ريتا عيسى الأيوب
الرئيسية / الآراء والمقالات / د. ريتا عيسى الأيوب تكتب : وَداعُها كانَ أَشَدَّ حُزْناً عَلَيْهِ مِنْ وَداعِ مَيِّت

د. ريتا عيسى الأيوب تكتب : وَداعُها كانَ أَشَدَّ حُزْناً عَلَيْهِ مِنْ وَداعِ مَيِّت

ريتا عيسى الأيوب

وَداعُها كانَ أَشَدَّ حُزْناً عَلَيْهِ مِنْ وَداعِ مَيِّت

بقلم /د. ريتا عيسى الأيوب
سَأَلَها: هَلْ سَأَراكِ ثانِيَةً؟ وَمَتَى؟
فَأَجابَتْ: لَيْسَ في هَذِهِ الحَياةِ… فَفُرَصَكَ جَميعَها قَدْ اسْتَنْفَذْتَها…
فَقَالَ مُنْدَهِشاً: وَلَكِنَّكِ سَوْفَ تَشْتاقينَ لي… فَماذا أَنْتِ بِفَاعِلَة؟
فَأَجابَتْهُ مُقاطِعَةً إِيّاهُ: قَدْ عَلَّمْتَني بِبُرودِكَ أَلاَّ أَشْتاق… بَلْ قَدْ أَمَتَّ فِيَّ كُلَّ شُعورٍ بِالفُقْدان… فَبِتُّ لا أَفْتَقِدُ شَيْئاً بِحَياتي إِلاَّ نَفْسي… وَبِتُّ أَشْتاقُ لِنَفْسي… فَأَمْضي بَاحِثَةً عَنْها… فَلا أَجِدُها…
هو: أَوَلِهَذِهِ الدَّرَجَة؟
فَقالَت بِصَوْتٍ خافِتٍ وَحَزين: بَلْ وَأَكْثَر…
فَأَجابَها بِحُزْنٍ: لَمْ أَكُنْ أَعْلَمْ أَنَّني بِصَمْتي قَدْ سَبَّبْتُ لَكِ كُلَّ هَذا…
فَقَالَتْ: أَتُسَمّي هَذا صَمْتاً؟ إِنَّهُ الإِهْمالُ بِعَيْنِهِ…
فَأَمْثالُكَ يا فَتَى… قَدْ خُلِقوا بِيَوْمٍ… كانَتْ قَدْ ماتَت بِهِ المَشاعِرُ…
فَحَزِنَ هُوَ حُزْناً ما شَعَرَ بِمِثْلِهِ مِنْ قَبْل… ثُمَّ اقْتَرَبَ مِنْها مُقَبِّلاً جَبينَها… مُوَدِّعاً إِيَّاها… طالِباً مِنْها السَّماحَ…
فَقَالَتْ: قَدْ سامَحْتُكَ مُنْذُ الأَزَلِ… وَلَكِنَّ اللهَ قَدْ أَرادَ لَنا الآنَ أَنْ نَفْتَرِقَ… عَلى أَمَلٍ مِنّي أَنْ نَلْتَقِيَ في حَياةٍ أُخْرى… تَكونَ قَدْ تَعَلَّمْتَ فيها مَعْنى الحُبِّ وَالمَشاعِر… وَعِنْدَها فَقَطْ قَدْ أَكونَ لَكَ… وَقَدْ تَكونَ لِيَ أَنا وَحْدي… فَتَكُفَّ عَنْ صَمْتِكَ القاتِلِ وَالمُمِلّْ…
إِلى ذَلِكَ الحينِ… عَلَيَّ أَنْ أَمْضي مُسْتَوْدِعَةً إِيَّاكَ أَيْدي المَلائِكَةِ… كَيْ تَحْرُسَكَ وَتَرْعاكَ حَتَّى الأَزَل…
ثُمَّ أَدارَت بِظَهْرِها وَسارَتْ قُدُماً إِلى غَيْرِ رَجْعَةٍ… مُخْتَفِيَةً مَعَ الأُفُقِ…
فَبَكَاها بِحُرْقَةٍ… لَمْ يَبْكِها… وَلا حَتَّى في وَداعِ مَيِّتٍ…

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *