الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مروان محمد مشتهى يكتب : تأثير الشائعات على المجتمع

د. مروان محمد مشتهى يكتب : تأثير الشائعات على المجتمع

مروان محمد مشتهى

تأثير الشائعات على المجتمع
د. مروان محمد مشتهى

ظهرت أهمية الشائعات أثناء الحرب العالمية الثانية كأداة يمكنها التأثير في معنويات وأفكار واتجاهات الجماهير، وتعتبر من الأسلحة الناعمة التي لا تقل ضراوة عن القوة الصلبة.

تعتبر الإشاعة رواية تتناقلها العامة وترددها دون ارتكازها لمصدر موثوق يؤكد صحتها ،وقد تحمل جزءاً بسيطاً من الحقيقة ؛ومن ثم يتم المبالغة في صياغة تفاصيلها؛ لتضليل الجماهير بما يخدم مروجي الإشاعة.

هذا وتعتبر الإشاعة ظاهرة وبائية شديدة الخطورة،تحمل جميع أعراض المرض على جميع المستويات وتتواجد في جميع المجتمعات الإنسانية؛ فهي عنصر من عناصر الهدم الممنهج الذي يصعب التخلص منها نظراً لتأثيرها السلبي على الفرد المجتمع .

إن فكرة بث الإشاعة في صفوف الجماهير تنتطوي على خطورة لا يمكن الاستهانة بها اذا ما لامست موضوعات مهمة تشغل بال الشارع ؛ كأن تتناول على سبيل المثال لا الحصر مسألة سلم الرواتب أو التقاعد ؛وتشتد خطورتها عندما تلامس كل شرائح المجتمع خصوصاً عندما تناولت أمراً يتعلق بتصعيد عسكري أو حدث سياسي هام يلقي بظلاله على كافة أفراد المجتمع.

كما يمكن اعتبار أهم سمات الإشاعة الغموض الذي يكتنفها ؛ الذي ينتج عن تضارب في الروايات والأخبار الرسمية مما يتسبب في تفسيرات تؤثر سلباً في وعي المواطن وإدراكه.

ويعتبر سوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي والاحباط السياسي وانسداد الافق للحلول للمشاكل الحياتية التي يعاني منها المجتمع؛ علاوة على ارتفاع معدلات البطالة تعد وبلا أدنى شك من أهم أسباب سرعة انتشار الإشاعة ومناخاً وتربة خصبة لإنتشارها على نطاق واسع .

وتعد الثورة التكنولوجية لوسائل الاتصال وكفاءتها أحد أهم عوامل انتشار الإشاعة لما لها من تأثير قوي ومباشر على الرأي العام و المجتمع على حد سواء ؛الأمر الذي يدخلنا في أزمات لا حصر لها وصعوبة في التعامل مع نتائجها واحتواء ضررها .

ولقد حذر الاسلام من عواقب ومخاطر الإشاعة بقوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فتعلمنا الآيات طريقة التعامل مع ناقل الإشاعة بالتثبت من مصدرها قبل نشرها حتى لا يتم التسبب بالأذى للآخرين، فعمل الاسلام على الحد من تلك الشائعات ومحاربتها في مهدها .

إن مقاومة الإشاعة تعتبر مسؤولية مجتمعية تتظافر فيها جميع الجهود للعمل على احتوائها ومحاسبة من يختلقها ويعمل على تداولها.

كما يعتبر سرعة الرد على الإشاعة وتجنب التسويف في تفنيد محتواها من أنجع وسائل محاربتها واتخاذ التدابير الوقائية المناسبة لمواجهتها .

ويعتبر امتلاك معلومات دقيقة عن الإشاعة من أفضل وسائل محاربتها ومعرفة مطلقيها والجهة المستفيدة من انتشارها؛ وما هي أدواتها ، ومن خلالها يتم التفريق بين المأجورين والجهلاء و المضللين ؛ فعادة ما تموت الإشاعة بظهور الخبر اليقين .

تعتبر الإشاعة سلاح فتاك ،يستغله الأعداء لإحداث فتنة وبث روح الفرقة وتثبيط المعنويات في صفوف الجماهير؛ وعليه فإن قضية مكافحة الإشاعة مسؤلية مجتمعية تقع على عاتق الجميع للحفاظ على روح معنوية عالية وجبهة داخلية متماسكة.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

د. ادمون ملحم

د. ادمون ملحم يكتب : الواجب القومي

الواجب القومي د. ادمون ملحم رئيس الندوة الثقافية المركزية “الواجب” هو فعل إلزامي أخلاقي يقوم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *