الرئيسية / الآراء والمقالات / محمد جبر الريفي يكتب : التطرف الديني ظاهرة في السياسة الدولية

محمد جبر الريفي يكتب : التطرف الديني ظاهرة في السياسة الدولية

محمد جبر الريفي
التطرف الديني ظاهرة في السياسة الدولية
محمد جبر الريفي

اضافة الى الازمات السياسية الاقليمية والدولية التي تشهدها السياسة الدولية المعاصرة يظهر التطرف الديني في بعض الدول كظاهرة سياسية عامة لا تقتصر على بعض التنظيمات الإسلامية المتطرفة كتنظيم داعش وغيره ممن تفرع عن تنظيم القاعدة الأم الذي كان وراء ظهوره الغرب الراسمالي نفسه ايام حقبة الصراع في أفغانستان بين المعسكرين الرأسمالي بقيادة واشنطن والاشتراكي بقيادة موسكو عاصمة الاتحاد السوفييتي السابق ..

يشهد العالم الآن تطرفا دينيا بارزا خارج منظومة بعض قوى الإسلام السياسي الذي التصقت به وحده على المستوى الإعلامي تهمة الإرهاب الدولي فالقرارات الأمريكية التي وقعها الرئيس الأمريكي السابق ترامب بمنع رعايا سبع دول إسلامية بالهجرة إلى الولايات المتحدة هي بالمنظور السياسي تعتبر قرارات دينية متطرفة تخالف حقوق الإنسان المدنية و تعبر في نفس الوقت عن تعاظم تيار الأصولية المسيحية في المجتمع الأمريكي الذي يعتنق أفكاره الكثير من أعضاء الحزب الجمهوري وكذلك شخصيات كنسية هامة متعصبة وما يدلل أكثر على هذا التطرف الديني في هذه القرارات من استثناء مسيحي مواطني هذه الدول والأمر يبدو أنه متعلق بشكل خاص بالمواطنين العرب السوريين المسيحيين وقد يشكل هذا التوجه السياسي الأمريكي الرسمي اذا ما استمر في عهد الرئيس الجديد بايدن بداية مرحلة عداء صليبية جديدة للإسلام تقودها أعظم دولة مسيحية في العالم و قد تجد من التيارات السياسية اليمينية الأوروبية و الغربية المتطرفة من يناصرها

و يشاركها في هذا التوجه الديني الخارج عن نطاق التسامح والتعايش بين الأديان والقوميات والحضارات خاصة أن هناك على مر التاريخ حملات كراهية من قبل المسيحية الغربية للإسلام تعبر عن ذاتها بين فترة زمنية وأخرى في آراء المستشرقين الغربيين في موقفهم النقدي السلبي للحضارة العربية الإسلامية وكذلك في الرسوم الساخرة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام وبذلك يطغى من خلال هذا التوجه الصراع الديني في العالم على غيره من الصراعات السياسية وهو الهدف الذي يسعى إليه النظام الرأسمالي العالمي بقيادة الامبريالية الأمريكية للخروج من ازماته البنيوية في مواجهة استمرار الصراع بينه وبين شعوب العالم الثالث على أساس العامل القومي والإجتماعي ففي ظل الصراع الديني تتراجع النزعة القومية للشعوب ويخفت ايضا معها صوت المطالب الاجتماعيية المعيشية عند الجماهير الشعبية وبذلك تستمر الهيمنة للحضارة الغربية البرجوازية الاستهلاكية التي تسود العالم اليوم …

في المنطقة العربية والشرق الأوسط عموما ليس هناك تطرفا أبشع من التطرف الديني اليهودي في فلسطين المحتلة حيث عملية الاستيطان الجارية بوتيرة متسارعة دون مراعاة للقانون الدولي هي مقترنة في الأساس بالرؤية اليهودية المستقاة من التعاليم التوراتية والتلمودية وبأعتبار أن السكان العرب الفلسطينين أصحاب البلاد الأصليين في الدين اليهودي هم أغيار يباح لليهود ملكية أراضيهم وكافة ممتلكاتهم وهذا ما يحصل اليوم في الضفة الغربية المحتلة وخاصة في مدينة القدس المحتلة حيث الكثير من أصحاب البيوت في البلدة القديمة طردت منها واستولى عليها الغزاة اليهود من الخامات والمتدنيين العنصريين الصهاينة الذين رفعوا أعلام دولة الكيان الصهيوني عليها ..هذا ناهيك عن الإجراءات الصهيونية التهويدية التي طالت الآن المسجد الأقصى في محاولة للسيطرة عليه تمهيدا لتقسيمه زمنيا ومكانيا كما حدث للحرم الإبراهيمي في الخليل وكذلك ما يتم من الاقتحام اليومي لباحاته من رجال الدين اليهودي والمستوطنين اما السياسة الإسرائيلية هي في الأساس في توجهاتها الداخلية والخارجية هي سياسة دينية عنصرية متطرفة بعيدة عن طابع الديموقراطية وهو الزعم الذي روجته المنابر الإعلامية الصهيونية في الغرب بأن دولة (أسرائيل ) هي دولة علمانية في محيط عربي استبدادي متخلف….

في شرق آسيا تمارس جمهورية مينمار أو بورما سابقا أبشع جرائم التطرف الديني البوذي ضد الاقلية المسلمة فيتم التنكيل بهم قتلا وحرقا واغتصابا دون مراعاة لأبسط الحقوق الإنسانية المعترف بها دوليا .. وفي منطقة البلقان بعد تفكك الاتحاد اليوغسلافي في التسعينات من القرن الماضي عملت جمهورية صربيا بزعامة القومي المتعصب ميلوسيفتش انذاك على تأجيج النزعات العرقية والاثنية وعلى اثر ذلك ظهر التطرف الديني الصربي وارتكبت حملات إبادة واضطهاد واقتلاع وتهجير ضد مسلمي إقليم كوسوفو وعلى مرأى من الكنيسة الأرثوذكسية في بلغراد وكانت أشد فظاعة مما قام به النازيون الألمان إبان الحرب العالمية الثانية خاصة ضد الشعوب الاوروبية ..أليست كل هذه الوقائع السياسية التي تمارس في الغرب وفي الشرق تؤكد على أن التطرف الديني هو ظاهرة عالمية في السياسية الدولية وليس مقتصرا فقط على بعض التنظيمات الإسلامية وهي ما تروجه وكالات الإعلام الغربية والصهيونية من خطر تطرف الأصولية الإسلامية على الأمن والاستقرار الدوليين لكن جعل هذا التطرف الديني فقط مصدره محصورا في العالم العربي والإسلامي هو في الحقيقة مخطط غربي صهيوني يراد به إلصاق تهمة التخلف والإرهاب في العقلية العربية والإسلامية لتبرير استمرار السيطرة على مقدرات شعوب المنطقة.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …