الرئيسية / تحقيقات و حوارات / عملية التخريب: كيف تقوم بالتخريب بإحكام؟

عملية التخريب: كيف تقوم بالتخريب بإحكام؟

فتح

عملية التخريب: كيف تقوم بالتخريب بإحكام؟
وتدمر أمـة؟

مفوضية الاعلام والثقافة والتعبئة الفكرية في     حركة فتح.

أكاديمية فتح الفكرية. أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية

مقدمة:
قام أحد المدونين مؤخرا بنشر مادة تدعي العلمية، ولكنها بحقيقتها تشكك بمباديء بالدين الإسلامي الحنيف من حيث مكان نزول آيات القرآن الكريم، فرددت عليه وكان شخصا صخابا فاحشًا، وكان آخر قد نشر تشكيكا ببعض رموز الأمة، وهم من يجب احترام انجازاتهم مع الافتراض قطعا أنهم بشر يصيبون ويخطئون، وللرد عليهم أسلوب لا يطعن ولا يلعن ولا يحقر أبدا ما هو أسلوب الحوار والنقاش والفكر العلمي عامة بالأمس واليوم، ما استحق الرد أيضا منا، ومن ثلة من الكتاب البارزين.
لكن تكرار مثل هذه الأمور التخريبية للعقول وبشكل كثيف، ومع عصر الشابكة (الانترنت) ولكثير من أبناء الأمة التي تتأثر بالانطباعات والصور، وطريقة عرض الأوهام الجذابة، وتقضي جل وقتها بعيدا عن القراءة العميقة كان من المستحيل أن يكون الطعن والتخريب الفكري والتشكيك المتواصل بريئا أو غير مهدف.
من هنا جاء التشكك لدي من تشكيك المخرّصين الذين لم يفتأوا التخريب والسخرية والتدمير في دين ووحدة الأمة، ولم يكن كهنة بني إسرائيل العرب القدماء المنقرضين إلا من هذه الفئة الضالة التي ألّفت الأوهام والأكاذيب والخرافات والأحلام وضمنتها التوراة التي نتداولها وما استند لها من فكر وتاريخ وسياسة خادعة.
ولسنا ببعيدين اليوم عن ذلك، بل نحن الأقرب كشعب فلسطيني وكأمة، لا سيما ووسائل الاتصال الكثيفة والمتاحة للتخريب وأسر العقول.
رأينا في أكاديمية فتح الفكرية ومركز الانطلاقة للدراسات نشر المادة المرفقة لكم كحائط استنادي وتحصين للهوية وللذات العربية والاسلامية والمسيحية، والوطنية أمام هجمات المستعمر الصهيوني، ومن هم إلى يمينه.
نشرت الكاتبة سارة الطباخ المادة تحت عنوان: (عملية التخريب.. كيف تتم بإحكام؟ هنا كيـــف تدمر أمـة؟) وذلك على حلقتين في صحيفة اليوم السابع، ونشرتها (انفراد) في 2/5/2017 .

وكتبت المادة في17 مارس 2016 على موقع (ساسة بوست) المقرب من (الاخوان المسلمين)، وكتبها أحمد المقدم تحت عنوان: (عميل كي جي بي سابق: كيف تقضي على دولة دون حرب؟).

وهذا الموضوع حول تخريب الأمة، لهو الموضوع الذي يستحق القراءة والتمعن لما ينتشر في مجتمعاتنا العربية والاسلامية وفي فلسطين من عملية تفتيت وتجزيء وتخريب مقصودة، وعملية تدمير قيمي وأخلاقي وفكري وثقافي، تسليعي للأفكار، يجب أن يصبح معها تعاطينا مع كل ما نقرأ أونرى، أو تعاطينا مع طروحات (العدو الصهيوني) أكثر علمية وأكثر حذرا، وصلابة، ولضرورة إيجاد حائط فكري ثقافي قيمي للأمة ولشعبنا.

قمنا ختاما بالإشارة أيضا للكتاب بالانجليزية وباسمه الأصلي (رسالة حب الى أمريكا)، وللمقاطع المرئية على (يوتيوب) للمؤلف “يوري بيزمينوف” أو “توماس شومان” صاحب الكتيب الثري.





بكر أبوبكر
رئيس مجلس عدارة اكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية









عملية التخريب.. كيف تقوم بالتخريب بإحكام؟
و تدمر أمـة؟

كان “يوري بيزمينوف” أحد أطفال الحروب، فقد ولد في موسكو سنة 1939 وكان أبوه ضابطًا في الجيش السوفييتي. ضمن له منصب أبيه تعليمًا جيدًا تمكن بعده من الالتحاق بمعهد اللغات الشرقية التي يقول عنها “بيزمينوف” أنها كانت في الحقيقة تابعة لل(كي جي بي) (المخابرات السوفييتية) وكان هدفها الرئيسي تفريخ نخبة من الدبلوماسيين والجواسيس.
بعد تخرجه تم بعثه إلى الهند كمترجم تابع للمجموعة السوفييتية للدعم الاقتصادي، وسرعان ما أدرك أن الهدف الحقيقي لهذه المجموعة هو الاستغلال لموارد الهند وليس المساعدة الاقتصادية، وساعدهم على تحقيق هذا ما دعاه التخريب الفكراني=الأيديولوجي Ideological Subversion الذي كان يتبعه الاتحاد السوفييتي من تجييش الإعلام والسياسة والوسائل الأخرى لفرض الهيمنة على الهند.


عاد بيزمينوف إلى موسكو والتحق بوكالة نوفوستي الصحفية Novosti Press Agency التي أكد بيزمينوف أنها أهم وسائل الدعاية التابعة لل”كي جي بي” ثم بعد عدة أشهر تم تجنيده رسميًا للعمل كمخبر لل”كي جي بي”، ومهمته الرئيسية كانت نشر معلومات مغلوطة للدول الأجنبية هدفها إعلاء شأن الاتحاد السوفييتي وتخريب هذه الدول.
عاد إلى الهند مرة أخرى ليرأس مجموعة البحث والدعاية المضادة Research and Counter-Propaganda Group التابعة للسفارة السوفييتية في نيودلهي والتي حملت على عاتقها العديد من المهام هدفها الرئيسي زيادة دائرة النفوذ السوفييتي في الهند، ومن هذه المهام كان جمع المعلومات عن الشخصيات الهامة في الهند والعمل على شراء ولائهم أو ابتزازهم.
يقول “بيزمينوف” أن الفترة التي عاشها في الهند ولدت داخله احترامًا وحبًّا تجاه هذا البلد العريق وأن هذا جعل اشمئزازه من ممارسات حكومته في حق هذا البلد تزداد بمرور الوقت، إلى أن قرر في عام 1970 أن يهرب من الهند متجهًا إلى كندا حيث قضى بعض الوقت ثم منها اتجه إلى الولايات المتحدة، هناك غير اسمه إلى “توماس شومان” وعمل ككاتب ومحلل سياسي واعتبر نفسه رسولًا إلى الشعب الأمريكي يحمل تحذيرات من سياسات التخريب الأيديولوجي التي يتبعها الاتحاد السوفييتي والتي ضربت بجذورها في الولايات المتحدة نفسها واستمر على هذا الحال حتى مات عام 1993.
وكان أحد كتبه التي كتبها في سبيل رسالته هذه هو كتابه الصغير جدًا بعنوان: رسالة حب إلى أمريكا Love Letter to America، الذي كتبه عام 1984 وشرح فيه بالتفصيل خطوات التخريب الفكراني (الأيديولوجي) الأربعة. (مرفق بالختام رابط الكتيب بالانجليزية-مركز الانطلاقة)

رسم توضيحي لخطوات التخريب الفكراني (الأيديولوجي) الأربع مع الجدول الزمني (من كتاب يوري بيزمينوف: رسالة حب إلى أمريكا)



الكاتبة سارة الطباخ في الجزء الأول من مقالها على صحيفة اليوم السابع المصرية وعنه في (انفراد) و(نقطة وأول السطر) الذي نراه مطابقًا في غالبه للشريط المرئي الذي يظهر فيه المؤلف الأصلي “يوري بيزمينوف” في ندوة مرئية (فديو) هامة لجمهور عريض حول الموضوع، تكتب:
“أعلى درجات فنون الحرب لن تأتي بالقتال ولكنها تأتي بـالتخريب”، استوقفت كثيرا عند هذه العبارة خلال قراءتي لأحد الكتب الأجنبية والتي تتناول الخطوات التخريبية الأيديولوجية لأي دولة أو أمة، وما هي مراحل التخريب ومن أين تبدأ في تدمير الدولة .
“التخريب” .. هو كلمة السر لانهيار المجتمعات، تخريب أي شيء له قيمة لدي مجتمع دولة العدو مثل: تخريب العقل، إفساد الضمائر، إضاعة الوقت، إهدار معنى وقيمة الدين وأهمية التمسك به، زعزعة المباديء والأخلاقيات الموروثة.
كله هذا وغيره يجعل عدوك في حالة عدم أتزان فكرى ونفسي بل يصل به الأمر إلى أنه لا يراك عدواً من الأساس، بل يتشكك في قدرته على فهمك، وتصبح أنت ونظام دولتك البديل له عن حضارته وعقائده ومبادئه، وأن تصبح مرغوب في نظر عدوك بل وهدف يصبو للوصول إليه..
وهنا يسهل عليك أسْر أمة بأكملها وإسقاط عدوك دون إطلاق رصاصة واحدة.
إن القتال في أرض المعركة يأتي بنتائج عكسية وهمجية وغير فعالة، تعلمون أن الحرب هي استمرار لسياسة دولة ما، فإذا كنت تريد النجاح في تنفيذ سياسة الدولة الخاصة بك وبدأت القتال.. فهذا أسوأ طريقة لتحصل على النتائج المرجوة.
المراحل الزمنية الأربعة للتخريب
التخريب ببساطة يتكون من أربعة مراحل زمنية محكمة، إذا بدأنا من أعلى وتدرجنا إلى أسفل وبشكل زمني منتظم سنأتي بنتائج جيدة.. فأولي مراحل التخريب هي عملية “تدمير الأخلاق ونزع الروح المعنوية”
ومعناها واضح من نفسه، فهذه المرحلة تستغرق ما بين ١٥ إلى ٢٠ سنة لكي تدمر أخلاق مجتمع.. فلماذا إذاً ١٥ إلى ٢٠ سنة؟؟ لأن هذه الفترة تكون كافية لتعليم جيل واحد من الطلاب أو الأطفال.. فهذه مرحلة حياة شخص، كائن إنساني، تلك الفترة المخصصة للدراسة وتشكيل وتكوين الشخصية والمنظور، الأيديولوجية لا أقل ولا أكثر، وفى العادة تأخذ من ١٥ إلى ٢٠ سنة. فعلى ماذا تشمل هذه المرحلة..
تشمل على التأثير أو بمعني آخر التخلخل والزعزعة، على مستوى مختلف المجالات التي يتشكل أو يصاغ بها للرأى العام مثل الدين والنظام التعليمي والحياة الاجتماعية والإدارة ونظام تطبيق القانون ونقابات العمل وعلاقات أصحاب العمل والمنظور الاقتصادي.
أسلوب التخريب الذي أتحدث عنه يشبه فن الدفاع عن النفس الياباني، فإذا كان أحد منكم على دراية بهذا الأسلوب ربما يتذكر أنه إذا كان العدو أكبر وأثقل منك سيكون من المؤلم جداً مقاومة ضربته بشكل مباشر، ومن غير المجدي إيقاف ضربته

لكن الطريقة المثلي للدفاع عن النفس وفقاً لقواعد الـ(سودو) اليابانى والصيني هو أولاً تجنب الضربة ثم إمساك قبضة العدو مع سحبه إلى اتجاه حركته حتى يصطدم بالجدار. كيف!!
البلد المستهدف تدميره يفعل شيء خاطئ وحركات لا إرادية تأتى بنتائج عكسية في مواجهة العدو، فمن الطبيعي أن يكون لأي بلد معارضيه بل وأعداء قد يكونوا مجرمين بسطاء أو من هم في خلاف فكراني (أيديولوجي) مع سياسة الدولة، أو شخصيات مضطربة نفسياً تعادى كل شيء في المطلق وهناك أيضاً مجموعات صغيرة من عملاء الدول الأجنبية يتم شراؤهم بإغراءات مادية ويتم تجنيدهم لحسابهم الخاص، وفى تلك اللحظة التي يتم فيها تحريك كل ما ذكر من هذه الأدوات باتجاه واحد يأتي الوقت الذي تمسك بقبضة عدوك الذي تتمنى تدميره وتجعله يستمر حتى يرتطم بالجدار.
وهنا تجبر الحركة المجتمع بالكامل للانهيار وتأخذه إلى أزمة حقيقية وهذا هو بالضبط أسلوب فن القتال حيث لا يتوقف العدو بل تسمح له أن يذهب وتذهب أنت معه نحو الاتجاه الذي يريده هو.
ففي مرحلة تدمير الأخلاق سيكون من الواضح وجود اتجاهات في كل مجتمع وفى كل بلد التي ستذهب في الاتجاه المعاكس للأخلاق الأساسية، والقيم والمبادئ لاستغلال هذه الحركات للاستفادة منها وهذا هو الغرض الأساسي للتخريب.
أي مجتمع لديه الدين والتعليم والحياة الاجتماعية وهيكل السلطة ونقابات العمل والقانون والنظام.. تلك هذه هي المجالات التي يطبق فيها التخريب..
فماذا يعنى هذا بالتحديد: في حالة الدين.. قم بتدميره، أسخر منه، استبدله بمختلف الطوائف والعبادات والمعتقدات التي تجعل الناس ترى أن هذا الدين ساذج، بدائي، وغير مهم.. طالما أنهم في الأساس قبلوا بتآكل العقيدة الدينية لديهم ببطء لتأخذهم بعيداً عن الهدف الأساسي للدين وهو أن يبقى الناس على اتصال بخالق أعلى وهذا يخدم الغرض، وبعدها يتم استبدال المنظمات الدينية المقبولة والمحترمة بمنظمات وهمية لا تمت للدين بصلة وتصرف انتباه الشعب من الإيمان الحقيقي وتطرفهم إلى أنواع الديانات المختلفة المتطرفة.
أما في التعليم: فقم بإبعاد الناس عن تعلم الأشياء الهادفة ذات القيمة البناءة، لتكون بديلة عن الرياضيات والفيزياء واللغات الأجنبية والكيمياء، وأبدأ في تعليمهم تاريخ حرب المدن والاقتصاد المنزلي أو أي شيء تافه طالما أنه يأخذهم بعيداً.
وكذلك في الحياة الاجتماعية: استبدل المنشآت والمنظمات التي أوجدتها التقاليد بمنظمات وهمية، انتزع المبادرة من الشعب، انزع منهم القدرة على تحمل المسئولية من الروابط التي أُسست على الوطنية بين الأفراد ومجموعة من الأفراد وفى المجتمع عامة واستبدله ببيبروقراطية مصطنعة تتحكم حتى في أجسادهم.
أربعة مراحل تخريب يجب أن نمر عليها حتى تأتى بالنتائج المرجوة وهى:
-مرحلة تدمير الأخلاق ونزع الروح المعنوية Demoralization
-مرحلة زعزعة الاستقرار Destabilization
-مرحلة الأزمة Crisis.
-مرحلة التطبيع Normalization
هذا وتضيف الكاتبة سارة الطباخ في الجزء الثاني من مقالها: تحدثنا في المقال السابق عن التخريب كونه هو كلمة السر لانهيار المجتمعات والدول، واليوم نواصل الحديث عن مراحل عملية التخريب.. وكيف تتم بإحكام؟ فهناك أربعة مراحل تخريب يجب أن نمر عليها حتى تأتى بالنتائج المرجوة وهى:



المرحلة الأولى: مرحلة تدمير الأخلاق ونزع الروح المعنوية Demoralization

إن مرحلة تدمير الأخلاق ونزع الروح المعنوية لدولة ما قد تأخذ ما بين 15 و20 عامًا، وهو يفسر الاحتياج إلى هذا العدد من السنين، لأنها المدة المطلوبة لتعليم وتخريج جيل واحد من الطلبة المحملين بفكرانية=أيديولوجيا المخرب subverterفي الدولة المستهدفة، وهدف هذه الخطوة هو إزالة أي معوقات أمام الأيديولوجيا المستوردة من المخرّب عن طريق الإجهاز على أي أيديولوجيات قومية متينة.

ولتحقيق النجاح في خطوة تدمير المرحلة الأولى الخاصة بالأخلاق ونزع الروح المعنوية يجب المرور على ثلاثة مراحل تخريب أساسية:
أولا: تخريب المجال الفكري: الذي يشمل على «الدين، التعليم، الإعلام، والثقافة».. فالأفكار، هي التي تؤدى إلى التغيرات الضخمة في مسار التاريخ، ومن أهم أهداف هذا المستوى هو التركيز على الدعائم الفكرية التي ترتكز عليها الدولة المستهدفة كالدين والتعليم والإعلام والثقافة.
فبدايةً، على المخرّب أن يفكك الدعامة الدينية التي توفر الثوابت الأخلاقية ويمكن تحقيق هذا بطرق عدة أهمها «تسييس» الديانات السائدة، فربط الأساسيات الدينية بالاتجاهات والصراعات السياسية يعد أول مسمار فى نعش هذه الأساسيات، لأن هذا يدنسها ويفقد ثقة العامة بها، فلكي تدمر الدين فعليك بزرع كوادر دينية جديدة أواستمالة الكوادر القديمة كي يخوضوا بقوة في المجال السياسي، وعكوف المؤسسات الدينية على جمع التبرعات التي تجعل المتدين يعتقد أنه ورع وتقي ويشعر بذلك أنه قد أدى ما عليه تجاه هذا الدين، كل هذا بخلاف حرص رجال الدين على الظهور الإعلامي، وبهذا يخرج من دائرة التبجيل والوقار إلى دائرة الهزل والاستهتار به فتتحول إلى مادة ترفيهية.
والدعامة الثانية في هذه المرحلة هي التعليم، ويهدف المخرّب بها لنشر الجهل في الدولة المستهدفة مع إعلاء أفكاره وتمجيدها، بحيث تخرج أجيال من الطلبة الناقمين على دولهم العاشقين للأفكار التخريبية.
ويورد أحمد المقدم في مقاله عن ذات الموضوع وفي ذات النقطة مضيفا هنا بالقول:(الدعامة الثانية هي التعليم، وهدف المخرّب هنا هو نشر الجهل في الدولة المستهدفة مع إعلاء أفكار المخرّب وتمجيدها بحيث تخرج أجيال من الطلبة الناقمين على دولهم العاشقين للأفكار التخريبية، وهذا يتحقق بطرق غير مباشرة مثل برامج تبادل الطلبة التي تعطي الفرصة لإجراء عمليات غسيل لمخ هؤلاء الطلبة، إغراق الجامعات والمدارس بالأعمال الأدبية المختلفة القادمة من دولة المخرّب، دعم الكوادر الطلابية المتطرفة الأفكار، ودعم الجرائد والصحف الطلابية الناشرة لأفكار المخرّب.)
الدعامة الثالثة هي الإعلام، فاحتكار الإعلام وفرض وجهة نظر واحدة تعد من أهم طرق تأثير المخرّب على أفكار الدولة المستهدفة، هذا بالإضافة إلى التشهير بالكوادر الوطنية والتركيز على المشاكل التافهة وغض البصر عن المشاكل الرئيسية.
أما الدعامة الأخيرة هي الثقافة.. وفيها يحاول المخرّب استمالة الكتاب والشعراء والفنانين المغمورين في الدولة المستهدفة ويدعمهم ويدعم أفكارهم المناهضة لدولتهم حتى يكبروا وتنتشر أفكارهم بين الناس وخاصةً الأجيال الناشئة.
ويضيف الكاتب أحمد المقدم قائلا أن “بيزمينوف” يطلق على هؤلاء لقب: (المغفلون المفيدون useful idiots) )
ثانيا: تخريب المجال البنيوي: وتشمل على «القانون والنظام – العلاقات الاجتماعية – الأمن – السياسات الداخلية – العلاقات الأجنبية الاقتصادية».
وفيها يستهدف المخرب إسقاط وضرب الأعمدة والهياكل الرئيسية للدولة المستهدفة كالهياكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأهم هذه الهياكل هي مؤسسات القضاء والشرطة والجيش، فعلى المخرّب أن يركز على كل ما يثير استياء العامة تجاه هذه المؤسسات ويدفعهم إلى الهجوم عليها مما يقلل من فاعلية هذه المؤسسات في أداء مهامها وهذا بالتالي يزيد من الاحتقان، أيضا العمل على خلق خلافات دولية، انعزال عن دول صديقة بسبب أزمات اقتصادية مفتعلة.
ثالثا: تخريب الحياة: وتشمل على «الحياة الأسرية والاجتماعية – الصحة – العرق – السكان – العمل».
المستوى الثالث والأخير في خطة المخرّب لتدمير الأخلاق ولنزع الروح المعنوية هو مستوى الحياة، ويبدأ هذا المستوى بتخريب الحياة الأسرية، فجعل الأسرة المفككة هي النموذج العام، حيث يقلل من ولاء الابن أو الابنة لهذه الأسرة، مما يمهد لتقليل ولائهم تجاه دولتهم كخطوة تالية، جانب آخر لهذا المستوى هو جانب الحياة الرياضية فتشجيع الرياضة أن تصبح احترافية بالمقام الأول يدفع الجموع إلى الاكتفاء بمتابعتها على الشاشات أثناء تناول الأطعمة غير الصحية، وهذا يقودنا بالتالى إلى أهمية تشجيع إنتاج الأطعمة السريعة الاستهلاكية التى تفسد صحة المواطنين وتصيبهم بالبلادة الجسدية والعقلية.
مع بضعة من الجوانب الأخرى وهى العمل على إثارة الفتن بين الأقليات في الدولة المستهدفة، الحث على زيادة التمدن، حيث يكون الفلاح الذي يمتلك أرضه في الغالب أكثر الناس وفاء لهذه الأرض ومن ثم لدولته.
وأخيرًا العبث في النقابات العمالية والتشجيع على التظاهرات التي لا تطالب بالضرورة بطلبات مشروعة، بل تكون أشبه بمحاولات الابتزاز خاصة إذا تمت في أوقات تكون الدولة فيها في أمس الحاجة إلى خدمات هؤلاء العمال.

المرحلة الثانية من الخطة التخريبية هي: زعزعة الاستقرار Destabilization

هذه الخطوة قد تأخذ بين عامين وخمسة أعوام، وأولى علامات زعزعة الاستقرار هي صراعات القوة التي يلجأ فيها العامة منزوعو الروح المعنوية إلى الخيارات الأسهل، مثل اختيار السياسيين ذوى الشخصيات الجاذبة “الكاريزمية” والذين يتعهدون بتحقيق الاستقرار وبتقديم الحلول السريعة السهلة لمشاكل الدولة، هذه الحلول التي دائماً ما تفشل وتؤدى إلى مشاكل أكبر وأكثر.. وكنتيجة طبيعية لزعزعة الاستقرار تلجأ الدولة إلى السيطرة على الموارد الاقتصادية بحجة حماية مصالح الدولة، مما يؤدى إلى المزيد من القوة التي تحتكرها الدولة ومزيد من احتقان المواطنين تجاهها، حيث تكون الصراعات الداخلية نتيجة طبيعية تؤدى إلى عزلة الدولة المستهدفة عن باقي دولها الصديقة، وهنا تأتى دولة المخرّب لتقدم يد العون الوحيدة إلى الضحية وبهذا تضعها فعليًا تحت سيطرتها، ووقتها تصبح الدولة المستهدفة مهلهلة وهشة.









المرحلة الثالثة: الأزمة

تأتى بمرحلة الأزمة Crisis التي لن تستغرق أكثر من شهرين إلى ستة أشهر لحدوثها، وفى هذه المرحلة يتم تنشيط جميع الخلايا النائمة للمخرّب في الدولة المستهدفة لاستغلال ارتباك الجماهير وخوفهم والسيطرة على الأمور سريعًا.
يورد أحمد المقدم في نقله عن الكتاب قائلا عن الأزمة: أنه في الغالب سوف يأتي هؤلاء إلى مراكز القوى عن طريق الانتخاب وسيتبع ذلك إعلان حالة الطوارئ بحجة السيطرة على الأمور والتي لن تجد أي مقاومة من الجموع المرتعدة، بل في الغالب سوف تكون مرحَّبة من قبل تلك الجموع.
عند بلوغ هذه المرحلة لن يحتاج المخرّب إلى أي تدخل عسكري في الدولة المستهدفة، فقد خضعت له هذه الدولة بالفعل بأن أصبح عناصره هم المالكين لقوت يوم مواطنيها، ويستطيع كذلك إجراء التغييرات الجذرية مثل تأميم الممتلكات وإعادة توزيع الثروة كيفما يحلو له مسلحًا بالجهاز الإعلامي الذي يبرر له كل ما يفعله.



الخطوة الأخيرة: التطبيع

أما الخطوة الأخيرة هي «التطبيع» Normalization، فتطبيع المواطنين في الدولة المستهدفة على الأوضاع الجديدة وهذا قد يتم بالقوة إذا لزم الأمر، فرغم أن معظم المواطنين لن يقاوموا التغيير إلا أنه لابد من ظهور بعض خلايا المقاومة هنا وهناك التي لن ترضى بهذه التغييرات التعسفية، لكن هذه المحاولات يمكن ويسهل وأدها، وبهذا تتم عملية التخريب الأيديولوجى بنجاح منقطع النظير.
ويضيف أحمد المقدم نقلا عن الكتاب أنه: يمكن وأدها عن طريق قوة الشرطة والجيش وسوف يصبح من الطبيعي مشاهدة الجنود يجولون في جميع الأنحاء لإلقاء القبض على من يحلو لهم، أما بالنسبة للـ(مغفلين المفيدين) فسوف يكونون أول من يتم زجه بالسجون والمعتقلات وسوف يعدم الكثيرون منهم بعد أن فقدوا أهميتهم بالنسبة للمخرّب.
لن يُسمح بالطبع بأي نقد لنظام الدولة الجديد وسوف يخضع جهاز الإعلام إلى رقابة شديدة على ما يقدمه، وبهذا تتم عملية التخريب الفكراني (الأيديولوجي) بنجاح منقطع النظير.









الحواشي:

(1)هذه الطبعة الثانية من المادة، وصدرت عام 2021م.
(2) هذه المقدمة عن “يوري بيزمينوف” من مقال الكاتب أحمد المقدم في موقع (ساسة بوست) المعنون: عميل كي جي بي سابق: كيف تقضي على دولة دون حرب؟
(3) رابط المقال لسارة الطباخ الجزء 1 والجزء 2 على صحيفة اليوم السابع المصرية: http://www.youm7.com/story/2017/5/7/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%AF%D9%85%D8%B1-%D8%A3%D9%85%D8%A9-%C2%AB2%C2%BB/3223557 وعلى موقع (نقطة وأول السطر) http://www.noqta.info/page-109994-ar.html
(4) رابط الندوة للعميل الروسي السابق https://www.youtube.com/watch?v=oih78a-4U7Y
(5) كان من الأولى الإشارة للكتاب والكاتب، والكتاب هو: رسالة حب إلى أمريكا لتوماس شومان.
(6) تقول الكاتبة لمى قوقزي في موقع إي عربي: يمكن وصف تانك سودو كنسخة كورية من الكاراتيه، حيث أنه أسلوب مهم لفنون الدفاع عن النفس. فالممارسين يستخدمون الضربات اليدوية والركلات للدفاع عن أنفسهم. وتمارس أيضاً جيو جيتسو أو أرنب معصم اليد نمط باسم التحركات الدفاع عن النفس (Tang Soo Do)، فهو أسلوب يعتمد على التنفس في أنواعه وممارسته، ولا يوجد اتصال أو مبارزة خفيفة وبناء الشخصية داخل المشاركين. ولا يكفي أن يتعلَّم ممارسو (Tang Soo Do) جميع الحركات البدنية داخل الفن. ويجب عليهم أن يتعرفوا على تاريخ النمط وأن يظهروا الاحترام للقتال واللاعبين الآخرين.
اقرأ المزيد على e3arabi: ما هو تانك سودو؟ https://e3arabi.com/?p=358553
(7) في إضافة المقال لأحمد المقدم عن كتيب المؤلف يحدد تخريب الدين من خلال 3 أشكال رئيسة هي: (تسييس) الديانات السائدة، فربط الأساسيات الدينية بالاتجاهات والصراعات السياسية يعد أول مسمار في نعش هذه الأساسيات لأن هذا يدنسها ويفقد ثقة العامة بها، ثم من الطرق الهامة الأخرى لتحييد الدين: (التسويق)، وطريقة ثالثة ذكرها “بيزمينوف” هي (جعل الدين مصدرًا للتسلية) بأن يصبح رجل الدين كالمؤدي على المسرح وأن يصبح ظهوره أساسيًا في وسائل الإعلام وأيضًا بالاستعانة بالنجوم اللامعين كالممثلين والمطربين للدعاية لبعض الأفكار الدينية، وبهذا تخرج هذه الأفكار من دائرة التبجيل إلى دائرة الهزل.
( يورد أحمد المقدم في نقله عن الكتاب قائلا عن الأزمة: أنه في الغالب سوف يأتي هؤلاء إلى مراكز القوى عن طريق الانتخاب وسيتبع ذلك إعلان حالة الطوارئ بحجة السيطرة على الأمور والتي لن تجد أي مقاومة من الجموع المرتعدة، بل في الغالب سوف تكون مرحَّبة من قبل تلك الجموع.
















للمرجعية
* اسم الكتاب “Love Letter to America” ليوري بيزمينوف أو توماس شومان.
https://www.sasapost.com/opinion/kgb-agent-earlier-how-to-eliminate-the-state-without-war/
**رابط الكتاب بالانجليزية: https://archive.org/details/BezmenovLoveLetterToAmerica
**** رابط شريط مراحل التخريب الجزء1
https://www.youtube.com/watch?v=oih78a-4U7Y
** رابط شريط مراحل التخريب الجزء2 https://www.youtube.com/watch?v=dVO4Z51bjtQ
***رابط ندوة للكاتب الأصلي (يوري بيزمينوف) أو توماس شومان تحت عنوان شومان: الحرب النفسية و تدمير الأمم والشعوب والتحكم بها
https://www.youtube.com/watch?v=Ezsb5aplJhc

فلسطين في 1/6/2017، والطبعة الثانية عام 2021م
أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية
بالتعاون مع مركز الانطلاقة للدراسات

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

received_7520320228035389

حوار قبل الاستشهاد مع الشهيد… الأسير المحرر / عوض غالب السلطان

الشهيد … الأسير المحرر / عوض غالب السلطان. ارتقى شهيدا في القصف الصهيوني الغادر على مخيم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *