الرئيسية / الآراء والمقالات / احسان بدرة يكتب : وعد بلفور المشؤوم. وعد أسّس لمأساة القرن٠٠

احسان بدرة يكتب : وعد بلفور المشؤوم. وعد أسّس لمأساة القرن٠٠

ناشط سياسي واجتماعي وتربوي
ناشط سياسي واجتماعي وتربوي

وعد بلفور المشؤوم. وعد أسّس لمأساة القرن٠٠

“وعد من لا يملك لم لا يستحق”

                                                     2/11/1917م. بقلم/ احسان بدرة – ناشط سياسي واجتماعي وتربوي

رغم أن غالبية الأيام والتواريخ تحمل ذكريات مؤلمة للشعب الفلسطيني الذي تعرض وما زال لأكبر مؤامرة في التاريخ وارتكبت بحقه سلسلة جرائم استهدفت وجوده واقتلعته من أرضه، فالثاني من شهر تشرين الثاني 1917 هو اليوم الأكثر سواداً في تاريخ الامة العربية المتخم بالكوارث التي دخلت الى كل بيت عربي ، واليوم الذي أسّس لانهيار الكيان العربي منذ ذلك العام الى وقتنا الحاضر ، واليوم الذي بسببه استباح الأعداء ولا يزالون أرض العرب ، وتاريخ العرب ، وشرف العرب .

الثاني من شهر تشرين الثاني 1917 هو اليوم الذي تأمرت فيها بريطانيا العظمي على الشعب الفلسطيني من خلال وزير خارجيتها وعد الصهاينة بوطن على حساب شعب يعيش على هذه الارض ، فكان الوعد المشؤوم بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين .

اليوم وبعد قرن وخمس سنوات ، ما زالت الجريمة التي كان ضحيتها الشعب الفلسطيني ماثلة أمام العالم، ولم تزل آثارها ترهق كاهل الشعب الفلسطيني الذي تستمر معاناته ويقدّم التضحيات منذ كتابة ذلك الوعد الأسود ما رضي بالاستكانة أو الاستسلام أو الهوان أو الذل ، فقدّم الآلاف من الشهداء ولايزال ، والأجيال مستمرة في حمل راية تحرير فلسطين .

وامام خطورة ما تعرض له الشعب الفلسطيني ، ما زالت الادارة الامريكية والقوى الاستعمارية التي تساند وتنحاز الى جانب كيان الاحتلال ، تقوم بتعميم الوعد بلفور وبطرق مختلفة الى المنطقة .

وعدا جائرا وأطلق عليه “وعد من لا يملك لم لا يستحق”, هو من أسس لقيام دولة الاحتلال واعلانها ليل 15/5/1948م , حيث ساهم وعد بلفور بشكل فعلى على اقامتها على حساب الشعب و الأرض الفلسطينية , وفى حينها ساعد الدعم اللامحدود سياسيا وماليا ولوجستيا الذى تلقاه اليهود آنذاك على تنظيم صفوفهم و هجرتهم صوب فلسطين بمجموعات منتظمة دون أى عقبات متزامنا قدوم اليهود مع وجود جيش الانتداب الإنجليزي على ارض فلسطين ما سهل كثيرا عليهم. 

ان المؤامرة على القضية الفلسطينية لا تزال مستمرة منذ وعد بلفور المشؤوم إلى يومنا هذا؛ من خلال التواطؤ والصَّمت الدولي مع الاحتلال الصهيوني وهو يمارس أبشع أنواع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني وأرضه، وسياسة ازدواجية المعايير والانحياز الفاضح للاحتلال وأجنداته وأهدافه. وعلى الرّغم من ذلك كلّه، فإنَّ الشعب الفلسطيني بقي صامداً مرابطاً مدافعاً عن أرضه ومقدساته متمسكاً بحقوقه ، لم ولن يرضى بأيّة حلول ولم يتنازل عن ذرة من أرضه أو جزء من مقدساته.

فالوعد رغم صغر حجمه شكلا إلا أنه كان سببا في معاناة عظيمة عاشها الفلسطينيّون ولا يزالون إلى يومنا هذا، وربّما يكون من آخر محصّلاته التهديد الأخير من الصهاينة بترحيل كلّ الفلسطينيّين من أرضهم مجدّدا ومازال الشعب الفلسطيني يعاني من هذا الوعد وما تلك السياسية الهمجية المستمرة والمتكررة بحق ابناء الشعب الفلسطيني من قتل وتدمير واعتقالات وتهويد الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية واغلاق المسجد الاقصى الشريف في وجه المصليين وبل العمل على تقسيمه زمانيا وجغرافيا واستباحة الضفة الغربية من قبل قوات الاحتلال ليل نهار والعدوان المتكرر على قطاع غزة واثاره مازالت مخيمة بظلالها على الواقع تلك السياسة هي بمثابة تطيبقاعملي لذلك الوعد الذي اصدرته حكومة بريطانيا عندما كانت منتدبة على فلسطين روغم بطلانه قانونيا واخلاقيا وانسانيا لأنه اعطي حق لمن ليس له هذا الحق.  

و لقد كان للتنافس الاستعماري والإمبريالي على السيادة والمصالح الاستراتيجية دور في تغير الخريطة السياسية في المنطقة العربية وبالذات في فلسطين تلك البقعة الصغيرة جغرافيا والكبيرة معنويا لكثير من الشعوب والامم ولذلك كان عامل الوقت مهم جدا تلك الدول الاستعمارية كي تسيطر على مجمل المنطقة العربية واهم نقطة كانت فلسطين حيث من سيطير عليها يمتلك المنطقة برمتها.

وكان لفرنسا موطأ قدم في فلسطين بعلاقتها مع المسيحيين الكاثوليك هناك وروسيا بعلاقتها بالأرثوذكس فإنّ بريطانيا لم يكن لها من بين السكّان الأصليّين حليف، وهو ما جعلها تسعى إلى أن تعقد تحالفا مع الصهاينة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإنّ موقع فلسطين الاستراتيجي كنقطة التقاء لثلاث قارات وسعي ألمانيا وروسيا وفرنسا إلى تعزيز مواقعهم إما بمدّ شبكة القطار من برلين إلى بغداد أو بالسيطرة على البوسفور أو بمحاولة السيطرة على منطقة الشام ككلّ، كلّ ذلك جعل بريطانيا تفكّر بجدية في بسط النفوذ على فلسطين حتى تضمن عدم تحوّلها إلى أيادي أخرى بعد الحرب، وبالتالي تضمن مصالحها الاستراتيجية لفترة طويلة.

لهذا كان هذا الوعد من قبل بريطانيا خائنة العهد هذه هي الأسباب الرئيسيّة لهذا الوعد وليس أي شيء آخر. حيث إنّ “بلفور” لم يكن يفكّر في مأساة اليهود الإنسانيّة، بل على العكس من ذلك فإنّه رفض التدخّل لدى الروس لمنعهم من اضطهاد اليهود، كما أنّ مساهمة اليهود في دعم بريطانيا في الحرب كانت محدودة ومقتصرة على بعض اليهود غير الصهاينة كما تشير الأبحاث التاريخيّة حيث كان اصدار الوعد تعارض المصالح الاستعمارية وسعي كل دولة السيطرة ومنع نفوذ الاخرين في المنطقة وبسبب هذا الوعد الظالم المجحف بحق الشعب الفلسطيني فان الفلسطينيين وقد حرموا طوال عقود طوال من الزمن وما زالوا من أبسط حقوقهم الإنسانية والوطنية والسياسية جراء نكبتهم التي كان للسياسة البريطانية والى يومنا هذا ودولة الاحتلال تمارس نفس السياسة القديمة الحديثة التي من خلالها ادرك المشروع الصهيوني في وقت مبكر من تعامله مع القضية الفلسطينية، اهمية تجزيء القضية والشعب الفلسطينيين، من اجل الوصول الى اهدافه في الاستيطان والتهويد. ومن جملة المشاريع التي تم تداولها، بدعم من الغرب، توطين اللاجئين الفلسطينيين. 

إنّ وعد بلفور ليس مقدّسا، وأنّه يجب العودة إليه والتراجع عمّا ورد فيه والاعتذار للشعب الفلسطيني عمّا عاناه بسببه من كوارث. 

ختاما في ذكرى وعد بلفور نقول ان مجابهة الهجمة الامبريالية الصهيونية وكافة المؤامرات التي تحاك للفضية الفلسطينية ولعموم المنطقة، تتطلب تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وانهاء الانقسام بشكل فعلي وعملي على ارض الواقع وتمكين حكومة الوفاق من العمل بشكل عملي في قطاع غزة كي يتم الاعمار وانهاء المشاكل في القطاع. وكذلك مطلوب فلسطينا الثبات والتوافق على مواقف وطنية تصب في الصالح العام والبعد عن حزبية المصالح المشتركة في التصالح وكذلك مطلوب عربيا التقدم في المواقف والتضامن والتكامل العرب واتخاذ قرارات تكون بحق مسؤولة وتعبر عن الحق الفلسطيني وتدافع عنه واقعيا وعملي وتكون ورقة مساومة مع دولة الكيان وكذلك مع الادارة الامريكية وكافة الدول الداعمة للكيان الصهيوني. 

بالطبع هذا ليس حلما ليليا وانما ضرورات واقعية ومتطلبات مرحلة وضمانة لبقاء الأمة العربية والا سنكون أمام حلقات تآمريه جديدة هي نسخ كربونية عن وعود بلفور عديدة واتفاقيات سايكس بيكو كثيرة ، رغم أن وعد بلفور ســبق ولو بحلقات تآمريه كثيرة ، نعم وعد بلفور كان حلقة في سلسلة تآمريه على فلسطين والعالم العربي ، لكن نقول ان الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه الوطنية المشروعة حتى تحقيق اهدافه في الحرية والاستقلال والعودة .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

كاتب ومحلل سياسي 

دكتوراة في القانون العام جامعة محمد الخامس المغرب 
محاضر في جامعة الأزهر - فلسطين

إبراد إبراهيم ابراش يكتب : الانتصار الذي تسعى له حركة حماس

الكاتب إبراهيم ابراش الانتصار الذي تسعى له حركة حماس بعد أن ساعدت حركة حماس إسرائيل، …