الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : بيعوا اعتذاركم في سوق النخاسة

عمر حلمي الغول يكتب : بيعوا اعتذاركم في سوق النخاسة

عمر حلمي الغول

بيعوا اعتذاركم في سوق النخاسة

عمر حلمي الغول

أخيرا بعد ضغوط دولية وفلسطينية اعترفت حكومة لبيد غانتس بجريمة اغتيال ايقونة القدس وفلسطين، شيرين أبو عاقلة في الحادي عشر من مايو / أيار الماضي في جنين، ولكن لتغطي عار جريمتها، ولتتهرب من المسؤولية الكاملة عن قتل شهيدة السلام والكلمة الإعلامية الصادقة والمحايدة والمهنية، ادعى احد جنرالات إسرائيل، ان الجيش يرحج ان تكون شيرين قد قتلت بنيران “خاطئة” اطلقها جندي إسرائيلي، ودون ان ينفي فرضية مقتلها على يد مسلحين فلسطينيين.

ورغم ذلك يعترف ويقر ذات الضابط اول امس الاثنين في لقاء مغلق مع الإعلاميين الاجانب لاحاطتهم بنتائج التحقيق في واقعة اغتيال الإعلامية الفلسطينية الأميركية، بان التحقيقات خلصت الى انه من المحتمل ان يكون الجندي الإسرائيلي اطلق عليها الرصاص دون قصد، نافيا استهدافها عمدا. وعبر ذات الضابط في إقرار واضح عن ارتكاب ذات الجندي او الضابط المسؤولية عن الجريمة البشعة، قائلا ، ان الجندي الذي اطلق النار عبر عن “اسفه”، وقال “انا آسف لذلك أيضا” وتابع “لم يفعل ذلك عن قصد، هذا واضح تماما.” وطالما اعترف واعتذر وتاسف، اذا هو القاتل. اذا لماذا التأتأة والتأويل ووضع الفرضيات الملتبسة، وحمالة الأوجه؟

طبعا رفضت القيادة الفلسطينية وعائلة المغدروة، شهيدة الحرية والسلام والكلمة الصادقة نتائج التحقيق الإسرائيلي، لانه لا يمت للحقيقة بصلة. وطالبت عائلتها بضرورة قيام المحكمة الجنائية الدولية باجراء تحقيق شامل، فور صدور البيان الإسرائيلي الكاذب والمتناقض مع الحقيقة، ومع كل التحقيقات التي أجريت منذ اربع شهور خلت، والتي قامت بها لجنة فلسطينية مختصة، وأيضا قامت لجنة من قناة الجزيرة، التي تنتمي لها شيرين، وأكدت على المسؤولية الكاملة والمتعمدة في قتلها لقوات الجيش الإسرائيلي المقتحم لمخيم جنين في ذلك اليوم.

نتائج التحقيق الإسرائيلي جاءت منسجمة مع المنهجية الاجرامية للجان تحقيقها المتعاقبة، كما هي العادة بانتهاج أسلوب الالتفاف على الوقائع، والتغطية على جرائم الحرب، التي يرتكبها ضباط وجنود جيش الموت الاسرائيلي وقطعان المستعمرين للتهرب من المسؤولية امام المجتمع الدولي، ولرفضها من حيث المبدأ وجود لجان دولية لتقصي الحقائق عن تلك الجرائم، جريمة اغتيال أبو عاقلة. وكما يعلم الجميع منعت إسرائيل العديد من لجان تقصي الحقائق الدولية من الوصول لفلسطين للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية. وبالتالي على إسرائيل ان تبيع اعتذار القاتل في سوق النخاسة، لانه لا يساوي شيئا، وهو محاولة فاشلة للتهرب من المسؤولية الكاملة عن الجريمة.

ولكن على المجتمع الدولي بكل اقطابه ومنابره الأممية وخاصة الأمم المتحدة ممارسة المزيد من الضغط لالزام حكومة التغيير بالسماح للجنة تحقيق دولية نزيهة وشفافة للتحقيق في اغتيال ايقونة فلسطين، وخاصة لجنة من محكمة الجنائية الدولية، أولا للتحديد بشكل قاطع عمن يتحمل المسؤولية دون الالتفاف او التعويم والغموض؛ ثانيا لمحاكمة الضابط او الجندي الذي ارتكب الجريمة، لانه ارتكبها عن سابق تصميم وإصرار، ولم تكن عملية عفوية، او غير مقصودة؛ ثالثا لاعادة الاعتبار لروح شهيدة الكلمة المهنية والصادقة أبو عاقلة؛ رابعا لتكون بمثابة اول محاكمة اممية علنية لدولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية، وأيضا لشق طريق العدالة النسبية بعد 74 عاما من ارتكاب دولة إسرائيل ما يزيد عن 100 مذبحة ومجزرة بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني العزل والابرياء، ولازالة الغطاء الأميركي الأوروبي الغربي عن الدولة المارقة والخارجة على القانون بقوة القانون؛ خامسا لعل المحاكمة الأممية تكون البوابة التي ينفذ منها المجتمع الدولي لفرض السلام على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وعليه لا يجوز الصمت الفلسطيني والعربي والدولي على عملية الالتفاف المكشوفة والمفضوحة الإسرائيلية، والاكتفاء بما قدمه جيش الحرب والموت الإسرائيلي. لان خلفيته ترتكز على رفض مبدئي لمحاكمة أي مجرم حرب إسرائيلي، مهما كان عدد الذين قتلهم واستباح دمائهم من الفلسطينيين الأبرياء، وهذا ما يفرض على جهات الاختصاص ملاحقة الدولة الإسرائيلية بقضها وقضيضها، وليس الجندي القاتل، بل المستويين السياسي والأمني العسكري، الذين تغولوا في استباحة الدوم الفلسطيني، وايديهم واقدامهم مازالت ملطخة بدم الابرياء. وهي فرصة للمجتمع الدولي ليرتقي للحظة مع شرط العدالة النسبية، ومع قرارات وقوانين ومعاهدات الشرعية الدولية، ولانصاف أبناء الشعب الفلسطيني، ووقف صعود دولة الابرتهايد اكثر فاكثر نحو المزيد من الفاشية والكراهية والحقد ضد أبناء الشعب الفلسطيني العربي خصوصا والعالم عموما.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …