الرئيسية / الآراء والمقالات / الدكتور احمد جبران يكتب : عائد الى القدس

الدكتور احمد جبران يكتب : عائد الى القدس

احمد جبران

 عائد الى القدس

الدكتور احمد جبران( ابو طارق)

من مشارف الولجة اُطِل ياوطني…

فارى القدس تعانق السُحبا

واقصانا ينادي ابناءه 

وعودتنا تتسابق مع الشُهبا

‏‎فلسطين اضحت محررة

‏‎وتاريخها بدمائنا كُتبا

اوراق من الذاكره:

المكان: عمان

الزمان : يوم الاثنين الخامس من حزيران ١٩٦٧

العام الأول للنكسه

العام التاسع عشر من النكبه

في مثل هذا اليوم من يوم الاثنين صباح اليوم الخامس من حزيران من عام ١٩٦٧، وعلى الساعة الحادية عشر ، خرجنا مع بقية ألزملاء، من قاعة فحص ألتوجيهي ( البكلوريا) في كلية ألحسين – عمان، وكان الإمتحان في مادة الجبر، وكانت المفاجأة ان محطة البنزين القريبة من باب الكلية كانت تعج بالناس لتعبيئة سياراتهم من البنزين، وشاهدنا ألضجيج والتنقل شمالاً يميناً للناس، و أثناء خروجنا من القاعة شاهدنا طائرتين إسرائيليتين تخترقان سماء عمان على علو منخفض، واحدة منهن اتجهت نحو مطار عمان (ماركا )، وعلى الفور، شاهدنا سحابة دخان سوداء تنطلق من منطقة المطار، وكان ألناس في الشارع يتناقلون أخباراً قالوا : إنهم سمعوها من “راديو صوت العرب” في القاهرة، مفادها أن مصر أسقطت 100 طائرة إسرائيلية فور نشوب الحرب، صباح ذلك اليوم ألحار، وكما ضمن تقاطع الاخبار وضبابية المعلومات وصل خبر الهجوم ألاسرائيلي على المطارات ألعسكريه ألمصرية وتحطيم مخزون مصر من طائرات الميغ ، وكل منا توجه الى بيته على العجلة لمراقبة الحدث، وتلقي ألاخبار وفي أليوم التالي لم نعد لإكمال ألامتحانات، فقد كان ألوضع أخطر من أي إختبارات، حتى لو كانت تلك إمتحانات تقرر مصيرك وترسم مسار حياتك مثل التوجيهي. فقد أعلن راديو عمّان بعد وقت قصير من خروجنا عن وقف ألامتحانات حتى إشعار آخر وتبَقي يومين من فحص التوجيهي، مادة التخصص العلمي والفيزياء، وعند وسط ألنهار تجمعنا مجموعة من ألشباب بحدود ألخمسين ، وذهبنا إلى مخفر ألشرطه القريب في جبل ألحسين من أجل ان تحْوِلُنا إلى القيادة العسكرية للذهاب الى ارض المعركة، وكما طالبنا بسلاح للهجوم والدفاع ونقلُنا الى القدس للدفاع عن الاقصى ، وكانت المفاجأة انهم طردونا ولم يستقبلونا قائلين ياولاد روحوا على بيوتكم، وأمام إصرارنا طردونا من ساحة المخفر.

وفي أليوم الثاني ٦-٦-١٩٦٧

قمنا مجموعة من ألشباب التجول في جبال عمان ، وحاملين بواريد صيد، تحسُبناً لإنزال مظلين، وفي هذا الصباح اعادت طائرات الاحتلال بقصف مطار عمان ( المطار القديم مطار ماركا) ، وشاهدت بعيني ان طائراتان من طيران ميراج، عادت والدخان يغطي مقدمتها، وعلى وسط النهار تجمعنا مجموعه من الشباب مرة اخرى وذهبنا الى مركز القياده في العبدلي، طالبين سلاح ونقلنا الى الضفه الغربيه للدفاع عن القدس والاقصى ، وكانت النتيجة، انهم طردونا كما حصل بالامس في مخفر شرطة الحسين، وقالوا: روحوا انضبوا ياولاد، وذهبنا نعمل دوريات شعبيه في الحارات بأسلحة لا تغني ولا تسمن من جوع، {بواريدلصيد العصافير (بارودة خردق) }، تحسبنا لانزال مظلين من قوات ديان. 

وبهذه الطريقه امضينا اليوم الثاني من المهزله. 

وعند طلوع شمس اليوم الثالث من النكسه، يوم السابع من حزيران حاولنا كما حصل في اليومين 

  السابقين ، دون نجاح ألذهاب إلى أرض ألمفروض أن تكون أرض المعركة ، وكنا نستمع الى احمد سعيد من اذاعة صوت العرب، الذي كان يصور لنا ويوهم لنا بأن القوات المصرية على ابواب تل ابيب ، وأن ألقوات السورية بقيادة وزير الدفاع والطيران ( حافظ الاسد )، ابو سليمان للمقربين ، قد تُطبق الكماشه على القوات الاسرائليه ، ولكن ألحقيقه كانت أُخرى ، تم الانسحاب من الجولان قبل أن يبداء ألهجوم ألاسرائلي على ألمرتفعات، وتمت ألسيطره ألكاملة على ألجبهة ألمصرية ووصول قوات الافاعي إلى ألضفة ألشرقية لقناة ألسويس، بعد أن إبتلعت غزه وكامل سيناء واستكمال احتلال باقي الاراضي الفلسطينية وتدنيس اقصانا الشريف، وكنا نسمع عن الباخره ليبرتي التي كان هدفها تعطيل شبكة صواريخ سام ٥ ، ولم نسمع في هذه الجوله عن الشهيد جون جمال ، ولم نسمع عن الانتصارات التي حققها الجيش المصري ضد العدوان الثلاثي عام ٥٦ ؛ وبداء الاستياء في الاواسط الشعبيه، وجاء خطاب الرئيس عبد الناصر بتبني المسؤليه عن النكسه واعلان استقالته من رئاسة الجمهوريه ليزيد الشعب احباطاً والطين بله ، وخروج الجماهير المصريه بالملاين مطالبة عبد الناصر العدول عن قراره ( مما عرف سياسياً بجماهير ٩ و ١٠ حزيران) ، وفي هذه الإثناء خطب الملك الحسين خطابه الشهير وقال ” كلوهم بأسنانكم وقطعوهم بأظافركم …” إلى آخر الخطاب كما استمعت إلي بلاغات رسمية من الإذاعة الأردنية تعلن بوصول إسرائيل إلى منطقة نهر الأردن وأريحا وإلى منطقة ألجسور. هنا أدركت أن الأمور انتهت وأن إسرائيل سيطرت على كل شي

 ونحن وبمرافقة مجموعة من الشباب، اصبحنا نذهب يومياً الى منطقة الشونة الجنوبية، اي على الطرف الشرقي من الجسر الواصل بين ضفتي نهر الاردن ، بعد تعطيله من قبل القوات الاسرائليه، نذهب لمساعده الاهالي التي تركت بيوتها في قرى القدس، وباقي الضفه الغربيه، على عبور الجسر المحطم تحت اشعة الشمس ، والحراره العاليه مما جعلت بعض الاشخاص ان يلجئوا لتبريد رأسهم بزجاجات سحويل كولا ( شبيه بالفانتا ولكن شركه تقليديه اردنيه) وقد عدت من الشونه الجنوبيه بضربة شمس وارتفعت حرارتي الى ٤١ وشحطه، حاجه منعتني ان أعود في أليوم ألتالي مع بقية الزملاء، وعشت المنظر الذي لم اعشه شخصياً عام ١٩٤٨ ، هو هروب الفلسطينين بأقل ألامتعة ، وأضِيفت كلمات النكسة والنازحين على النكبة والمهاجرين ، وبناء اكبر المخيمات قرب مدينة جرش ( مخيم البقعه)، ومخيم شنلر بجانب مدينة الرصيفه، ولكن حدث التغير عندما بدائنا نشاهد شبيبة العاصفه ومشاهدة الكلاشنكوف بدل بندقية m16 , التي كانت بحوزة الجيش الاردني ، والذي اكل الدهر عليها وشرب ، وبداء الامل يعود الينا عند تبني حرب الشعب، وبدأنا نسمع بالفدائين والعمل الفدائي الذي جلب الامل والتغير في المعادله وجعل الشعب الفلسطيني رقماً صعباً ضد الكسر.

 عائد الى القدس

الدكتور احمد جبران( ابو طارق)

                                                      5-6-2022

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …