الرئيسية / الآراء والمقالات / د.مروان محمد مشتهى يكتب : عوامل نجاح التنشئة الاجتماعية

د.مروان محمد مشتهى يكتب : عوامل نجاح التنشئة الاجتماعية

مروان محمد مشتهى

عوامل نجاح التنشئة الاجتماعية
د.مروان محمد مشتهى

إن عملية التنشئة الاجتماعية لها تأثيراً مباشراً على تربية وتعليم وتهذيب الأجيال المتعاقبة في مختلف مراحلهم العمرية ، فهي تعتبر الأساس المتين في تشكيل شخصياتهم واتجاهاتهم وسلوكهم.

كما تعتبر التنشئة الاجتماعية عملية تعليم وتعلم ،وتربية وثقافة ، تقوم على أساس التفاعل الاجتماعي وتهدف إلي اكساب الأفراد اتجاهات محددة من أجل صقل قدراتهم للقيام بأدوار اجتماعية معينة ، تعمل على تحقيق التوازن والتفاعل المجتمعي المرغوب فيه .

وتتمثل أهداف التنشئة الاجتماعية بقدرتها على ضبط سلوك الفرد؛ من خلال غرس القيم السلوكية ؛مما يوفر جواً اجتماعياً سليماً لتحقيق مستويات من النضج النفسي والسلوكي وتعزيز مهارات الفرد ؛بما يمكنه من الاندماج الفعال في المجتمع .

وتجدر الإشارة أن التنشئة الاجتماعية تعمل على اكساب الفرد ثقافة المجتمع، وأنماط سلوكه، فتحدد بذلك هويته الاجتماعية ، وتعمل على اشباع حاجاته ورغباته، ليكن بذلك منسجماً مع نفسه وأفراد مجتمعه ؛مما يسهل عملية التكيف الاجتماعي وتحقيق أعلى درجات التكامل؛ مما يمكن الفرد من معرفة دوره الوظيفي في المجتمع وتحديد نمط السلوك المرغوب له.

لا يمكن اغفال دور الأسرة الفعال في عملية التنشئة فهي المجتمع الإنساني الأول الذي يعيش فيه الطفل، فتعمل على غرس قيم وعادات وتقاليد المجتمع، وتوجيه الأفراد باستخدام عدة أساليب تربوية وسلوكية؛فينعكس سلباً أو إيجاباً على شخصية أفراد الأسرة ؛من خلال المهارات والمعارف الأولية التي يتم اكتسابها من نواة المجتمع الأولى.

كما لا يمكن تجاوز دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية فهو لا يقل خطورة عن دور الأسرة في تكوين شخصية الفرد وإكسابه المعرفة وخاصة دور المعلم فهو القدوة الحسنة، ومثال الأخلاق ،ويعمل على تكوين الاتجاه ؛ فإذا أردت بناء جيل مثقف ومؤهل؛فعليك ببناء المعلم ، وتوفير كل ما يلزم له من مقومات العمل ؛ لتمكينه في بناء الشخصية الناجحة ذات الفاعلية و التأثير .

في هذا الإطار تعتبر العوامل الداخلية مثل: الدين ،وطبيعة العلاقات الأسرية، والوضع الاجتماعي والاقتصادي ، ومستوي التعليم للأسرة ، من البواعث الأساسية التي تعتمد عليها عملية التنشئة الاجتماعية في تربية الأجيال واكسابها المهارات التي يحتاجها المجتمع .

كما لا يمكن اغفال دور العوامل الخارجية في قدرتها على التأثير على فاعلية عملية التنشئة الاجتماعية ، كالمؤسسات التعليمية ، الأصدقاء ،دور العبادة ،ثقافة المجتمع السائدة ،الوضع السياسي والاقتصادي للمجتمع .

ولعل من أخطر ما يهدد التنشئة الاجتماعية في وقتنا الحاضر الغزو الفكري والثقافي ؛الذي يتعرض له أفراد المجتمع من خلال تعاملهم المباشر مع وسائل الإعلام المختلفة كانت تمثل حتى وقت قريب بالوسائل المرئية التقليدية بما تقدمه من برامج هدامة للقيم التي اكتسبها الفرد داخل الأسرة ؛ لتتحول مع انتشار تكنولوجيا المعلومات وسهولة سبل التواصل الاجتماعي ؛ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الفيس بوك ، توتيتر ،الانستغرام ، الواتس أب وغيرها ؛ مما يتطلب جهوداً مضاعفة من قبل الأسرة للمراقبة الحميدة لأفرادها ؛ دون المساس بحريتهم الشخصية في كيفية الاستخدام الصحيح لتلك الوسائل ؛ وبما لا يتعارض مع ثقافة الفرد والمجتمع والقيم المتوارثة .

خلاصة القول؛ أن هناك تكاملاً بين دور الأسرة والمجتمع بكل عواملها في عملية التنشئة الاجتماعية ،فتساهم الأسرة في تكوين شخصية الفرد وتأهيله وإكسابه القيم والسلوك القويم ؛ وتقدمه للمجتمع ، بينما يقوم المجتمع بدور لا يقل أهمية في تشجيع وتقوية الأنماط السلوكية المرغوب فيها والتي تتوافق مع قيمه ومبادئه وحضارته، وتقويم السلوك الغير مرغوب فيه بما يخلق توازناً محموداً يؤدي إلي تحقيق أهداف الفرد و المجتمع.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

تعليق واحد

  1. ايمن الدريملي

    مقال جدير بالمناقشة.. ولكني.. أرى أن التربية الدينية هي العامل الأساسي والفعّال في نجاح التربية واتنشئة الصحيحة للفرد. وباقي العوامل ما هي إلا ادوار ثانوية. فالأساس يقع على عاتق الاب والام في تربية الابناء من حيث سلوكهم واخلاقهم وعلاقاتهم بالمجتمع المحيط بهم. فعلى سبيل المثال. اذا الاب مسلم ويمتهن الكذب. فماذا تنتظر من الابن!! وقس على ذلك باقي السلوكيات..