الرئيسية / الآراء والمقالات / احمد المالكي يكتب : التقارب بين الولايات المتحدة والصين

احمد المالكي يكتب : التقارب بين الولايات المتحدة والصين

كاتب متخصص بالعلاقات الدولية
كاتب متخصص بالعلاقات الدولية

التقارب بين الولايات المتحدة والصين 

بقلم :أحمد المالكي 

كاتب متخصص في العلاقات الدولية والقضايا السياسية 

اجتماع بايدن وشي جينبينغ على هامش قمة العشرين في بالي الاندونيسية هو بداية لتعاون بينهما سوف يعود بالنفع على القضايا المشتركة بينهما وعلى العالم الذي يتأثر بتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين .

لقاء بايدن وشي جينبينغ الذي استمر لمدة ثلاث ساعات اتفق على رفض الحرب الباردة بينهما وان تظل قنوات الاتصال مفتوحة بينهما وسوف يكون هناك زيارة لوزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن إلى الصين من اجل التواصل المستمر بين الولايات المتحدة والصين ومحاولة حلحلحة الامور العالقة بينهما وتظل قضية تايوان محل خلاف بينهما وهناك رفض امريكي لاي خطوات احادية الجانب من قبل الصين في ظل الاستفزازات التي تقوم بها الصين مع تايوان وخاصة بعد زيارة نانسي بيلوسي الى تايوان وهذا ما جعل الصين تتمسك بموقفها المتشدد تجاه تايوان وترفض التدخلات الامريكية .

الصين لديها سياسة توسعية في دول العالم وهناك تنافس قوي بينها وبين الولايات المتحدة وتحاول الصين جاهدة في إغراق العالم بمشروعاتها الاقتصادية وترى الولايات المتحدة ان المد الصيني يهدد قوة امريكا ويستهدف الاقتصاد الامريكي وهناك توقعات بان تستخدم الصين قوتها العسكرية لحماية استثماراتها وهذا يجعل امريكا في موقف حرج امام استخدام الصين القوة الاقتصادية والعسكرية لها .

التواصل الذي حدث بين رئيس الولايات المتحدة الامريكية والصين يراه البعض افضل مائة مرة من ان لا يحدث تواصل وخاصة ان سوء العلاقات يؤدي إلى حرب باردة جديدة لن يتحملها العالم لكن لايعني هذا التواصل ان القادم افضل بينهما لكل منهما اجندة سياسية واقتصادية لايمكن التلاقي فيها بشكل كبير لان الولايات المتحدة تسير في اتجاه والصين تسير في اتجاه آخر لكن الولايات المتحدة اصبحت تسير بسرعة السلحفاة في ظل تراجع للاقتصاد الامريكي واستغناء الشركات الامريكية عن موظفيها وفشل امريكا في التوافق مع اوبك بلس وهذا الفشل الاقتصادي يلحق به فشل سياسي في ظل خروج مخزي لامريكا من افغانستان وفشل في العراق وفشل في مواجهة الغطرسة الإيرانية ومواصلة محاولاتها لإحياء اتفاق كان منذ البداية تم بنائه على خطأ كبير وفي المقابل تسير الصين بسرعة الصاروخ واصبح لها تواجد اقتصادي قوي في اجزاء كبيرة من العالم ووصلت إلى إفريقيا بالإضافة إلى علاقاتها مع إيران وروسيا والتعاون الاقتصادي الكبير بينهما ورغم ان الصين ترى ان الطموح العسكري مستبعد حاليا لها في الوقت الحالي وانها تركز على استثماراتها لكنها سوف تضطر في النهاية لاستخدام القوة العسكرية لحماية هذه الاستثمارات الضخمة لها .

بايدن كان متخوفا من ان يفشل الديمقراطيون في الانتخابات النصفية الامريكية لكن بعد نجاح الديمقراطيون في الغرفة الاهم في الكونغرس مجلس الشيوخ انعكس ذلك إيجابا على جلسته مع الرئيس الصيني شي جينبينغ ودعم موقفه باتخاذ تحرك إيجابي بشأن فتح قنوات اتصال مع الصين وهناك ملفات كثيرة القت بظلالها على الجلسة وليس ملف تايوان فقط والحرب الروسية الاوكرانية كانت محور الحديث بينهما ورغم علاقات الصين مع روسيا الا ان الصين ترفض الموقف الروسي وترى انه لابد من احترام سيادة الدول بالإضافة إلى انها قدمت مساعدات الى اوكرانيا وهذا يؤكد ان الصين تبحث عن مصلحتها اولا حتى لو كانت تملك علاقات جيدة مع الروس لكنها تقدم نفسها إلى العالم انها يمكن ان تلعب دورا جيدا في اي نزاع وتستخدم الدبلوماسية الصينية وربما نشهد قريبا دور وساطة صينية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وهذا الذي طلبه بايدن من شي جينبينغ في ظل المخاوف الامريكية من التجارب النووية التي تقوم بها كوريا الشمالية وآخرها منذ يومين التجربة النووية السابعة لها .

العالم بحاجة الى هدوء اكثر في ظل تراجع وانكماش اقتصادي حاد وايضا يظل ملف المناخ محور العالم لإنقاذ البشر من الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتتحمل الولايات المتحدة والصين والدول الصناعية الكبرى ٨٠ في المائة من المسؤولية وهي التي يجب ان تدفع تكاليف تعويض الدول المتضررة من الانبعاثات الكربونية والتي ادت الى تدمير دول كثيرة فقيرة .

الصين التنين القادم الذي سوف يسيطر على اقتصاد العالم شاء من شاء وابى من ابى لكن الولايات المتحدة تحاول تعطيل الصين وتفرض ضرائب عالية على منتجاتها وترى انها تمثل تهديدا كبيرا للصناعات الامريكية وتلعب الصين على ضرب المنتجات الامريكية وهذا اثر على الصناعة في الولايات المتحدة التي ترى ان الصين تسرق حقوق الملكية الفكرية وتنتج منتجات امريكية مكتوب عليها صنع في الصين .

التواصل الذي حدث بين بايدن وشي جينبينغ لاكثر من ثلاث ساعات وتم الحديث فيه عن كافة الملفات بشفافية وبصراحة وربما يستمر هذا التواصل قائم لكن ماذا لو جاء رئيس جديد بعد بايدن وهذا الرئيس ربما يكون ترامب ؟!..إذا حدث هدوء في العلاقات بين بايدن وشي لكن هذا الهدوء ربما يكون مؤقتا مع رحيل بايدن عن البيت الابيض ومجيئ رئيس جديد .

التنافس بين الولايات المتحدة والصين سوف يظل قائما ولا اعتقد ان الامواج سوف تكون هادئة لكن سوف تظل الصين تواصل طموحها الاقتصادي بالمد الصيني في كافة انحاء العالم وسوف تشهد نظام عالمي جديد وامبراطورية كبيرة للتنين الصيني الذي سوف يكون رقم واحد بدلا من الولايات المتحدة .

العالم اليوم يتحدث لغة واحدة وهي لغة الاقتصاد ولكي يظل الاقتصاد مستقرا وينتعش يحتاج إلى استقرار سياسي وامني وعسكري ولذلك التواصل الذي حدث بين الصين والولايات المتحدة على هامش قمة العشرين هو تواصل يخدم العالم لان الجميع بحاجة إلى الولايات المتحدة والصين وإذا ظل التنافس القائم بينهما دون تواصل سوف يعود سلبا على الاقتصاد العالمي والاهم من ذلك ان الصين والولايات المتحدة يرفضان السلاح النووي وهذا رسالة طمأنة جديدة إلى العالم لكن الصين تثبت انها تفوقت اقتصاديا واستطاعت ان تقول للعالم ان الصين قادمة وان الصين قادرة على تشكيل نظام عالمي جديد تكون الكلمة الاولى والاخيره لها لكن ماذا عن الولايات المتحدة والقوى الغربية ؟..وماذا سوف يفعلون امام المد الصيني ؟.

الايام والسنوات القادمة سوف تكشف المزيد والمزيد من الاحداث ومن سيكون الاقوى ومن سوف يتراجع ومن سوف يغيب عن المشهد .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …