الرئيسية / الآراء والمقالات / ناهض زقوت يكتب : قراءة في موسوعة الرحالة الفلسطينية للأنساب

ناهض زقوت يكتب : قراءة في موسوعة الرحالة الفلسطينية للأنساب

ناهض زقوت

قراءة في موسوعة الرحالة الفلسطينية للأنساب

الكاتب والباحث/ ناهـض زقـوت

تشكل الموسوعة عالماً متفرداً من الابداع، سواء قام بها فرد أو أفراد، لأن الموسوعة تعد مرجعاً هاماً للباحثين والدارسين لما تحتويه من معلومات تتعلق بتخصص معين أو في عدة تخصصات من المعرفة، كما أنها تساهم في توثيق وجمع المعارف الانسانية والتاريخية والثقافية. وقد أكد العديد من الباحثين على أهمية الموسوعات في تقديم المعلومات والمعارف والحقائق.

في هذه الموسوعة التي بين أيدينا ونحتفل اليوم بإصدارها (موسوعة الرحالة الفلسطينية للأنساب) للباحث المؤرخ مجدي رمضان العايدي، نقف أمام موسوعة متخصصة في مجال الأنساب، ولكنها أيضاً تقدم التاريخ العربي والفلسطيني منذ فجر التاريخ. 

يعد الباحث مجدي العايدي باحثاً متميزاً في التاريخ وعلم الأنساب، وقد وضع العديد من الكتابات والمؤلفات في جانب الأنساب والتاريخ الفلسطيني القديم، وكان لنا في مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق لقاء مع الباحث في حفل توقيع كتابه الأول “بنو عايد: الأنساب وسير الأجداد” عام 2017. كما صدر له كتاب “سلائل الأمة في الأرض المباركة: دراسة تاريخية لسلائل العرب في الشام وفلسطين القديمة” عام 2021، وموسوعة جذور الأعزة في بلاد غزة. 

أن ما جاء في الموسوعة من معلومات تاريخية ومعارف علمية تبقى رؤية باحث استند فيها إلى مراجع وكتابات تناولت فترات التاريخ المختلفة، وقد خضعت هذه الموسوعة كما علمت من الباحث بعد اعدادها للمراجعة والتحقيق من عدد من الباحثين المتخصصين سواء في الوطن الفلسطيني أو البلدان العربية، لكي يؤكد رؤيته في الموضوعات المطروحة من الناحية التاريخية، وحقيقة الأنساب التي ارتبطت بها العائلات الفلسطينية التي يرجع الباحث أصولها إلى الجزيرة العربية منذ العهود القديمة.

وفي هذه النقطة بالذات فيما يتعلق بأصول الانتساب، لا يعني انتفاء الهوية الفلسطينية الكنعانية عن العائلات الفلسطينية، كما تروج الدوائر الصهيونية، بل كان مسعى الباحث إلى تأكيد عروبة هذه العائلات وأصولها العربية، وبانتقالها منذ فجر التاريخ إلى الأراضي الكنعانية الفلسطينية أصبحت صاحبة الأرض والوطن، وليس دخلاء على الوطن، فهم الذين شكلوا الحضارة والثقافة والتاريخ الكنعاني الفلسطيني سواء على الساحل الفلسطيني أو في الشمال الفلسطيني فيما كان يسمى سوريا أو بلاد الشام، فلم يكن آنذاك حدوداً أو تقسيمات سايكس بيكو. 

تقع الموسوعة في أربعة أجزاء، وقد اشتملت على (3527) صفحة من القطع الكبير، وهي من منشورات مركز الرحالة الثقافي. وهذه النسخة التي بين أيدينا الآن هي نسخة وحيدة طبعها الباحث بإمكانياته الذاتية، لأن تكلفة طباعتها عالية جداً، ولكن حسب ما أخبرني أن هناك من سيدعم المشروع لطباعة عدد من النسخ لتكون في المكتبات الجامعية والعامة وبين أيدي الباحثين والدارسين.

الجزء الأول/ علم الأنساب:

ينقسم الجزء الأول إلى ستة فصول كل فصل يتناول موضوعاً يتعلق بعلم الأنساب. حيث يتحدث في القسم الأول عن علم الأنساب وتعريفه وأهميته، وعن العرب من حيث جذورهم ولغتهم وألسنتهم ولهجاتهم وحضارتهم، وأنواع النسب وحدوده، والمصطلحات المتعلقة بعلم الأنساب، ومشروعية علم الأنساب وأصوله وأهميته، وقواعد علم الأنساب، وطرق إثبات النسب ونفيه، وطرق تصنيف عِلم الأنساب، اهتمام العرب والاسلام والعلم الحديث بعِلم الأنساب، ومنهجية علم الأنساب وتوثيقه، والضوابط الهامة في علم الأنساب، رواة الأنساب والتاريخ، وطبقات الأنساب عند العرب والفلسطينيين.

وفي الفصل الثاني يتناول أصل البشرية من حيث سلائل العرب في الشام وفلسطين منذ آدم عليه السلام، ومتحدثاً عن الجزيرة العربية والعالم القديم ونسل الإنسان وآثاره، والمهد الأول للبشرية قبل الطوفان، وموطن البشرية الأصلي بعد الطوفان، وعلاقة البناء بالموطن والإنسان، والأعراق والأجناس البشرية، ومفهوم القوم والأمة ودلالات الأمة العربية، وسلالات البشر تقسيم البشر حسب سلائلهم، والروايات والأقوال في الأنساب وسلالات البشر، ودحض الروايات المحرفة، والتسلسل الزمني للرسل والأنبياء، وقبائل العرب وتوزيعها وأقسامها، والعرب في أرض الشام وقبائلهم الكنعانية، والقبائل الفلسطينية وأصولها.

وفي الفصل الثالث يتحدث عن موضوعات علمية تتعلق بالبصمة الوراثية أو (الحمض النووي) المعروف بـ(DNA) من حيث طرق انتقال البصمة والصفات الوراثية، ومجال العمل بالبصمة الوراثية، وموقف العلماء من البصمة الوراثية، ويخوض في غمار الفرق بين علم السلالات وعلم فحص الأبوة، وضوابط اجراء تحليل البصمة الوراثية، والنتائج المتوقعة للفحص، ويناقش مسألة في غاية التعقيد وهي أنواع السلالات البشرية في نتائج الحمض النووي، وخارطة السلالات العربية في نتائج الحمض النووي، ويؤكد عدم اثبات علم الجينات “DNA” لقدماء الموتى، ومثبتات الإسقاط الجيني للتحورات البشرية.

وتناول في الفصل الرابع دلالات لفظة العرب وجنسهم وموطنهم، والعرب من أبناء نوح عليه السلام، وألسنة العرب والرطانة واللغة العربية “لغة العرب ولسانهم”، والأمة العربية تعريفها ومكوناتها من العرب والعجم والأعراب، والعروبة والسامية، وتكوين حضارات العرب القدماء وممالكهم في وسط الجزيرة العربية وفي جنوب الجزيرة العربية.

أما الفصل الخامس يتحدث عن العرب في شبه الجزيرة العربية، جذورهم وأقسامهم ونسبهم وطبقاتهم، والعرب العدنانيون وأقسامهم من قبائل مضر بن نزار، وقبائل ربيعة بن نزار، والعرب السبئيون “القحطانيون” وأقسامهم من قبائل حِمْيَر بن سبأ، وكهلان بن سبأ، وقبائل قضاعة، ونسب العرب الصريح لإسماعيل عليه السلام، ونسب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وجاء الفصل السادس معبراً عن الاستشراق التوراتي من خلال تعريف الظاهرة الإستشراقية وتحديدها ومظاهرها ومميزاتها، وعمليات تزوير التاريخ وتحريف تاريخ الأمة وتراثها، وبالتالي تزوير الأعراق والسلالات، ودور المستشرقين وعلم الآثار في فلسطين، والروايات التوراتية والأسفار اليهودية في الاستشراق، وأُكذوبة التواجد اليهودي في فلسطين، وانتقال يهود الخزر من القوقاز إلى فلسطين.

الجزء الثاني/ سلائل العرب:

جاء هذا الجزء في أربعة فصول يتحدث فيه عن سلائل العرب في بلاد الشام وفلسطين. يتناول في الفصل الأول عن العرب الفانية بأرض الشام، موزع على عدة عناوين: مكونات الجزيرة العربية، والعرب الأوائل بأرض الشام، والعرب الكنعانيون وآلهتهم وقبائلهم، والاسم الأصلي لأرض كنعان (شام)، ويؤكد أن الكنعانيين والآموريين هم شاميون وسكان بلاد الشام الأصليين، وجغرافيا بلاد كنعان “الشام” وحدودها, وقبائل وأقوام عربية وغير عربية أقامت بجوار أرض كنعان.

وفي الفصل الثاني يتحدث عن العرب الإسماعيليين في بلاد الشام حيث يبدأ من جدهم اسماعيل ونسبهم الصريح له، وموطنهم وقبائلهم في فلسطين وبلاد الشام، وسبأ بنو ماء السماء في الكشوفات الأثرية، ونسبهم لبني اسماعيل، وموطن السبئيون الأول في بلاد الشام، ومملكة سبأ الإسلامية العربية، وحكمة الله في سبأ، والسبئيون سلائل العرب في الشام وفلسطين.

وجاء الفصل الثالث متحدثاً عن العرب الفلسطينيون في بلاد الشام، من اسم فلسطين الأرض المباركة والأقوام التي سكنوها، إلى الروايات في أصل الفلسطينيين، ومدنها وإماراتها القديمة وآلهتهم، والفلسطينيون ورثة الكنعانيون، وفلسطين في العهود القديمة والأسفار اليهودية، والفلسطينيون سلائل العرب في الشام، والحقد اليهودي على العرب والهوية الفلسطينية، والفلس طيء، والفلس الصنم والمعبود الثمودي ثم الطائي, الفلس أول أبجدية نجدية عربية، وقبائل من طيء والفلس في الشام بجوار أشدود، وفلسطين وتسمية العرب الطائيين ومعبودهم, وفلسطين في عهد هيرودوتس والإغريق والرومان، والفلسطينيون العرب قبل البعثة النبوية.

أما الفصل الرابع يتناول القبائل العربية في فلسطين وأقسامها قبل الفتح الإسلامي وفي العشرة قرون الأولى للهجرة، وفلسطين في ظل الخلافة الإسلامية، والقبائل العربية السبئية التي سكنت فلسطين (كهلان, وحِمْيَر)، والقبائل العربية العدنانية التي سكنت فلسطين: (بنو كنانة, وقيس عيلان, وربيعة)، وقبائل أقضية فلسطين العربية بعد القرون العشرة الأولى للهجرة حتى النكبة عام 1948م (قبائل قضاء بئر السبع , قبائل قضاء القدس والخليل, قبائل قضاء الرملة, قبائل قضاء طبرية, قبائل قضاء صفد, قبائل قضاء بيسان, قبائل قضاء عكا, قبائل قضاء حيفا, قبائل قضاء الناصرة, قبائل قضاء يافا, قبائل قضاء جنين, قبائل قضاء نابلس, قبائل قضاء غزة).

الجزء الثالث/ عائلات قطاع غزة:

وفي هذا الجزء يتحدث عن عائلات قطاع غزة وبلداتهم حتى عام 1948، متناولاً تاريخ غزة وحضارتها وسكانها ومكانتهم التاريخية والجغرافية. وذلك في ستة فصول، فنجد في الفصل الأول اسم غزة وبلادها وجذورها وأصولها وتاريخها وحضارتها، والتأكيد على عروبة غزة هاشم واسلاميتها، وتقسيماتها الادارية من لواء وسنجق غزة إلى قضاء غزة. وفي باقي الفصول يتناول بلدات (غزة، والرملة، ويافا، وبئر السبع) وأسماء عائلاتها المهجرة عام 48.

الجزء الرابع/ معجم القبائل والعشائر والعائلات:

شكل هذا الجزء معجماً للقبائل والعشائر والعائلات في فلسطين، وقد قسمه إلى خمسة أقسام حسب الحروف الأبجدية، ومرتباً أسماء القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية، ويشير أنه جمع ووثق لأكثر من 15 ألف عائلة, وتم التحقيق من أنساب وأصول أكثر من خمسة آلاف عائلة وفق المنهج العلمي وأصول التحقيق في علوم الأنساب, وسوف يكمل بحثه في أنساب وأصول باقي العائلات.

إن موسوعة الرحالة الفلسطينية للأنساب عمل موسوعي ضخم وجهد كبير قام به الباحث حيث وثق لكل ما يتعلق بأنساب العرب وخاصة فلسطين منذ عهدها القديم، وهو جهد فردي في حين أنه يحتاج إلى مؤسسة تقف خلف هذا العمل الكبير، ولكن الباحث أخذ الأمر والعمل على عاتقه وقام بهذا العمل لخدمة التاريخ الفلسطيني وتحقيق الأنساب العربية والفلسطينية، ولتأكيد الحقوق الفلسطينية، بما ينسجم مع الرواية الفلسطينية حول الحق الفلسطيني في وطنهم وأرضهم. 

****

ألقيت هذه القراءة في الاحتفال الذي نظمه مركز الرحالة الثقافي لإشهار الموسوعة في قاعة بلدية دير البلح.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : 200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل

200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل بقلم  :  سري  القدوة الخميس 25 …