الرئيسية / شؤون فلسطينية / الذكرى الربعة عشرة لرحيل حكيم الثورة الفلسطينية المعاصرة الدكتور جورج حبش

الذكرى الربعة عشرة لرحيل حكيم الثورة الفلسطينية المعاصرة الدكتور جورج حبش

George_Habash1-2

الذكرى الربعة عشرة لرحيل حكيم الثورة الفلسطينية المعاصرة الدكتور جورج حبش

كتب /   د.جمال أبو غليون

في مثل هذا اليوم الموافق 26 يناير عام 2008م رحل «حكيم» الثورة الفلسطينية المعاصرة الدكتور جورج حبش الأمين العام المؤسس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مؤسس حركة القوميين العرب ، وقلبه يعتصر ألماً على ما وصلت إليه أمور الأمة العربية والشعب الفلسطيني .

ولد “الحكيم ” في 12 أغسطس 1926 في مدينة اللد وتخرج من كلية الطب في الجامعة الأمريكية عام 1951، ساهم في إعادة صياغة جمعية “العروة الوثقى” وتحويلها إلى منتدى سياسي وفكري ، وبعد ذلك قام بتشكيل “كتائب الفداء العربي”، حيث التف حولها لفيف من الشباب العربي ونفذت عدة عمليات عسكرية ضد الاحتلال في الأرض المحتلة ، ثم انتقل الحكيم إلى الساحة الأردنية وواصل حراكه السياسي في المنطقة العربية وتنقل بين الأردن وسوريا التي سجن فيها ثم بيروت بغرض تشكيل خلايا حركة القوميين العرب في الوطن العربي ، وأسس “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” وأعلن انطلاقتها في11/12/1967 وتشكلت الجبهة كنواة لحزب ماركسي لينيني مع التركيز على البعد القومي العربي .

عاش «الحكيم» قائد يمتلك الحكمة بكل معانيها مناضلاً صادقاً مع مبادئه من أجل الحرية ، والعودة ، والاستقلال ، والوحدة الوطنية الجامعة لشعبنا الفلسطيني ، أطلق عليه الرئيس الراحل الخالد ياسر عرفات أبو عمار «حكيم» الثورة ثقة واحتراماً له في احتفالية قاعة اليونسكو بالعاصمة اللبنانية بيروت عام 1978م حينما وقف أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي وقال : والآن مع كلمة الثورة الفلسطينية ، مع كلمة الشعب الفلسطيني ، مع كلمة الثورات العربية المعاصرة وضمير الثورات ، يُلقيها الرفيق جورج حبش.

في تلك اللحظة غضب بعض قادة حركة “فتح” وهمسوا للقائد الراحل أبو عمار ، وقالوا له : «إنها إهانة ما بعدها إهانة ، وكيف ستسمح لجورج حبش أن يُلقي كلمة الثورة الفلسطينية ، وأن تجلس وتسكت ، إنها إهانة لـ فتح ، واقترحوا عليه أن يُغادر القاعة ، ولكن همس لهم أبو عمار قائلاً : «لن أسجّل في تاريخي أنني خرجت من القاعة أثناء كلمة حكيم الثورة جورج حبش». ، ورفض الخروج ، وبقي جالساً مثله مثل غيره يستمع الى كلمة الدكتور جورج حبش» .

وجاءت المفاجئة الكبرى حين صعد جورج حبش على المسرح ، حيث قال : “إن للثورة الفلسطينية كلمة واحدة ، وللشعب الفلسطيني كلمة واحدة ، إنها كلمة الثورات العربية المُعاصرة ، وضمير الثورات يُلقيها أخي ، ورفيق دربي القائد العام للثورة الفلسطينية ياسر عرفات !!»

ووقف كل من في القاعة ، ودوت القاعة بالتصفيق على هذا الموقف الوطني العظيم الذي لا يُنسى ، فقفز أبو عمار إلى المسرح ، وعانق “الحكيم” الدكتور جورج حبش ، وظل الجمهور يُصفق ، ويهتف بصوت مُرتفع «تحيا الثورة الفلسطينية ، ووحدة وحدة وطنية».

حاولت سلطات الاحتلال اعتقال «الحكيم» واغتياله عدة مرات إلا أنها فشلت في ذلك فشلاً ذريعاً حيث كان هدفاً لجهاز الموساد طيلة سنوات نشاطه الثوري.

وظل “الحكيم” أميناً عاماً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حتى العام 2000، حيث ترك موقعه طوعاً ، وعزا سبب ترك الموقع إلى أنه جاء من منطلق الديمقراطية حيث قال : «ايماناً مني بإفساح المجال لقادة غرسوا في النضال، وقناعة مني بأن الجبهة الشعبية لديها القدرة على خلق القيادات» وخلفه في موقعه مصطفى الزبري المعروف بأبو علي مصطفى ، والذي قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باغتياله في 27 آب 2001 في مكتبة في رام الله . وبذلك يعتبر «الحكيم» أول زعيم فلسطيني يتنحى طواعية عن قيادة حزبه …. 

اتخذ «الحكيم» من الأردن مكانا لإقامته عام 2003م ، وحاول الإجابة على سؤاله “لماذا فشلنا؟” فلم يمهله الوقت للإجابة على ذلك السؤال حيث عانى من مشاكل صحية ألمت به وتدهورت صحته وأدخل على أثرها المستشفى وانتقل إلى بارئه في 26 يناير 2008 عن عمر يناهز 82 عاماً في العاصمة الأردنية عمّان بسبب جلطة قلبية، كما أكد سفير دولة فلسطين في الأردن عطا الله .

تمر ذكرى رحيل “الحكيم” والقضية الفلسطينية في خضم أحداث جسيمة ، وخطيرة قد تهدد وجودنا كأمة عربية حيث انقلبت الأمور رأساً على عقب من خلال هجمة شرسة على الأمة العربية بشكل عام وعلى الفلسطينيين بشكل خاصة من قبل أعتى القوى الامبريالية المعادية للإنسانية ، ولم يسبق لها مثيل بوحشيتها وهمجيتها وافكارها الظلامية المدمرة ، وحولت الساحة العربية إلى ساحة صراع للنفوذ بين المُلَّاك والمماليك بين القوى الإقليمية والدولية ، ونحن الفلسطينيين لسنا بعيدين عن ذلك لأن فلسطين مركز الزلزال وكلنا يعرف أن ما يحدث في العالم العربي عبارة عن هزات ارتدادية.

تمر القضية الفلسطينية بمنعطف خطير خاصة بعد اتفاقات ابراهام والتي تعتبر تطبيقاً لصفقة القرن – السلام من أجل الازدهار- وما تبع ذلك من تطبيع وتتبيع وتحالفات استراتيجية من قبل بعض النظم العربية والتي هدفها نشر ديانة مزعومة تقوم على المشترك الروحي بين الديانات الثلاث الإسلام ، والمسيحية ، واليهودية ، وبالتالي دمج الاحتلال الصِّهيوني بالمنطقة من خلال الولايات المتحدة الابراهيمية حيث تغيب فيها الحدود السياسية والجغرافية لينصهر هذا الكيان المسخ بالمنطقة لملء الفراغ ، ومن ثم القيادة والسيطرة على مختلف الموارد الاقتصادية ، والتكنولوجية ، والأمنية ، والعسكرية ، ولا عجب في قادم الأيام إن رأينا سفير أو ممثل للدول المتبعة ، والمطبعة في الجامعة العربية ، أو في منظمة التعاون الإسلامي بحجة الأمر السيادي ، وقد رأينا تعطيل قرار من الجامعة العربية يدين التطبيع بحجة الأمر السيادي ..

تمر ذكرى رحيل “الحكيم ” وما زلنا أمام انقسام أسود بغيض حول الصراع مع احتلال مارس كل أنواع الظلم ، والغطرسة ، والتهجير القسري بالإضافة إلى انتهاكه لكافة لمواثيق ، والأعراف الدولية امام عالم يقف موقف المتفرج على المجازر اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ، وتحول هذا الصراع إلى صراع فلسطيني فلسطين مقيت من خلال الانقلاب على الشرعية عام 2007 ، وتحول شعار الدم الفلسطيني خط أحمر إلى الدم الفلسطيني خط مشاه من قبل جماعة ظلامية ، ورغم كل جولات المصالحة وآخرها حوارات الجزائر التي ما زالت تراوح مكانها ، ولم تفلح بالخروج حتى بالحد الأدنى من التوافق الفلسطيني حيث ما زالت جماعة الاخوان ممثل بحركة حماس تحاول تطبيق شعار “ما قبل العدوان الأخير ليس كما بعده” ، وكأن حماس تقول للعالم حققنا النصر على منظمة التحرير ، وعلينا دخولها والسيطرة عليها ، وتحويلها من منظمة وطنية إلى منظمة أممية ، والدليل على ذلك استجداء قادة حماس للجلوس مع الأمريكان من اجل الحوار والتفاوض كما جاء على لسان العديد من قادة حماس وعلى رأسهم خالد مشعل في لقائه الأخير على كلب هاوس وكأنه يقول للأمريكان والعالم نحن البديل نحن الاقدر على صنع السلام ، وقد قال مشير المصري وقبله أبو مرزوق ” التفاوض مع الاحتلال مشروع” وقد رأينا حالة اللاسلم واللا حرب على حدود القطاع ، وبنفس الوقت يتناسى قادة حماس فشلهم الذريع في إدارة القطاع حيث انتشر الظلم ، وعم الفساد ، وشرد الأهالي من بيوتهم ، وفتكت الأمراض بأطفالنا ، ونسائنا ، وشبابنا ، وهجرت الآلاف منهم في شتى أصقاع الارض يعانون قسوة التشرد ، والفقر ، والمرض ، والبطالة ، وابتلعت البحار الكثير منهم كما وقع الكثير منهم في براثن العصابات المختلفة ، وغيب الموت العديد منهم برداً وجوعاً في سجون بعض الدول – وصلتني المناشدة الأخيرة قبل يومين والتي خرجت من احد سجون بعض الدول حيث يحتجز شبابنا في حاويات حديدية دون ادنى مقومات الحياة – ونظير هذا الفشل الذريع في إدارة القطاع على قيادة حماس الإذعان لصوت العقل وتسليم القطاع للسلطة الشرعية ، والموافقة على قواعد استراتيجية توحد بوصلة الصراع باتجاه الاحتلال ، ونحن على ثقة أن شعبنا سينهض من بين الركام كطائر الفينيق ليعلن للملأ بانه يرفض الظلم ، والذل والهوان ، ويطالب بالحرية والاستقلال وفقاً للشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي الإنساني ، وليعلم العالم كله أننا سنبقى نقاتل هذا الكيان المسخ جيلاً بعد جيل حتى تطهير فلسطين من رجس الاحتلال الصِّهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية وعصمتها القدس على طريق الوحدة العربية ، و شلالات دم الشهداء تحتم علينا أن التفكير بمسؤولية جامعة وتفرض علينا استنفار كافة الطاقات لردم الفجوة بين القول والعمل ، فهل نحن على قدر هذه الأمانة والمسؤولية ؟!!!.

اخوكم / د.جمال أبو غليون

jsmghalyoun@yahoo.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

يحى السنوار

ما هي الأيام الحاسمة القادمة التي تواجه الاحتلال الإسرائيلي؟

ما هي الأيام الحاسمة القادمة التي تواجه الاحتلال الإسرائيلي؟ أفى أسشرووف تحليل صحيفة يديعوت أحرنوت …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *