الرئيسية / الفلسطينيون في المهجر / سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت ح / 21

سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت ح / 21

المراة الفلسطينية

الحلقة الحادي وعشرون
السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت
حدث ذات يوم في الفحاحيل
سليم النجار
طويت والدتي الغسيل ونضدته بعناية ، وقامت بجولة تفتيشية في الشقة ٠ واغلقت جميع النوافذ ، فلم نعد سماع صفير الغبار إسمه الحركي في عموم الكويت ” الطوز ” ٠
في تلك اللحظة وكالعادة ؟ أي مثل كل أيام الجمعة انتظر عودة والدي من العمل سالماً غانماً ٠
تنفست الصعداء بكثافة بحوالي عشرين في المائة ، أعدت طي جريدة الطليعة الأسبوعية التي تصدر عن المعارضة الكويتية ، وشرعت والدتي في ترتيب الغسيل في الدولاب بعصبية غير مبررة ، ولا اعرف السبب ٠ إجمالا ، هذا ما قمت بتدوينه على صفحة الخوف لأن سياستي فيما يخص اليوميات التي أخاف منها هي سبعون في المائة لحدث طوي الغسيل ، وعشرة بالمائة للملاحظات الشخصية ٠
طبقا لتوقعات الأرصاد الجوية يتوقف الريح في الساعة الواحدة إلا عشر دقائق قبل خطبة يوم الجمعة ٠
والدتي امتلكت زمانها من خلال حبل الغسيل الذي تنشره على سطح العمارة ، وهرعت قبل ثورة الغبار وآحتضنته بعشق ، لأن إذا تعرض لإيديولوجية الغبار ، عليها إعادة تنظيف الغسيل مرة اخرى ٠ وهذا ترف غير مسموح به لأنه يقضي على مصروف البيت فلم يتبقى منه إلا دنانير يتيمة ، وابوأحمد صاحب البقال قبل ايام اعلن اثناء عرس تحسين القبيح الدين ممنوع ٠ فمواد التنظيف يصبح من سابع المستحيلات الحصول عليها ، امام هذا الإعلان الثوري ٠
لم تمر أكثر من اربعين دقيقة ، حتى انسحب الغبار من شوراع الفحاحيل ، وبدأت والدتي ممارسة عادتها بالحديث مع الغسيل ٠٠٠ ذكريات نابلس ، وذكريات عُرسها ، كانت تعشق اللون الأسود ، فيما يبدو هو الشفرة السرية للتواصل مع ذكرياتها ٠
بسرعة، صارت هناك لافتة صغيرة من قطع الغسيل ، وبسرعة بدأت خفة دم النابلسية وروح الفكاهة في الظهور ، فظهرت لافتات من نوع : ( الإقامة الدائمة لكل من ولد في الكويت ” في إشارة إلى طموح والداتي اللائيم لحصول اطفالها على إقامة دائمة لإطفالها بدلاً من إقامة الثلاث سنوات وتجدد حسب الظروف الموضوعية لإصحاب القرار ورضى السفارة الإمريكية عن الفلسطنيين وهذه الأخيرة كانت تتردد بشكل ممنهج على لسان الفلسطنيين لتشويه سمعت البلد وتصويرها على انها لا تملك سيادتها واستقلالها ، لعن الله الجاحدين وناكري النعمة يعشون في الجنة ، ويشتمونها ٠
أثناء عملية طوي الغسيل إزدادت لافتات والدتي : ( زيادة راتب زوجها ) ، ارتفاع إيجار الشقة بشكل جنوني التهم ثلاثة ارباع المعاش الأمر الذي جعلها عصبية جدا جدا ٠
لافتة اخرى : ( السماح لإطفالها بعد الإنتهاء من الثانوية العامة السماح لهم الدراسة في جامعة الكويت) ، لأن الحكومة الرشيدة لا تقبل اقل من ٩٤ % للطلبة غير الكوتيين ، بعض خبثاء سوق الصباح والمشهود لهم وبالإجماع من الأهالي انهم خبثاء ، يرجون شائعات ان المقصود من هذه القرارات الفلسطنيين ، لكن الحكماء من الأهالي لسوق الصباح ينفذون هذه الدعايات مستشهدين بحجة لا تقبل الدحض ان الحكومة الرشيدة تعطي كل سنة ١٢ مقعد جامعي لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية ، ولا ذنب للحكومة ان هذه المقاعد تذهب للمحظيين من الفلسطنيين ٠
إزداد جشع والدتي بالإمنيات ورفعت لافتة اخرى : ( التخلص من السمنة الهولندية واستبدالها بزيت الزيتون لطبخ الأرز ) ، وتناست والدتي عن قصد وعمد ان زوجها لاجئ وبالتالي لا بوجد له اقراب إلا في مخيم نور شمس وهؤلا لا يملكون ارض للزيتون ، على عكس جاراتها يحصلن سنويا ، على عدد لا بأس به من التنكات ، تأتي برا عن طريق الأردن ، بعد يفرج عنها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، وتنظر هبات من الجارات ، هذا الزيت من عزون ، وهذا من الساوية كلها قرى في الضفة الغربية ، ومن ، ومن ، ومن ، ظّلت اللافتات تغزو مسامعنا ، وكي لا تسقط من ذاكرتنا ٠
فجأة ارتفع صوت التلفزيون ويزف خبر مذبحة تل الزعتر تعرض فيها الفلسطنيين للقتل من قبل قوات الكتائب ، فجغرافيا المكان لا تحتمل وجود أي فلسطيني ، فكان من الواجب الأخلاقي قتلهم ٠ وصوت المذيع يزف الخبر بحيادية مقرفة ، وكأنه يضاجع صديقته التي تعشق ممارسة الجنس بعصابة على عينيها ٠
عاد الريح في تلك اللحظة ، وتحولت الريح إلى عاصفة لتتوقف فجأة ؟
– سألت والدتي : ما هذا الطقس اللعين اليوم ٠٠٠
– أجابت والدموع تتسلل من حزنها الغاضب نحن خُلقنا للموت وغير مسموح لنا نبكي موتانا إلا بصمت ، وإذا تجرأنا وارتفاع نحيبنا نُحكام بالأضرار بالأمن الوطني للبلد ، ونصبح دعاة فوضى ٠٠٠
حين انتهيت من تدوين ما حدث لي خلال طوي الغسيل ارتفع صوت المذيع مبتهجا هذه المرّة كأنه حصل على كنز سليمان ، وصلنا الآن رسالة عاجلة من مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية قائلاً آمن الثورة الفلسطينية من أمن الكويت ٠

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

شاعرة وااعلامية فلسطينية

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها بقلم الشاعر والكاتب الفلسطيني (هاني مصبح) الروائية الفلسطينية باسله …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *