الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : أهمية الغاء الاعتراف

عمر حلمي الغول يكتب : أهمية الغاء الاعتراف

عمر حلمي الغول

أهمية الغاء الاعتراف

عمر حلمي الغول

خطت حكومة رئيس الوزراء الأسترالي، انتوني البانيز خطوة بالاتجاه الصحيح عندما قررت يوم الاثنين الماضي الموافق 17 أكتوبر الحالي سحب اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبقاء سفارتها في تل ابيب، إدراكا منها، ان ما اتخذته حكومة رئيس الوزراء اليميني السابق، سكوت موريسون عام 2018 بهذا الشأن، متساوقا انذاك مع صفقة القرن، التي دشنها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب في 6 ديسمبر 2017 اخل بالموقف الأسترالي التاريخي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعكس نفسه سلبا على علاقات الدولة الاسترالية مع الشعب العربي الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية. لا سيما وان الشعب الأسترالي يرتبط بعلاقات إيجابية منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي مع الشعب الفلسطيني.

جاء تراجع الحكومة الاسترالية الحالية في لحظة سياسية مهمة، خاصة وان العالم يموج بالتحولات الدراماتيكية والعاصفة بالمنظومة السياسية الدولية، كما انه مؤشر يشي بان القضية الفلسطينية مازالت تحظى باهتمام دول ذات وزن سياسي وديبلوماسي هام. وهذا التحول النسبي، لم يأت من فراغ، انما نتاج جهود القوى الاسترالية الديمقراطية الفاعلة، والمؤيدة للحقوق الوطنية، والداعمة لخيار السلام، والرافضة لعملية التغول الإسرائيلية. كما ان الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية، وتجاورها مع اكبر دولة إسلامية (اندونيسيا) وغيرها ساهم في النقلة الإيجابية.

وعكست هذا الموقف وزيرة الخارجية الاسترالية، بيني وونغ في بيان جاء فيه، انها “تؤكد من جديد موقف استراليا السابق والطويل الأمد بأن القدس، هي مسألة مرتبطة بالوضع النهائي، وينبغي حلها كجزء من أي مفاوضات سلام بين إسرائيل والشعب الفلسطيني.” وبالتالي ان هذا يعني “سحب اعتراف حكومة (رئيس الوزراء السابق) موريسون بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل.” وأضافت قولها “كانت السفارة الاسترالية دائما، ولا تزال، في تل ابيب.” مؤكدة التزام “استراليا بحل الدولتين، الذي تتعايش فيه إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية، في سلام وأمن، داخل حدود معترف بها دوليا، ولن نؤيد نهجا يقوض هذا الاحتمال.”

وفي اعقاب هذا الموقف الرصين لحكومة البانيز، استدعت الخارجية الإسرائيلية السفير الأسترالي للاحتجاج على التراجع عن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. كما ان يئير لبيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي عبر عن استيائه وامتعاضه من “الموقف المتسرع” للحكومة الاسترالية. وكردة فعل اكد رئيس حكومة تسيير الاعمال الإسرائيلية، ان “القدس هي العاصمة الأبدية الموحدة لإسرائيل، ولا شيء سيغير ذلك.” وفق البيان الصادر عن مكتبه. وهو إصرار على إدارة ظهر واضحة لخيار السلام عموما، وحل الدولتين خصوصا، الذي ادعى امام منبر الجمعية العام مؤخرا، انه يؤيده؟!  

وبادر العديد من السياسيين والعسكريين والإعلاميين والأحزاب وممثلوهم في إسرائيل الاستعمارية في تسجيل استياءهم من الخطوة الاسترالية الصغيرة، لكنها الهامة والضرورية، وعبروا عن غضبهم، واستنكارهم للسياسة الاسترالية القديمة الجديدة. والعكس صحيح على المستوى الفلسطيني حيث رحبت القيادات الفلسطينية بمستوياتها المختلفة بالموقف الأسترالي، واعتبرته دعما واسنادا لحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وفي نفس الوقت لخيار السلام، الذي عملت، وتعمل إسرائيل على تدميره، وتصفيته كليا.

نعم الموقف الأسترالي في هذه اللحظة الخطيرة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يعتبر ضروريا، وهاما. لانه جاء كرد طبيعي على جرائم حرب دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، ورفضا لسياساتها العدوانية، ولتغول جيشها وقطعان مستعمريها على أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وانتصارا لخيار السلام، الذي تكاد تكون الدولة الصهيونية قضت عليه، وجردته من ابسط مكوناته وحضوره نتاج السياسات الصهيونية أحادية الجانب، والتي لم تتوقف لحظة في مواصلتها ابشع عمليات التهويد والمصادرة والتطهير العرقي والقتل والاعتقال للأطفال والنساء والشيوخ .. وغيرها من الانتهاكات الخطيرة، التي امست تهدد أبناء الشعب في مدنهم وقراهم ومخيماتهم، وتستبيح امنهم وحقولهم ومعابدهم وخاصة الحرمين القدسي والابراهيمي الشريفين وكنيسة القيامة، ولا تتوانى عن ارتكاب مطلق جريمة ضد الشعب الفلسطيني مع دخول المنافسة الربع ساعة الأخيرة على مقاعد الكنيست ال25، كون كافة القوى الصهيونية تعتبر تفوقها على خصومها السياسيين يكمن في مدى تغولها وقتلها من أبناء الشعب الفلسطيني.

شكرا لحكومة البانيز بكل مكوناتها، وشكرا للشعب الأسترالي ومواقفه المتزنة والرصينة، ولتكتمل الخطوة الجديدة تحتاج استراليا للتقدم خطوة إضافية، تتمثل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لتكرس دعمها ومساندتها لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. فهل تفعلها وتنتصر لخيار السلام والعدالة النسبية؟ الكرة في ملعب حكومة البانيز

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : 200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل

200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل بقلم  :  سري  القدوة الخميس 25 …