الرئيسية / الآراء والمقالات / عميد مهندس أيمن إسماعيل الريس يكتب : أوكرانيا و سياسة الأرض المحروقة

عميد مهندس أيمن إسماعيل الريس يكتب : أوكرانيا و سياسة الأرض المحروقة

خبير في الشؤون الإستراتيجية
خبير في الشؤون الإستراتيجية

أوكرانيا و سياسة الأرض المحروقة   

 عميد مهندس أيمن إسماعيل الريس

سياسة الأرض المحروقة هي استراتيجية عسكرية تقوم وفقها الجيوش المنسحبة بتدمير كل شيء في طريق انسحابها من أجل حرمان الجيوش المتقدمة من الغذاء والمأوى والموارد الطبيعية أو شيء آخر قد يكون مفيداً لهم . 

تاريخياً 

إشتهرت روسيا بالذات بهذا النوع من الحروب إذ طبقتها عدة مرات امام التتار ونابليون بونابرت و الألمان خلال الحرب العالمية الثانية مستغلين الطبيعة الطبوغرافية والمناخية لبلادهم من حيث الحرارة شديدة الانخفاض ( التي تصل أحيانا إلى 30 تحت الصفر ) والارض الجليدية ، واثبت هذا النوع فعاليته حيث قهر نابليون وسبب تراجع الالمان في منتصف الحرب العالمية الثانية . 

عادة روسية متوارثة 

عام 1941 ألقى الزعيم السوفيتي ” جوزيف ستالين ” عبر الإذاعة أشهر خطبه على الإطلاق وذلك تزامناً مع استمرار تقدم الألمان داخل الأراضي الروسية ، بلكنته الجورجية ، بدأ “ستالين” خطابه بكلمات بدت غريبة على مسامع الروس ، حيث قال : ” إخوتي وأخواتي ، كلماتي موجهة إليكم أيها الأصدقاء الأعزاء ” .

في الثلث الأخير من خطابه الطويل أعطى جوزيف ستالين الشعب الروسي الأمر التالي : ” في حالة الانسحاب القسري لوحدات جيشنا الأحمر ، لا تتركوا وراءكم أي سيارة أو مركبة أو عربة سكة حديد أو حتى رطل واحد من الحبوب أو جالون من الوقود ” .

ثم تابع قائلاً ” يجب على المزارعين جمع ماشيتهم وحبوبهم والانتقال بها إلى عمق البلاد ، دمروا أي شيء له قيمة إذا لم تستطيعوا حمله معكم، ولا تتركوه للعدو ” .

وتنفيذاً لأوامره المباشرة ، قام الروس المنسحبون إلى الداخل نجاة بأنفسهم من بطش القوات الألمانية بتدمير ممتلكاتهم ومعظم البنية التحتية في مدنهم وذلك من أجل حرمان الغزاة من الاستفادة منها ، بأيديهم ، دمروا مصانعهم وشبكات توليد الكهرباء والاتصالات كما قاموا بتفجير الطرق والجسور والسدود بالإضافة إلى العديد من المناجم . 

إستعادة لتجارب الماضي 

ما يحدث على الأرض الأوكرانية يقوم الجيش الأوكراني والنازيين و عصابات الغلاديو ( المرتزقة ) التابعة للناتو بحرق وتدمير وقصف المباني السكنيه والمطارات المدنية والعسكرية وذلك حتي لا يستفيد منها عدوهم الروسي و لتشويه صورته أمام العالم وأمام الأوكرانيين أنفسهم و خلق نوع من الإمتعاض والكراهية ضد الجيش الروسي ووضعه في صورة المحتل الذي أتى على ظهر الدبابة وحرق ودمر المدن الاوكرانية قبل دخولها وإحتلالها وإحداث شرخ في العلاقة الروسية الاوكرانية ولتبقى عالقة في أذهان الشعب الأوكراني كذكرى النازية التي مازالت عالقة في أذهان العالم تمهيدا لاتهام النظام الروسي والكرملين بإرتكاب جرائم حرب في أوكرانيا . 

الحظر بموجب اتفاقيات جنيف . 

بموجب المادة 54 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 :

يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتج المحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري ، من أجل غرض محدد لمنعها لقيمتها الحيوية على السكان المدنيين أو الخصم ، مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على الابتعاد ، أو لأي سبب آخر .

ومع ذلك ، فإنه لا يزال ممارسة شائعة البروتوكول لا ينطبق إلا على البلدان التي صدقت عليها ، عدا بعض الاستثناءات الملحوظة حاليا في الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران وباكستان وتركيا والعراق . 

الخلاصة 

سياسة الأرض المحروقة دائما ما يستعملها الطرف الأضعف للنيل من خصمه ، وهي حرب غير مشروعة دولياً أو إنسانياً ، فهي تدمير المباني السكنية والمطارات المدنية والعسكرية وتجريف كامل الموارد والطاقات والبني التحتية للمنطقة التي تصبح ساحة حرب محروقة . 

الناتو يغزي وقود الحرب بالاسلحة والمرتزقة لإطاله أمد إشتعالها ، ويدفع كلا الطرفين روسيا و اوكرانيا إلي إستنزاف قوي بعضهما البعض دون أن يتدخل بشكل مباشر ولن يتدخل إلا إذا شعر بوجود خطر مباشر عليه .

.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

كاتب ومحلل سياسي 

دكتوراة في القانون العام جامعة محمد الخامس المغرب 
محاضر في جامعة الأزهر - فلسطين

إبراد إبراهيم ابراش يكتب : الانتصار الذي تسعى له حركة حماس

الكاتب إبراهيم ابراش الانتصار الذي تسعى له حركة حماس بعد أن ساعدت حركة حماس إسرائيل، …