الصباح الفلسطينية
مقالات مشابهة
فن الاختلاف
مروان مشتهي
يعتبر الاختلاف في وجهات النظر ظاهرة صحية تَغلب على المجتمعات المتحضرة؛ وبنفس القدر فهي تعتبر بمثابة نقمة تواجه المجتمعات الرجعية؛ فينبغي عليك المسارعة في تعلم فن الحوار مع الآخرين من خلال بناء مهاراتك وذاتك بشكلٍ سليم، أما إذا كنت منشغلاً في هدم غيرك فلن تجد متسعاً من الوقت في بناء نفسك.
وعادةً ما تختلف وجهات النظر باختلاف الأشخاص وتوجهاتهم وطريقة تفكيرهم، ولكي تستطيع الاستفادة القصوى من تلك التناقضات والاختلافات ينبغي عليك الأخذ بالحسبان قاعدة أساسية تتمثل بأنني لست أنت، وأنت ليس أنا ، والتخلي التام عن محاولة فرض وجهة نظرك على الآخرين بالإكراه .
وتعتبر التعددية الفكرية من متطلبات الحوار البناء، فليس شرطاً أن تكون قناعاتنا واحدة؛ فالإختلافات في وجهات النظر تخلق الإبداع والتميز، فما تراه صحيحاً قد أراه خاطئاً، وتبقى لغة الحوار والتطبيق العملي على أرض الواقع هي الفيصل في اثبات صوابية توجهات كلانا.
كما تجدر الإشارة؛ بأنه ليس من الضروري أن ترى ما أرى، فبعض المهمات قد تصلح لك بينما لا تصلح لي، فتلك قدرات ومهارات يجب أن نعترف بها، فالناس مذاهب في أذواقها وقناعاتها فما تحبه قد لا يثير اهتمامي، وما يزعجك قد يكون لاشيء بالنسبة لي، وقد تكون أفكارك من وجهة نظرك بنّاءة وجديرة بالثقة، بينما من وجهة نظري لا تستحق أن تطلق عليها كلمة فكرة.
من أجل إكتمال الفكرة مجدداً، فلا أنا أنت، ولا أنت أنا، ولكننا مجبرين على التعامل والتكامل والحوار فيما بيننا، كما يجب أن تقبلني كيفما أكون لكي أقبلك كما تكون، فعادةً ما يعطي اختلاف الألوان جمالاً للوحة، فعاملني كما تعامل اختلاف الألوان؛ كي أبادلك نفس الشعور، فأنا وأنت جزء من كُلّ في منظومة متكاملة الجوانب والأركان.
كما يجب التسليم التام أن الناس لا تفكر بطريقة مماثلة مما يتطلب عدم قتل الإبداع، أو تحقير عمل الآخرين، بل ازرع فيهم الحب وروح العمل الجماعي، وتخلص من كلمة أنا واستبدلها بنحن، وابحث عن الجانب المضيئ في شخصيتك، وركز على مواطن الجمال فيها ودعك من توجيه النقد اللاذع وتصيد عثرات الآخرين.
من ناحية أخرى لا تترك الابتسامة فهي مفتاح القلوب المغلقة، وانظر للناس باحترام وتقدير، فالعمل يحتاجني أنا بنفس القدر الذي يحتاجك أنت حتى ننجز كلانا مهماتنا بالشكل المطلوب بأقل وقت وجهد، فالحياة تتسع للجميع، فيتحتم عليك أن تغير من نفسك ولكن لا يمكنك أن تغيرني حسب أهوائك، فأنا لي كينونتي الخاصة التي تفرض عليك تقبل اختلاف الآخرين.
