الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مروان محمد مشتهى : بناء الذات

د. مروان محمد مشتهى : بناء الذات

مروان محمد مشتهى

بناء الذات

د. مروان محمد مشتهى

تعتبر الحروب التي تخوضها مع نفسك من أشق وأعنف الحروب التي قد تواجهها في حياتك، فلقد علمتنا الحياة أن الدنيا فرص لمن يُحسن استخدامها، ففي وقت الشدة ستعرف من هم أصدقاؤك، وستكتشف بما لا يدع مجالاً للشك من هم أسوء اختياراتك، حيث يقول نجيب محفوظ في ذلك: “اعتذر لنفسي على سوء اختياري لبعض البشر”، فالاختيار السليم هو الأساس القويم لبناء الذات والريادة.

ومن هذا المنطلق يجب التأكيد على أن نظرتك لنفسك هي الأساس في عملية البناء والتطوير لذاتك؛ فكن عظيماً بعين نفسك، وثق بقدراتك، وعزز مهاراتك، لتستطيع مواجهة التحديات بكل سهولة، وعليك معرف قيمتك جيداً، يقول أنيس منصور في هذا المعنى: “قيمتُك ليست في عيون الناس، بل هي في ضميرك، فإذا ارتاح ضميرك ارتفع مقامك”، فلن تجد من سيقاتل من أجلك مهما كان مخلصاً لك بنفس الكفاءة التي ستقاتل بها أنت من أجل نفسك.

إن طريقة تفكيرك وتحديد أنماطك السلوكية يضعك في مواجهة مباشرة مع تخطيط حياتك برمتها، مما يجعلك منتجاً فعالاً وتسير في الاتجاه المطلوب، فليس المهم حجم سرعتك بقدر كونك تسير بالاتجاه الصحيح، وإلا ستظل كمن يحرث في الماء، وتفقد بوصلتك وجهتها، ولن يكون بمقدورك التغيير من مفهومك لذاتك؛ إلا من خلال تغيير معتقداتك، وطريقة تفكيرك عن نفسك، فلا يستطيع إخراج الدجاجة من الزجاجة إلا من وضعها بمحض إرادته.

استناداً إلى ما سبق؛ فإن وصولك إلى مرحلة التوازن النفسي، والتكامل الوجداني تتم عندما، لا تكترث بترهات الأحداث، عندما لا تهتم حقاً بما يعتقد أي شخص عنك، فمجرد وصولك إلى تلك النقطة تكون قد وصلت إلى مستوى مذهل وخطير من الحرية الشخصية وستحلق عالياً في عالمك الخاص فلم يعد هناك متسعاً لمزيد من الأفكار والأشخاص الخطأ.  

ويعتبر الاقتناع المطلق بنفسك الذي لا يشوبه التشكيك بقدراتك، ولا تعتريه المساومة على أحلامك، ولا التقليل من شأنك؛ بمثابة الخطوة الصحيحة للوصول إلى حافة النهر بسلام والوصول إلى النهايات الصحيحة لتثبيت محطات النجاح، وتعزيزها بالتجارب والخبرات، فتلك المعطيات تتطلب منك اكتشاف ذاتك وخبايا شخصيتك.

من هذا المنطلق؛ تكون أو لا تكون هذا هو السؤال، ومن أجل ترسيخ ذلك افعل الأشياء الصغيرة بأفكار عظيمة، فلا تبحث عن أنصاف الحلول والأشياء، ولا تتمسك بأشباه الأهداف، ولتكن مبدعاً صريحاً واضحاً؛ فالمنطقة الرمادية لم تعد صالحةً لك، فهي تكشف زيف المواقف وقادرة على إسقاط الأقنعة والعلاقات الفاشلة.

يقول كارل روجرز: مبتكر نظرية الذات” أنه على الرغم من أن مفهوم الذات ثابت؛ إلا أنه يمكن التأثير فيه وتعديله من خلال اخضاعه للعلاج النفسي المركز حول الشخص الذي يؤمن بأن أفضل طريقة لإحداث التغيير تتمثل في السلوك ونظرة الفرد عن مفهوم الذات لديه”. 

لقد اعتمد الصينيون القدماء النظرية الدفاعية كأسلوب حياة، فقاموا ببناء سور الصين العظيم فشغلوا أنفسهم بكيفية بنائه ليشكل لهم منعة من أعدائهم ونسوا أو تناسوا للحظة بناء شخصية الحارس الذي يقوم بحماية ذلك البناء الشاهق، فتمت رشوته من قبل الغزاة. 

 فكان ذلك الحارس أحد الثغرات الرئيسة التي ساعدت العدو من الداخل،ليدخلوا من البوابة الرئيسة دونما عناءالتسلق لذلك البناء العظيم ،فتعرضوا للغزو الفكري قبل العسكري ،فبناء الإنسان يأتي في المقام الأول فهو رأس المال الحقيقي ،والعمود الفقري لأي نشاط ،مما يتطلب تسخير الطاقات نحو بناره بالشكل المطلوب .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …