الرئيسية / متابعات اعلامية / الذكرى ال 74 للكيان الصهيوني والصراع متجدد ومحوره القدس والديموغرافيا الفلسطينية

الذكرى ال 74 للكيان الصهيوني والصراع متجدد ومحوره القدس والديموغرافيا الفلسطينية

القدس

الذكرى ال 74 للكيان الصهيوني والصراع متجدد ومحوره القدس والديموغرافيا الفلسطينية 

 بقلم المحامي علي ابوحبله

مرور أربعه وسبعون عاما على ذكرى نكبة فلسطين وقيام دولة الاحتلال الصهيوني على ارض فلسطين منذ ذكرى تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947 خطة تقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، فيما عُرف بالقرار الأممي رقم 181 “قرار التقسيم”. وكانت فلسطين آنذاك تحت الانتداب البريطاني الذي استمر نحو ثلاثة عقود (1920-1948)، وقد نص القرار الأممي على إنهاء الانتداب. لم تنسي الفلسطينيين والعرب قضيتهم وصراعهم مع الاحتلال الصهيوني 

وتعود أصول قرار التقسيم إلى عام 1937م، حين أصدرت “لجنة بيل”، المُكلفة من بريطانيا في تقصي أسباب الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، تقريرها الذي ورد فيه لأول مرة مقترح التقسيم. واقترحت اللجنة حينها التهجير الإجباري للسكان العرب من أراضي الدولة اليهودية المنشودة.

وبموجب قرار التقسيم، فإن اليهود الذين لم يتجاوز عددهم ثلث السكان ولم يمتلكوا سوى 7 بالمائة من الأراضي، مُنحوا ما يربو عن 56 بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية (27 ألف كيلومتر مربع).ومُنح العرب، وفق القرار، أقل من 44 بالمائة برغم امتلاكهم غالبية الأراضي. وتضم الدولة اليهودية المقترحة (على مساحة 5 آلاف و700 ميل مربع)، السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، بما فيها بحيرة طبريا، وأصبع الجليل، وصحراء النقب.

فيما تضم الدولة العربية (على مساحة 4 آلاف و300 ميل مربع)، الضفة الغربية ومنطقة الجليل الغربي، وعكا، والساحل الجنوبي من شمال مدينة أسدود حتى رفح جنوباً، إضافة إلى جزء من الصحراء المحاذية لمصر.

أما مدينتا القدس وبيت لحم، فنص القرار على إنشاء كيان منفصل في نطاقهما تحت حكم دولي خاص، تقوم على إدارته الأمم المتحدة. 

منذ قرار التقسيم ولغاية الآن لم يسقط الحق الفلسطيني ولم ينسى الفلسطينيون والعرب فلسطين ، بالرغم من هذه السنون وموت معظم جيل النكبة إلا أن فلسطين بقيت في عقول هؤلاء الأطفال والشباب والكهول فلسطينيون وعرب

 ذكرى النكبة لهذا العام يجسد محور الصراع على القدس والديموغرافيا الفلسطينية وأن قرار التقسيم أنشأ واقعا يمهد الطريق للدولة الثنائية القومية ، واذا كانت القدس محور الصراع بحيث ، لم تترك الحركة الصهيونية العالمية ومناصروها، و«إسرائيل»، يومًا واحدًا دون بذل جهد في تهويد مدينة القدس العربية وما يحيط بها من أراضٍ وقرى الضفة الغربية، إضافةً إلى تغيير قسري للمعالم السكانية العربية للمدينة، بسلسلة من القوانين الاحتيالية الخبيثة، التي تقع كلها في دائرة التناقض الكامل مع ما تفرضه اتفاقيات جنيف على القوة التي تحتل أرضًا لشعب آخر.

ولعل أفظع ما يتم في هذا المجال، في السنوات الأخيرة، وبعد أن وصلت جهود «إسرائيل» لتهويد القدس العربية إلى مراحل بالغة التقدم، هي الخطوات التي تتخذ لقضم آخر ما تبقى من المعالم الجغرافية والسكانية لعروبة القدس العربية، في وقت فيه العرب غارقون في شهواتهم وملذاتهم واقتتالهم الداخلي، بل ويتهافت بعضهم على نسج وتوطيد العلاقات مع الصهاينة.

مشروع تهويد القدس مر بمراحل عدة وبوسائل شتى، من حيث القرارات الدولية، وسن القوانين الداخلية، والتغيير الديمغرافي والجغرافي، ومحاولات فرض الأمر الواقع على مدينة القدس وبالأخص على المسجد الأقصى والسعي للتقسيم ألزماني والمكاني ولكن هيهات لهم من تنفيذ مخططهم طالما أن هناك قلب فلسطيني واحد ينبض 

وتمثل المشاريع التهويدية الاستيطانية في القدس على خطورتها، صورة مصغرة لما تعكف إسرائيل على تنفيذه في بقية أرجاء الضفة الغربية عبر ثلاث آليات عمل واضحة، وهي بناء مستوطنات جديدة، وتوسيع مستوطنات قائمة، وغض الطرف عن قيام المنظمات اليهودية ببناء نقاط استيطانية من دون إذن الحكومة الإسرائيلية، وبعد ذلك يتم إضفاء الشرعية عليها. يتزامن ذلك مع غض الطرف عن اعتداءات المستوطنين التي تهدف إلى ضرب دافعية الفلسطينيين على البقاء في أرضهم، عبر السيطرة على الأرض، واجتثاث اشجار الزيتون، وتسميم آبار المياه، وإطلاق قطعان من الخنازير البرية، تحديداً في وسط الضفة الغربية المحتلة وشمالها، لتعيث خراباً في الحقول، فضلاً عن مداهمة القرى والبلدات وتنفيذ عمليات تخريب، تشمل إحراق المساجد والكنائس.

وإذا كانت إسرائيل قد صنعت النكبة الفلسطينية في 1948 عبر الجهد الحربي والمجازر الوحشية، فإن النكبة تتواصل بعد 74 عاماً عبر وسائل أخرى، وتحديداً من خلال توظيف القضاء العنصري. فالقضاء الإسرائيلي أصدر قراره بإخلاء المنازل الفلسطينية في حي الشيخ جراح من مالكيها الذين يقطنونها منذ أكثر من 70 عاماً، بحجة أن الأرض التي بنيت عليها تعود ليهود. وهو نفس القضاء الذي يرفض أي دعوى لعودة المقدسيين إلى منازلهم وممتلكاتهم في القدس الغربية التي شردوا منها في حرب 1948. وهو القضاء نفسه، الذي يشرّع تدمير منازل الفلسطينيين والسيطرة على أراضيهم ويتساهل إلى حد التواطؤ مع جرائم المستوطنين

فإسرائيل التي منعت في 1984 “الحركة الكهانية” بزعامة الحاخام مئير كهانا من التنافس في الانتخابات العامة بسبب توجهاتها الإرهابية ودعواتها الصريحة إلى طرد الفلسطينيين، هي إسرائيل التي سمحت في عام 2021 لـ”الحركة الكهانية” بقيادة إيتمار بن غفير، تلميذ كهانا ومقتفي أثره، بالتنافس في الانتخابات والحصول على تمثيل في الكنيست. ليس هذا فحسب، بل إن “الحركة الكهانية” باتت جزء لا يتجزأ من المنظومة السياسية للكيان الصهيوني 

الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية روني شاكيد ، في مقاله على موقع “زمن إسرائيل” العبري، وترجمته “عربي21” أنه “بعد مرور 74 عامًا على قرار التقسيم، كان لدى ديفيد بن غوريون زعيم الحركة الصهيونية تقدير بأن القرار سيؤدي لاندلاع الحرب التي ستؤدي لتشكيل حدود جديدة. وبالفعل، في نهاية الحرب، تضاعفت حدود إسرائيل عما حدده قرار التقسيم، وبعد الحرب بقي 156 ألف فلسطيني من أصل ما يقرب من المليون داخل إسرائيل”.

ورغم ما قدمه قرار التقسيم من فوائد للحركة الصهيونية، ولاحقا لدولة الاحتلال، لكن بعد 74 عامًا على صدوره، ما زال الانتشار الديمغرافي للفلسطينيين داخل حدود دولة الاحتلال لا يقل خطورة عن عام 1947، لأنه لم يعد هناك دولة يهودية، بزعم أن مدينة بئر السبع مثلا يبلغ معدل نمو البدو فيها 4 بالمئة سنويًا، بمعدل 8 أطفال لكل أسرة، ويعيش 2.1 مليون طفل في المثلث، الأطراف الغربية للضفة الغربية والجليل، خاصة في الجزء الغربي منها.

ويعرب الإسرائيليون عن مخاوفهم من انتشار المزيد من الفلسطينيين في المدن “المختلطة”، ليس فقط في القدس ويافا والرملة وحيفا، ولكن في مدن أخرى مثل كرميئيل شيفا ونوف هجليل. ففي القدس، يوجد 350 ألف فلسطيني مقيمين دائمين، يشكلون 40 في المائة من سكانها، مما يعني أن أقلية يهودية ستكون في البلاد تهيمن عليها الأغلبية الفلسطينية، أي دولة ثنائية القومية، ومن ثم اندلاع حرب أهلية، لأننا أمام حركتين قوميتين لهما تأثير ديني لن يكونا قادرين على العيش في دولة واحدة. 

ويستعيد شاكيد في مقاله كلمات عبد القادر الحسيني، أحد القادة الفلسطينيين الموقرين، قائلا إنه “من المستحيل أن تكون فلسطين دولة للعرب والصهاينة معًا، إما نحن أو هم، إنها حرب من أجل الحياة أو الموت، إما ننتصر في الحرب، أو نموت جميعًا”، لكن الوقائع تقول اليوم بعد مرور 74 عاما على صدور قرار التقسيم أنه في غضون سنوات قليلة، سيصبح اليهود أقلية في إسرائيل، ويسيطر عليها على الأغلبية الفلسطينية، بعبارة أخرى دولة ثنائية القومية، وحرب أهلية بلا انقطاع.

وفي الوقت ذاته، فإن الذكرى السنوية لصدور قرار التقسيم أنشأت واقعا يمهد الطريق للدولة الثنائية القومية، وهي وصفة مجربة للعنف وسفك الدماء، وفق الرؤية الإسرائيلية، ولعل هذه الذكرى تشكل الوقت المناسب للتوقف، وإعادة حساب المسار، بحيث تتخذ إسرائيل قرارا بالانفصال سياسيًا عن الفلسطينيين، لأن حلول الاتحاد الكونفدرالي أو الفيدرالية أو الحكم الذاتي لن تفض الاشتباك بين الجانبين.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

حماس

كيف قطاع غزة أصبح قلعة حماس الحصينة؟

كيف قطاع غزة أصبح قلعة حماس الحصينة؟  رأي : جاكوب رايمر -صحيفة يديعوت أحرنوت . …