لوحة الفنانة التشكيلية رباب أحمد
إنسانية الموضوع وحرفيّة التنفيذ
سامر خالد منصور
لوحة مميزة للفنانة التشكيلية رباب أحمد اسكندر ، يظهر فيها رجل و امرأة بينهما وحدة حال لفرط التواشج والتعاطف بينهما ، وقد ظهر الرجل فيها حليق الرأس تعاطفاً مع الأنثى المصابة بسرطان الثدي والتي أفقدها العلاج الكيميائي شعرها ، وبرغم ذلك لم يكن هو من يحتويها ، بل كانت هي برغم مُصابها من يحتويه بهالتها وظلَّ رأسها ” أعلى ” ولم تنكسر ، ظلَّ رأسها يعلو رأسه ، بينما ظهر الثدي أعلى اللوحة بألوانٍ حارة وكأنه رمز كوني يختزن طاقة الحياة ، ويوحي رأس النهد بشعلة ووهج شمعة مركزها ذو لهب أرزق ، واللون الأزرق كما هو معروف يحمل رمزيّة الخلود ، كما تتراءى الشُعلة الزرقاء للناظر أيضاً كجوهرة في تاجٍ يعلو رأس الأنثى لكنه ليس كالتيجان التي يتذابح الذكور لأجلها ، بل قِوامه من وهج العطاء و اشتعال واتقاد لروح الأنثى التي تنير عالم الإنسان برمته وتجعله يتشبّع بعاطفة دافئة.
تظهر الأنثى في اللوحة قوية مُتقِدة برغم مِحنتها ، وعبَّرت اللوحة عن رمزيّة ” النهد ” بعمق فهو رمز مرتبط بالوجود الإنساني عموماً ، حيث أن النهد ليس للمرأة ، بل هو لصغارها إناثاً وذكوراً ، هو مصدرٌ لنسغ الحياة وللعطاء الممزوج بالعاطفة ، وقد بَرعت الفنانة التشكيلية بالتعبير عن كل هذا وأكثر في لوحتها لوناً وتشكيلاً ، فالنهد كرمز للأمومة ذات الآفاق الوجدانية والتربوية اللامحدودة في عالم البشر كان يقابله في اللوحة أفق مفتوح يشاركه الألوان الحارة .