الرئيسية / الآراء والمقالات / د. أيمن محمد أبو الخير يكتب : هجرة الشباب وصمت المسؤول

د. أيمن محمد أبو الخير يكتب : هجرة الشباب وصمت المسؤول

ايمن محمد ابو الخير

هجرة الشباب وصمت المسؤول:
بقلم/ د. أيمن محمد أبو الخير

لعل الغالبية العظمى في قطاع غزة تتفق على أن غزة هي منطقة كوارث كما وصفتها منظمات إنسانية دولية، أي منطقة منكوبة، وهناك عوامل ذاتية وموضوعية لكل المحن التي يتعرض لها أهالي غزّة، وليس الإحتلال الوحيد الذي يمارس عملية الإزهاق ضد الشباب الفلسطيني، المستهدف أمام واقع من المناكفات بين القوى المختلفة سواء في رام الله أو في غزة، والتي لا ولن تسعى لأي حلول لوضع لإنقاذ شعبهم من الانزلاقات الأخلاقية، في ظل عقم مشروع سياسي لم يعطي دولة ولا وطنًا ولا مواطنة لها حقوقها الكونيّة والدينية على هذه الأرض، وللأسف ما زالت فلسطين محتلة.

نعم ظهرت الهجرة بشكل واضح وملموس، وكل بيت في قطاعنا الحبيب أصبح يعيشها أو يعاني منها، نتيجة رغبة الأبناء في الهجرة والتخلص من الموت البطيء لعدم وجود مستقبل، وأصبحت الهجرة أو الانحراف، دون النظر إلى تلك الظاهرة الخطيرة أو العمل للحد منها من قبل المسؤولين، حيث باتت الهجرة إلى الخارج حلم كثير من الشباب الغزي وخاصة بين صفوف الخريجين من حملة الشهادات العلمية والأكاديميين من لا مستقبل لهم، بسبب الوضع الاقتصادي السيء في قطاع غزة، بالرغم من الصمود الاستثنائي لعموم الشعب الغزي، فإن معالم بعض الأخطار الجاثمة التي تخص الوضع الفلسطيني الداخلي بدأت تطل وتفصح عن نفسها منذ أعوام خلت، وقد سبقت حتى زمن الانقسام الفلسطيني الراهن.

ومن تلك الأخطار وجود هجرة سلبية من القطاع إلى خارج الوطن تمر كل يوم دون جرس إنذار، ودون إعلاء للصرخة المطلوبة من أجل وضع حد لهذه الظاهرة قبل أن تتفاقم أكثر من ذلك، ووضع حد لأسبابها المباشرة وغير المباشرة، في وقت ما زالت فيه الغالبية العظمى من أبناء الشعب الغزي متمسكة بوجودها وبتشبثها على أرض فلسطين، وبالرغم من استمرار الإنقسام الأسود وعدم اهتمام الحكومة بشعبها، والفاقة والعوز، والفقر والبطالة وانسداد أفق العملية السياسية التي طالما باعوا تجارها الشعب الفلسطيني الكلام المعسول بشأنها، وبإمكانية توفيرها الرخاء القادم عبر تحويلها إلى سنغافورة الشرق الأوسط وسياسات الحصار، ولا مسؤول راعٍ لشعب يعاني الموت كل لحظة.

ومنذ الإنقسام الأسود في العام 2007 بدأت ظاهرة الهجرة من المجتمع الفلسطيني إلى الخارج بالتفاقم، شاملة شرائح مجتمعية مختلفة من المواطنين في غزة، للهروب من واقع مأساوي بسبب الصراع الفلسطيني على السلطة ولا أمل لمستقبل مشرق، فإن نسبة عالية من الشباب معرضة للبطالة، حيث يواجه معظم الشباب طريقًا مسدودًا في الآفاق السياسية والمعيشية، وندرة فرص الحياة الطبيعية، إضافة للقيود التي تحد من وصولهم إلى مناصب صنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وهنا تقع على عاتق حكومة غزة، كونها المسيطرة، بالإضافة لجزء يقع على السلطة الفلسطينية كونها الشرعية، وعلى أصحاب التمثيل الفصائلي، وأيضا الجمعيات الخيرية التي لا نعرف منها إلا اسمها، كما يقع على عاتق الأكاديميين في الجامعات الفلسطينية كونهم الفئة القريبة من الشباب، مسؤولية العمل على مواجهة ظاهرة الهجرة وبالوسائل الممكنة كافة، لتثبيت الوجود الفلسطيني على أرضه.

كما أن الشباب الفلسطيني يندفع للهجرة نجاةً وخلاصاً، تاركاً وطنه وأرضه وأهله بحثاً عن الاستقرار في بلد آخر، حتى لو كانت بلاد كافرة يجد بها العدالة والمساواة، أملاً في إيجاد ملاذ آمن يضمن لهم حياة هادئة ومستقرة وآمنة بعيداً عن الانقسام والحصار والسجن الكبير، والمستقبل الضائع يطاردهم باستمرار حتى في أحلامهم.

وأختم بأنك يا مسؤول أنت ليس آمون عصرك، بل أنت خادماً لشعبك ويجب عليك بل وضرورة أن تتحرك لتُبذل مجهودًا حقيقيًا من أجل تخفيف معاناة الشباب، وصقل تعمقهم ووجودهم على الأرض، وانقاذهم من الانحراف والموت والانسلاخ عن طاعة الأهل، فقطاع غزة يحتاج كل ساعد وكل أبجدية وكل قلم وكل بندقية، وهنا ألقي المسؤولية كاملة على حكومة حماس كونها الحاكمة أن تكرس جهدها على الأداء الاقتصادي والثقافي وأن تبحث عن الحلول بجدية وكفى، لأنها مسؤولة أمام الشعب وأمام الله.  

فإن ما نراه على أرض الواقع هو نقمة ولعنة، إلا إذا التفت المسؤول الخادم لشعبه للبحث عن توفير فرص العمل المناسبة للشباب وخاصة الخريجين، واستثمار طاقاتهم وإمكانياتهم، وهو ما يعزز عملية دعمهم وتشجيعهم على الثبات في وطنهم، ورفض فكرة الهجرة ليبنوا أنفسهم ووطنهم.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *