ما وضعته في عبها..بحثا عن يقينها ومرشدها واملها في العودة ..الا وهو المفتاح الذي لفته في محرمة ..مصنوعة من قماش صيني ….اخرجت كل ما في عبها …ولكن المفتاح ابى ان يخرج…فهو اصلا لم يكن هناك..في عبها..فما كان منها الا ان نفشت بقية الادوات المرافقة لنا والموضوعة داخل شنتة يد ..بعد ان اسود وجها وامتلئ رعبا وخوفا قويا ع ضياع المفتاح…الذي الهمها في بدايات رحلة اغترابها ومغادرتها للمكان انه سيكون اداة عودة الملك ومفتاح له وبدونه سنبقى دون عودة وغير قادرين ثانية على امتلاك حقنا الذي تركناه ينتظرنا..في قريتنا شقبا….فقد امنت امي كما امنت النساء الفلسطينيات ..ان خروجنا من الدار مؤقت وانها ايام معدودات ..لذا كان المفتاح يشكل له اهاجسا وجودا قلقا …فقد كانت تحرص عليه وفي كثير من الاحيان تدلله وتمنع عنه البرد في ليالي الصقيع الذي يعيشها الجسد المشرد والذي اوته خيمة مفروشة بقليل من الحصى..الذي فرش داخل ارضها … وهنا اؤكد بعقل الطفولة..الذي يخزن في اعماق ذاكرتة البعيدة ان امهاتنا الفلسطينيات ومنهن امي عشن ع امل العودة ..عشن ..وهن يحلمن في لملمة عتمة المنفى ودجاه..كي ينثروها ع نور الوطن المنتظر وضياء المدينة وسراج القرية …لم يفقدن طيلة سنين عمرهن امل العودة … ولا جغرافية المكان ..فقد سمعتها كثيرا تحدث ابي خاصة في موسم قطاف الزيتون ..عن طريقة اهل شقبا في موسم جني الزيتون ..حيث عائلات كثيرة تمارس فصول العزبة وطقوس..الخروج كليا من القرية الى..العزبة ..التي هي مكان بديل عن بيت القرية …ففي شقبا كان اسرة الحاج عبدالله ثابت الذي مازلت اتذكره بلحيته البيضاء ومعطفه الرمادي وشاروخه الطويل …حيث كان يسكن ع الرما فقد كانت اسرته تعزب نحو دسره وتاخذ معها الماشية وحتى الطيور الى البرية لقطف الزيتون …فقد شكل الزيتون في قرية شقبا موردا موسميا ثمينا لاصحاب الزيتون بعد عصره وتحويله الى زيت يباع ويصرف عليهم طيلة السنة ..كما وشكل موسما تزداد فيه لحمة الاسر الشقباوية ..وتماسكها كما كان يحدث في موسم حصاد القمح حيث تميل اسرة قدح لمساعدة جيرانها من دار المصري او دار شلش..او دارثابت …وهنا يبرز سؤالا وجوديا قلقا على ذاته من سؤاله …كيف كان حال الفلاح بعد ان طرد من ارضه وعاش في احضان خيمة ..؟؟؟
 
رحمك الله يا امي كم كنت فلسطينية

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …