الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مونتجمري حور يكتب : تداول خطة لحل السلطة الفلسطينية

د. مونتجمري حور يكتب : تداول خطة لحل السلطة الفلسطينية

مونتجمري حور

تداول خطة لحل السلطة الفلسطينية وإقامة فدرالية بين إسرائيل والضفة الغربية دون غزة

د. مونتجمري حور

طفى إلى السطح مؤخرا الحديث ثانية ً عن خطة لإقامة فدرالية داخل إسرائيل ستعرف لاحقا باسم دولة فيدرالية إسرائيل الكبرى تشمل دولة إسرائيل والضفة الغربية وتجدر الإشارة أن الحركة القائمة على هذه الخطة أرسلت رسالةً إلى السلطة الفلسطينية عام 2018 دعت فيها قيادة السلطة إلى عقد لقاء مع أعضائها لمناقشة فكرة هذه الرؤية لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
تفاصيل الخطة
تقدم هذه الخطة الحركة الإتحادية الإسرائيلية وهي حركة إسرائيلية ذات أيديولوجية عامة تدعو إلى نهج سياسي جديد، على حسب زعمها، وتحظى بتأييد عدد كبير من نواب الكنيست الإسرائيلي وشخصيات بارزة ومعروفة داخل إسرائيل يعملون في عدة مجالات وهم من اليمين واليسار السياسي في إسرائيل، وهذا قد يعني أن هناك توافقا بين اليمين واليسار على تنفيذ هذه الخطة، ويأتي في مقدمة هذه الشخصيات المؤسسان: عامونئيل شاحاف وهو أحد كبار المسئولين السابقين للموساد الإسرائيلي، وآريه هاس وهو مسئول سابق رفيع المستوى شغل مناصب عدة منها: المدير السابق للمجلس الصهيوني في إسرائيل ورئيس حركة التمكين المقدسية كما خدم في مناصب رفيعة في الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية.
تدعو هذه الحركة إلى تنفيذ نظام حكم إقليمي، على غرار بعض دول العالم المتقدمة ، مثل سويسرا وبلجيكا والولايات المتحدة. الملفت للإنتباه أن هذه الخطة تشمل اتحاد فدرالي بين إسرائيل والضفة الغربية على أن يتم تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية “يهودا والسامرة” ، مع حصول السكان العرب فيها على الجنسية الإسرائيلية، وستبقى المستوطنات في الضفة الغربية في مكانها، وسيكون الجيش الإسرائيلي القوة العسكرية الوحيدة الممتدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط (وهذا لا يشمل قطاع غزة)، ومنح جميع الفلسطينيين في القدس الشرقية الجنسية الإسرائيلية الكاملة على غرار عرب الداخل “دون استشارة أي طرف آخر”، أما قطاع غزة فسيبقى كياناً معزولاً عن هذه الفدرالية وسيتم التعامل معه كدولة-مدينة منفصلة مع مطار وميناء وترتيبات حدودية معينة، وبالنسبة لحق العودة، تستثني هذه الخطة حق العودة على أن يتم التفاوض مع الدول المضيفة للاجئين بهدف توطينهم فيها.
سعيا لإقناع الجمهور الإسرائيلي بكافة أطيافه، يحاول القائمون على هذه الخطة الترويج لها ويعتقدون أن تطبيقها سيؤدي إلى تحسين الأمن في إسرائيل بشكل كبير وسيبقى الجيش الإسرائيلي القوة الأمنية الوحيدة وسيكون لإسرائيل لأول مرة حدود دولية دائمة ومعترف بها بالاضافة إلى تحسين التعاون السياسي والاقتصادي والأمني مع العالم العربي، تحديدا الأردن.
يأتي ضمن بنود هذه الخطة حل السلطة الفلسطينية بالاتفاق بين جميع الأطراف، يليه تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية ووادي الأردن مع بقاء جميع السكان الإسرائيليين في أماكنهم، وتجدر الإشارة أن باستثناء قطاع غزة من الناحية الديمغرافية سيشكل بذلك الإسرائيليون حوالي ثلثي مواطني هذه الفدرالية وسيكون الثلث الآخر من الفلسطينيين.

تقسم هذه الخطة اسرائيل والضفة الغربية إلى ثلاثين كانتونا (30 كانتونا)، تتمتع جميعها بالحكم الذاتي وباستقلالية في إدارة شئونها الداخلية تحت رعاية حكومة إسرائيلية مركزية، شبيهة بنظام الولايات المتحدة الأمريكية. تجدر الإشارة أن الكانتون هو عبارة عن تقسيم إداري، والكانتونات عموماً تكون صغيرة نسبياً من حيث المساحة والسكان عندما تقارن بالتقسيمات الأخرى كالمحافظات أو الإدارات أو الأقاليم وأشهر الكانتونات وأهمها سياسياً هي تلك في سويسرا وكوستاريكا.
ويندرج تحت هذه الخطة عدة بنود أهمها:
• إعادة تأهيل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس: يشارك فيه عرباً وغيرهم.
• انشاء وكالة إسرائيلية لإعادة تأهيل اللاجئين، كبديل لحق العودة وتم مقارنة عملها بعمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأنروا”
• فصل قطاع غزة كمدينة تمثل دولة-مدينة وحدها:
عند الحديث عن قطاع غزة تم وصفه بأنه City-state وهو يعني أنها كيان مدينة مستقلة بذاتها. جاء في الخطة أن ” نظام حماس في غزة اليوم يمثل حكومة إرهابية أصولية” وأنه نظام “غير قانوني وغير ديمقراطي وبالتالي لا يمكن أن يكون جزءًا من الترتيبات السياسية الجديدة، وسيتم فصل قطاع غزة وإعلانه كيانًا سياسيًا مستقلًا قائما بذاته وإذا قام النظام الحاكم لغزة حاليا “المتمثل حاليا في نظام حركة حماس أو أي حكومة أخرى لاحقة، بالتوصل إلى إتفاق ناجح ومستقر لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، فإن دولة إسرائيل جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي ستساعد غزة في إعادة بناء وإدارة اقتصاد مستقر يضع حداً لحالتي البطالة واليأس السائدتين.
قمت بترجمة الجزئية التي تخص قطاع غزة تحديداً لأنه قد يسود لغطاً هنا، فالحديث يدور عن فصل غزة، حتى إن تخلى النظام الحاكم في غزة لاحقاً، سواء كان حركة حماس أو غيرها، لن يتم ضمها للفيدرالية، الحديث يدور هنا عن مساعدات “لإعادة البناء وإدارة اقتصاد مستقر” فقط لا غير.

نلاحظ أن هذه الخطة تنطلق من فكر صهيوني توراتي، وهي خطة ضم وليست خطة لتسوية عادلة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. يهدف هذا الفكر الصهيوني التوراتي باختصار إلى ضم الضفة الغربية وقد يتساءل البعض لم الضفة الغربية تحديداً؟
نقول أن دلالة استهداف الضفة الغربية دون غيرها هو جزء من الاعتقاد التوراتي بإقامة دولة إسرائيل وقد اعتمد المشروع الصهيوني على الدعاية والبروبوغاندا للترويج ل “مملكة يهودا والسامرة” وهي الضفة الغربية) باعتبارها إرث تاريخي” فقبل وبعد إنشاء دولة إسرائيل عملوا على استقدام اليهود المهاجرين الجدد إلى الضفة الغربية لإقامة ” مملكة يهودا السامرة”، ولم يكن ممكناً وقتها تحقيق ذلك ولم يستطيعوا آنذاك إسكان القادمين الجدد من هؤلاء المغرر بهم إلى الضفة الغربية بحكم أن الغالبية الفلسطينية هي التي كانت تقطنها، وبالتالي تم توطينهم في مناطق ليس لها أي علاقة بالفهم التوراتي كتل أبيب والنقب وهرتسيليا والمجدل والبطاني والقسطينية والسوافير إلخ…
إن هذه الخطة لا تختلف كثيرا عن مشاريع الضم الإسرائيلية القائمة على فكرة إسرائيل الكبرى وإن أي حل وبغض النظر عن مسماه سواء كان الدولة الواحدة أو الدولة ثنائية القومية أو الحل المدني أو الاتحاد الإقليمي سيفشل حتماً إذا كان لا يضمن إعطاء حقوق متساوية لكل السكان الفلسطينيين ما بين نهر الأردن البحر والمتوسط وفي مقدمتها عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، كما لا نقبل بأي حال من الأحوال سلخ قطاع غزة فلا دولة في غزة ولا دولة دون غزة وأهلها، وإذا كان القائمين على الاتحاد الفيدرالي هذا والقريبين من الدوائر الرسمية الإسرائيلية يعتقدون بأن حالة الضعف والوهن العربي والفلسطيني قد هيأت الظروف لهذا الحل، نكتفي أن نقول لهم أن مسيرة الشعوب التي ترزح تحت الاحتلال طويلة، وتختلف المراحل من فترة زمنية إلى أخرى، ولن يتم التسليم والقبول باختلال موازين القوى في فترة زمنية ما، كزمننا هذا، ليتم اختزال الحقوق الفلسطينية.
نوجه رسالة إلى القائمين على هذا الاتحاد والمروجين له، باختصار شديد، أن عودة الحالة كما كانت عليه قبل مايو 1948 بمعنى عودة كافة اللاجئين في غزة والضفة ودول الجوار والشتات إلى ديارهم التي هجروا منها هو حق لا يسقط بالتقادم، ولن نصدر أحكاما مسبقةً في مسألة القادمين الجدد الذين أغرقوا فلسطين بعنصر ديني وتوراتي وهي أمور خاضعة للنقاش والحوار. لقد وصل الشعب الفلسطيني إلى مرحلة يميز فيها بين الحلول السياسية التي تلبي حقه التاريخي كشعب أصلاني وبين مشاريع الضم، ومن الجيد أن الأطراف المعنية عكست وخاصة في الأوساط الإسرائيلية زيف حل الدولتين، لأنه لم يقدم ولم يعالج مشكلة الشعب الفلسطيني. والأجدر بنا أن نبحث عن حلول أكثر استدامة يتم بموجبها إنهاء الصراع وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وأهمها قرار 194 التي هي أكثر نجاعة وواقعية، ولكن بشكل مبدئي هذا يعطينا إشارات بانحدار وتراجع المشروع الصهيوني الذي بدأ بتبني شعارات طرد الفلسطينيين وعدم الاعتراف بهم وها هو اليوم يقبل بالوجود الفلسطيني من حيث المبدأ كمكون أساسي في الإتحاد الفيدرالي المزعوم.
نقول للجميع، إن القبول بهذه المشاريع ومن هي على شاكلتها سيضمن تفوق العرق الإسرائيلي على السكان الأصليين كما سيضمن احتكاراً للأراضي في قلب المدن وسيتمركز الإقتصاد في أيدي الإسرائيليين، وبالتالي سيبقى الفلسطينيون عمالاً في أراضيهم المسلوبة وعمالاً في المنشآت الصناعية الإسرائيلية. من جانبي، أنا لا أمثل وجهة نظر السلطة الفلسطينية أو أي جهة رسمية ولكن يسعدني أن أمثل فهم منظمة التحرير الفلسطينية. اليوم يطل علينا بعض من الإسرائيليين لإعطاء المواطنة لسكان الضفة الغربية وغداً سيقبلون بعودة كل اللاجئين وتذكروا أنه لم يكن هناك خيار ولا حلول وسط. هذه هي مسيرة التاريخ وهذه هي الحتمية التاريخية استناداً على قراءات تجارب شعوب سابقة ونؤكد أننا لن نقبل بأي حال من الأحوال مهما امتد الصراع أن نكون بمثابة الهندي الأحمر.
يسود اعتقاد داخل أروقة السياسة الإسرائيلية أن هذا الحل يمكن فرضه من جانب واحد إسرائيلياً، وأن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يعتقد أنهما لن يعارضان هذه الخطوة أحادية الجانب من قبل إسرائيل ونحن نقول إن التسليم بهذه الفيدرالية وبهذا الشكل، وفي عصرنا هذا، سيكون أكبر ضربة توجه للمجتمع الغربي ولقيمه الداعية إلى حقوق الإنسان والمساواة والعدالة والكرامة وحق تقرير المصير. إننا أمام إختبارين إما التسليم بدولة الأبارتايد أو دولة “كل مواطنيها”. ندعو المجتمع الدولي إلى كسر الهوةً السياسية العميقة ما بين الأقوال والسلوك السياسي على أرض الواقع.

نؤكد أن عملية التهويد وابتلاع الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وكل العقبات التي أوجدتها إسرائيل في طريق حل الدولتين هي مقدمة كبنية تحتية لمشاريع الإتحاد الفيدرالي وغيرها وجميعها حلول اقتصادية.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *