الرئيسية / الآراء والمقالات / علي ابو حبلة يكتب : التلوث الفكري والتلوث الأخلاقي

علي ابو حبلة يكتب : التلوث الفكري والتلوث الأخلاقي

رئيس تحرير افاق الفلسطينيه
رئيس تحرير افاق الفلسطينيه

التلوث الفكري والتلوث الأخلاقي
علي ابو حبلة

هناك نوع من الناس لا يستوعب كلامك ولا يفهم ما تريد قوله ومهما كان الكلام واضحاً وبَليغاً، يُفَسر كما يشاء وَيَضَع عليه من عنده، وهذا ليس كلامك بل فهمه النفسي والذي يبحث عن أدنى سبب ليجعلك في محل الخطأ. المؤسف كثيرا أنك تعتقد مع الأيام يمكن أن يفهمك لكن المفاجأة أنه يقل أكثر، قد لا تجيد ترتيب العبارات لكن أَعلَمَ أن هناك من العقول الراقية تفهم كلماتك وإن كانت مبعثرة..

هذا ما لمسناه على ارض الواقع في التعامل مع أناس يدعون المعرفة ويوجهون سهام اتهاماتهم لمجرد الاتهام دون دليل لكونهم ملوثين فكريا ويتناقضون مع أنفسهم نتيجة التلوث الفكري والأخلاقي وقد طبعوا على ذلك في مطابع الانحلال والرذيلة

الفكر هو قوة وأساس وجوهر الوجود الإنساني الفاعل المبدع المنتج ومثلما يتعرض جسم الإنسان إلى أنواع مختلفة من الملوثات الفيروسية والبكتيرية ويصاب بالعديد من الأمراض يمكن معالجتها بالتداوي والتطبيب.

كذلك الفكر الإنساني يتعرض للكثير من الملوثات البكتيرية الضارة التي تلوثه وأن التلوث الفكري أخطر أنواع التلوث؛ لأنه يبدل مبادئ الإنسان وقيمه وأفكاره ومعتقداته إلى صورة سلبية سيئة تؤثر على سلوكه في المجتمع، ولأن الأخلاقيات والمبادئ الباطلة ركيزة من ركائز الإنسان الذي يعاني من هذا التلوث بما يؤدي إلى تدمير المجتمعات الإنسانية. ويصيب التلوث الفكري النفس الإنسانية، بسبب خلل في الأفكار والمعتقدات والقيم ويؤثر على سلوك الفرد وأدائه الاجتماعي وقد يؤدي به إلى الانحراف عما هو مألوف والى تدن في السلوك القويم.

وإنسان اليوم إذ يعيش في بؤرة عواصف التغيير والتطور والنزاعات والصراعات والحروب والأزمات، فإن الأفكار الشريرة والملوثة بالبكتريا الهادمة المعدية تحلق فوق الرؤوس ولا يمكن منعها من التحليق، ولكن يجب أن لا يسمح لها بأن تبني أعشاشها وتتسلل بشكل غير محسوس داخل العقول وتصبح هذه العقول حاضنة لها لتباشر بتدمير ثقافة العقل والعصف بمعلوماته وغربلتها وإعادة صياغتها كما تريد وتسعى فتقوم بتوسعة الجهل وتنامي خلايا الفقر العلمي وإضعاف الوعي الوطني وإحداث خلخلة في الأخلاق والمبادئ والعقيدة.

إن العقول التي تتعرض بسرعة لاختراق بكتيريا التلوث الفكري هي العقول غير المحصنة فكرياً وعقائدياً وتربوياً وقد تكون هذه العقول الملوثة معدية ويتسع تأثيرها وانتشارها بسرعة بين من يفتقرون إلى الحصانة الفكرية والعقائدية أيضاً.

ومن الأسباب التي تسبب التلوث الفكري:-

1- ارتفاع هرمون الجهل وتدن في الثقافة ومستوى الوعي، مع تدمير الحصانة التربوية.

2. التقهقر الفكري: أي أن يعيش الانسان بنمط تفكير معاكس للاهتمام، فيهمل الأفكار المهمة ويعتبرها شيئا لا يعنيه.

3. تبني الأفكار المغلوطة الجاهزة: وهي الأفكار التي يستمدها الإنسان من محيطه ومن واقعه المعيشي، والتي تكون دون الصواب، ويعتقد أنها صحيحة.

4. التشتت والتمزق اللذان يحصلان في جسد وبنية المجتمع نتيجة الازمات التي تعصف به.

5. التمسك بالعقلية الفردية والرؤى الارتجالية المتخلفة.

6. التأثير القوي لوسائل الاعلام الخارجية والمأجورة التي اصبحت منصة مفتوحة لبث الأفكار الملوثة والتحريضية باتجاه الانحراف وممارسة السلوكيات المنافية لطبيعة وقيم المجتمع.

7. التطرف وضعف الروابط وكثرة المشكلات الاجتماعية.

8. ضعف الوازع الديني السليم والبناء والمتوازن.

وللتصدي لهذا التلوث ذي المردود الأخطر على جسد المجتمع وبنيته ونسيجه القيمي والأخلاقي لا بد من تحفيز وتعزيز الوعي الفكري السليم بتغذيته بأفكار صحيحة وواقعية، وبث ثقافة الحوار البناء والمنطقي وتقبل الرأي الآخر، وتأسيس منصة فكرية ثقافية تتبنى تصحيح الأفكار المغلوطة الدخيلة بأفكار منطقية أصيلة وسليمة، كذلك استخدام أساليب علمية فنية لتعديل اتجاهات وأفكار ومعتقدات وقيم وأخلاقيات هؤلاء الذين يعانون من هذا التلوث الذي انعكس على سلوكهم وتشكل في صورة أفعال سلبية ضارة بأنفسهم وبالمجتمع والبيئة المحيطة بهم، ويعد العمل على إزالة التلوث الفكري وأسبابه والقضاء على مفرزاته واجبا وطنيا وأخلاقيا وإنسانيا.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

د. ادمون ملحم

د. ادمون ملحم يكتب : الواجب القومي

الواجب القومي د. ادمون ملحم رئيس الندوة الثقافية المركزية “الواجب” هو فعل إلزامي أخلاقي يقوم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *