الرئيسية / الآراء والمقالات / سليم النجار يكتب : شخصية الإخواني ٠٠٠ بهلوانية وأوهام لا تموت

سليم النجار يكتب : شخصية الإخواني ٠٠٠ بهلوانية وأوهام لا تموت

سليم النجار

شخصية الإخواني ٠٠٠ بهلوانية وأوهام لا تموت
سليم النجار

مفهوم “القداسة” هو من المفاهيم الأساسية في علم الإجتماع بخلاف ما تتوهم “النخب” الثقافية والسياسية الذين يعتقدون أنهم عباقرة زمانهم ويمتلكون ناصية العلم والمنتج العلمي والتفكير إلى آخر هذه المعزوفة، وكل ذلك منهم براءة، براءة الذئب من دم يوسف٠ وكما سقطوا أمام شخصيات الإخوان المسلمين الذين كرّسوا أنفسهم أمام القطاع الواسع من الجماهير على أنهم أوصياء الله على الأرض٠ وأغفلا الإثنان المثقفون والإخوان المسلمين أن عمليات “نزع القداسة” وإعادة إنتاج المقدّس و(المدنّس) هي من العمليات المعرفية الاجتماعية الأساسية التي يدرسها ويحللها علم الإجتماع٠ ودرجت في ثقافتنا الشعبية مصطلح “سيدنا الشيخ” التي انتشرت بسرعة جنونية في مختلف الأوساط الإجتماعية، وأصبحت أي محاولة لنزع القداسة عن “سيدنا الشيخ” هي دعوة للكفر والإلحاد٠ وعزز هذا النهج البهلوني صعود ما عرف باسم “الصحوة الإسلامية” التي أعقبها مباشرة اتساع مجال الإعلام السمعي- البصري، المتوّج بالقنوات الفضائية المتقاطعة، وشهد العالم العربي ظاهرة الإخوان المسلمين: “الدعاة الدينيين” الذين حوّلوا جهلهم إلى “رسالة دينية” وسلعة بين سلع أخرى، فقبل حديث “الداعية الإخواني” هناك إعلان لسلعة معينة وعلى الأغلب تكون عن “حجاب” المرأة ويتبعه بعد الحديث إعلان تجاري آخر وعادة يكون عن “السواك” وفوائده التي لا تحصى ولاتعد، الأمر الذي يعيّن الحديث نفسه إعلاناً تجارياً بدوره٠ ومهما تكن الأغراض المتصلة بالحديث الإخواني”الديني- الدعاية” فإن هذا الحديث “السلعة” يتقاطع مع (الكتاب- السلعة)، بالمعنى الغربي، ويخلتف معه في آن: يتقاطع معه وهو يجعل المادة الدينية ميسورة سهلة التناول، فالكل يتعامل مع الفضائيات، ويختلف عنه لأن الكتاب- السعلة متعدد الأغراض والمواضيع، ينطوي على الديني ويتجاوزه إلى الأدبي والفلسفي والمعرفي، ولأن هذه المعارف المتعددة قابلة للإختبار والتعيين، على خلاف “الحديث الديني” الذي لا يحتاج إلى الاختبار بالضرورة٠
السؤال الذي يقفز مباشرة كغزال هارب من حتفه الذي لا مفر منه جرّاء جائع يريد التهامه وسد شبق جوعه بغض النظر من يُطارد هذه الفريسة إنسان أو حيوان: ما العلاقة بين الدين وثقافة السوق؟ وما العلاقة بين شخصية الإخواني والبهلوانية؟ يأتي الجواب في المحصلة النهائية من درجة قدرة هذه الشخصية الإخوانية التي تُسوق الأوهام على أنها حقيقة لا يشق لها غبار، وتُكرس هذه الأوهام على الثوابت المقدسة التي لا يستطيع أحد مناقشتها، فهي تريد إبقاء الحاضر على ما هو عليه، وهي ثقافة ماضوية أو إذا صح التعبير ماضوية- تلفيقية٠ وبما أننا مجتمع مهزوم، وعادة المهزوم مطعون برموزه، ويبحث عن رموز لتجديد شرعية رموزه، وفي ظّل شبه غياب للمثقف التنويري، وبما أن الحياة لا تحتمل الفراغ، يأتي “سيدي الشيخ الإخواني” ليسدّ هذا الفراغ٠ ولأن المثقف التنويري ابتعد عن قاعدته الإجتماعية، وفضل العيش في قمقم، جاء “سيدنا الشيخ” على فرس أبيض محمّلاً بكل دجل الدنيا ليتبوأ صدارة المجتمع، الذي مازال يعيش مُنذ عشرات السنوات بحالة الغيبوبة السريرية، ولا يفرق بين الإرهاب والكذب والمتاجرة بالدين، وبين التعصب الديني وإهدار الكرامة الإنسانية، وبين التخلف والمعرفة٠
أننا نعيش في زمن ترويج ثقافة البهلوان “الإخواني المقدس” وممارسته في اغتيال العلم وتشيع النقد الفكري، وفتح كل أبواب الجهل لصالح “سيدي الشيخ” السمسار الحقيقي “للإخوان المسلمين”٠
وفي النهاية يبقى السؤال، كيف يستطيع المجتمع العليل أن يستعيد بأبنائه ومثقفيه صحته العقلية حتى ولو استعاد صحته الجسدية؟ ومتى يخرج المثقف العربي من ورشة الحزن واليأس التي أكرهت الشاعر الكبير حافظ إبراهيم في لحظة من لحظات اليأس والضيق على أن يحطم قلمه ويراعه: حطمت اليراع فلا تعجبي
وعفت البيان فلا تعتبي
وكم مثقف يقبل على ما أقدم عليه شاعرنا الكبير أليس أفضل من ممارسة زواج المتعة مع “سيدي الشيخ” كما نراه اليوم

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *