الرئيسية / الآراء والمقالات / سليم النجار يكتب : الرواية النسوية في الأردن رواية الخوف

سليم النجار يكتب : الرواية النسوية في الأردن رواية الخوف

سليم النجار

الرواية النسوية في الأردن
رواية الخوف
سليم النجار
اعترف أن طفولتي الفقيرة كانت تشبه الرواية أكثر ، كانت تشبه موزونة شبه مقفاة حكايات وغناء أمي حولي أحاطاني صوتها الذي ينشع من بئر الخوف ، أمي هدهدتني بأغنيات لم أعد اذكر كلماتها ، فيما كان والدي يغني أحيانا ، اقصد يغني مواويل حزينة ، ثم يقول لي نم هائنا ، أيامها كان والدي يروي القصص والحكايات ، وما أذكر منها قصة الشّاب الفقير من قريتنا ” صبارين ” قضاء حيفا انه التحق بثورة ١٩٣٦ ، وما هي ايام حتى جاء الشّاب مع مجموعة من الثّوار إلى بيت العائلة التي رفضت إعطاء ابنتهم لفقر حاله ، وبإسم الثورة والبنادق تشرع فواتها على راس رب العائلة ، الذي وافق على الطلب دون تردد ٠
هل أغاني أمي وحكايات والدي أدخلتني إلى روح الرواية ، هل أغنيات أمي ادخلتني إلى عالم الرواية التي تسردها المرأة ، مما لا شك فيه ان هذه الأحداث لعبت دورا ما ٠
طبعا هناك فكرة دائماً ما تطرح مفادها ، أن الكاتب غالباً – داخل أحداثه ما يكون موجها اخلاقيا وصانًعا للوجدان ومعبرًا عن الناس والحياة ، وواضعا يده على ما هو إنساني ومشترك بين البشر جميعا ، على الأقل هذا ما اتصوره عن دور الكاتب ٠
المرأة التي اتجهت إلى الرواية هي نمط من أنماط التمرد المختلفة عما تعودوده من الإختلافات التقليدية :
بطولة الشخصيات
بطولة المعاناة
بطولة البوح ٠
هذا الدور يحتاج إلى بعض التأمل ؟ إذ انني شعرت بهذه الصورة تحديدا وأنا أقرأ الرواية النسوية في الأردن ، نقداً وقلقاً وخوفاً ٠
لكن السؤال المهم الذي اود الإجابة عليه ، كيف كتبت الروائيات في الأردن ؟ في الرواية العربية نجد أن الرواية هي خلاصة الجماعة العربية ٠ وهي تكثيف الأعظم ما في هذه الجماعة من سجايا وسمات ، وهي معبرة عنها وصانعة لأحلامها وأشواقها ٠
أحاول كل مرّة ، أن اعيد رسم صورة هذا السؤال اتجاه الرواية النسوية ، فلا أزداد إلا حيرة ريبةٌ مما رسمْت ٠ أوَلَمْ يحنِ الوقتُ ، بعد ، لأعترفَ بأن الرسوم أثرٌ على الفقدان ؟ تلك الريبة ما أكبرها في زمن يسخُر من كسر المعتاد ٠
توصف الرواية النسوية في الأردن عادة بالغليان والوهج واللهيب والاشتغال وما شابه ، لكن أم توصف في ذات الوقت انها ليست رواية ، اليس هذا انفصام ؟ أو إذا اخضعنا هذه الفكرة لعقلية التساؤل لماذا هذا الإنفصام ؟ قد يجد البعض إجابة محددة ، جوهرها لابد خضوع الرواية لمقياس نقدية ، والبعض الأخر يعتقد ان الرواية فن صعب المراس وان المرأة في مجتمعنا مازالت في مرحلة التكوين الإبداعي ٠ وفي جميع الأحوال هناك جواب مغيب عن قصد وعمد ان التحولات الإجتماعية السريعة وفي معظم الحالات طارئة ومفاجئة لمعظم افراد المجتمع ، وتحديدا من ثمانينات القرن الماضي ! التي لعبت دورا معقول في فتح الطريق لكتابة الرواية النسوية ، على عكس ما حصل في التحولات والتبدلات التي حصلت في المجتمع الأردني عام ٤٨ ، التي كانت المرأة على هامش الحدث !
ومن خلال تامل وقائع التغييرات ، وخلال معايشة امتداداتها ومآلاتها وأشكال تقييمها تتوقف الرواية النسوية في الأردن ، عند مفهوم ثابت ، يشارف ” الاستخلاص ” على حق الكاتبة الأردنية كتابة الرواية ، على الرغم الخوف الذي يلقي ظلاله على فضاءها ٠
الخوف من لحظة ضمير بيقظة ضمير ٠ أو تساؤل ما هي قدراتهم الإبداعية التي تؤهلهم بهذه التسمية ؟!
اتساءل وانا اعتقد بانهم – أي الذين يرّوجون لهذا المفهوم لديهم إشكالية ما لا تسنطيع تحديدها لكن ما استطيع ذكره ان هنالك خلل ما ٠ لان هؤلاء نُشطاء في التدمير اللبق لكلّ ما تبّقَى من محاولات كتابة الرواية النسوية ٠
هل انا اروي عن رواية وهمية في الأردن ؟ عن روائيات لم يجدوا اصْلاً ؟ بهذا السؤال توجهت لقراءة اربعين رواية لروائيات ، لا نعرف أين هم على صعيدين النقد ولإعلام ، وغيابهم عن المشهد الثقافي ٠ والغياب فجيعة لم تُكتمل دورتها ، أننا سنقف لاحقا على ما هو ابشع مما نحن عليه ، لأن هناك وعي فاسد لنقاد لم تتوفر لهم المناعة الكافية ٠
من يوم ليوم ، أعيش هذه التأملات ، القراءات النقدية ، وقد قاومت الاستسلام في مجتمع ثقافي لم يِقَبلْ بعدُ الوعي النقدي ٠ يسْعد بنقد الأخرين ، لكنه ينفر من نقد الذات ،يجْهر بالتبرؤ يُواصل منع النقد إلا ضمن مسطرة محدّدة ، اعتاد عليها من مارس النقد في مجتمعنا ٠
في رصيد البوح ، والحالة الراهنة للثقافة في بلادنا دليل على ما يُزيل الوعي ويكرّس الوهم ، في هذيان مضاعف ، له أن يتوقف ذات يوم ربما ، محتملا ، يدعو الواقع واقعا ٠ والمسافة مسافة ٠ بواقعية مَنْ يشهد على فكرة من حق المرأة في الأردن كتابة الرواية

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

د. ادمون ملحم

د. ادمون ملحم يكتب : الواجب القومي

الواجب القومي د. ادمون ملحم رئيس الندوة الثقافية المركزية “الواجب” هو فعل إلزامي أخلاقي يقوم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *