الرئيسية / الآراء والمقالات / ⁠ ⁠د. سالم سرية يكتب : سد النهضة (الجزء الثاني) ⁠مخاطر بناء السد

⁠ ⁠د. سالم سرية يكتب : سد النهضة (الجزء الثاني) ⁠مخاطر بناء السد

د.سالم سرية  :اكاديمي وكاتب (فلسطين)
د.سالم سرية :اكاديمي وكاتب (فلسطين)

⁠سد النهضة (الجزء الثاني)
⁠مخاطر بناء السد

⁠د. سالم سرية: اكاديمي وكاتب (فلسطين)

⁠يقف الانسان العربي مندهشا ومذهولا من صدمة بروز سد النهضه المفاجئ ويتسائل :
⁠لماذا يبنى هذا السد على بعد 25 كيلومترا من حدود السودان ويبعد عن اديس ابابا حوالي الف كيلومتر ؟ الم يكن بوسع اثيوبيا ان تقيم عدة سدود على عدة انهار قريبه من اديس ابابا دون ان تؤذي جيرانها ؟
⁠ما سر الدعم المالي والسياسي اللا محدود من قبل امريكا والكيان الصهيوني واعوانهم لإنتشال اثيوبيا من الفقر والتخلف في عهد ابي احمد .
⁠هل هي صدفه في التوقيت ان يتم انجاز هذا السد الذي لم يكن واردا في الخطة الخماسية الاثيوبية كما يقول الخبيرد.وليد عبد الحي ( ) ام انه خطة جديدة لتركيع الشعوب بعد ان افلحوا في تركيع بعض الانظمة خاصة ما يتعلق بقضية فلسطين؟.
⁠سيجد القارئ كل الإجابات عن هذه الأسئله حين تتضح له صورة هذه النكبة على الامه بعد ان نستعرض المخاطر والتداعيات المستقبلية ليس على مصر والسودان فحسب بل على الامة العربية برمتها .
⁠في عام 2011 وعندما كان الشعب المصري مشغولا في ازاحة مبارك أعلنت اثيوبيا عن وضع حجر الاساس للسد .وبقي الشعب مشغولا بمحمد مرسي حتى وصل السيسي للحكم عام 2014ووجد السد امامه حقيقة واقعه دون ان تستشار مصر ولا السودان بمخططاته الجيولوجيه ولا بتداعياته على الامن المائي في كلا القطرين .وفي عام 2011اي في عهد محمد مرسي تم الاتفاق مع ميلس زيناوي رئيس وزراء اثيوبيا ( ابي احمد استلم الحكم عام 2018) ومصر والسودان على تشكيل لجنة من الخبراء تضم خبيرين من كل دولة واربعة خبراء دوليين بالسدود لدراسة وضع السد.وفي عام 2013 قدمت اللجنة تقريرها (الذي لم ينشر الا في عام 2014 )واستنادا لهذا التقرير سنذكر ادناه المخاطر المتوقعه من هذا السد الذي سيلحق به ثلاثة سدود اضافية اخرى بالقرب منه وهي : كرادوبه وبيكوابو ومندايا .وسعة هذه السدود تعادل سعة سد النهضه (76 مليار متر مكعب )اي ان مجموع كميات المياه المحتجزه في السد سيصل الى 150 مليار متر مكعب اي ضعف الكمية السنوية التي تصل لمصر والسودان !!!!!!! وبطريقة ملتوية ومخادعة تراوحت بين الإثبات والنفي، أنهت إثيوبيا عملية الملء الأول لخزان سد النهضةعام 2020 بإجراء منفرد من طرفها من دون تنسيق أو اتفاق مع طرفي الأزمة، مصر والسودان، ومن دون اعتبار للمفاوضات الجارية منذ 9 سنوات.
⁠ان ابرز المخاطر التي اسهب في شرحها الخبراء الدوليين والعرب يمكن تلخيصها بما يلي :
⁠اولا: شروط الأمان : أن السد يقام على منطقة فلق زلزالي، فإن احتمال انهياره لاحقاً تحت تأثير زلزال يزيد عن 4 درجات على مقياس ريختر قد ينتهي إلى إغراق مساحات واسعة من مصر والسودان (التي يبعد السد عن حدودها نحو 25 كم فقط)، مما قد يقود لخسائر بشرية كبيرة من المصريين والسودانيين.(علما ان السد العالي يصمد امام زلزال بشدة 8 ريختر ) ووفق المخططات الأمريكية للمشروع، والتي بدأت لفترة تعود لسنة 1964 من خلال مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي US Bureau of Reclamation، فإن المنطقة التي سيقام فيها السد تتسم بالهشاشة الجيولوجية التي تجعلها أقل قدرة على تحمل تخزين أكثر من 11 مليار م3، فهي امتداد لما يسمى الأخدود الإفريقي أو حفرة الانهدام الكبير Great Rift Valley، ولعل ذلك هو ما دعا الخبراء المصريين إلى دعوة إثيوبيا لتقليص التخزين من 74 مليار م3 إلى أقل من 20 مليار م3. كما ان هناك فرصة لحدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها السد نظرا لوزن المياة التي لم تكن موجودة في المنطقة من قبل في بيئة صخرية متشققة، والذي يصل إلى 74 مليار طن علاوة على وزن السد الرئيسى والمكمل بحوالى 74 مليار طن أخرى. كما ان هناك فرصة لتعرض السد للإنهيار نتيجة العوامل الجيولوجيةالآنفة الذكر وسرعة اندفاع مياة النيل الأزرق والتي تصل في بعض الأيام )أغسطس( إلى ما يزيد على نصف مليار متر مكعب يومياً ومن ارتفاع يزيد على 2000 م نحو مستوي 600 م عند السد، واذا حدث ذلك فإن الضرر الأكبر سوف يلحق بالقرى والمدن السودانية خاصة الخرطوم التي قد تجرفها المياه بطريقة تشبه السونامي،اضافة لانهيارسدود الروصيرص وسنار ومروة في السودان وستغرق المباني ذات العشرة ادوار في القاهرة ,ويهدد السد العالي بذاته.. )1(
⁠ان هذا التهديد الجيولوجي ربما يجيب عن التساؤل الاول حول سببية بناء السد على اطراف اثيوبيا علما ان لاثيوبيا تاريخ قريب وبعيد بانهيار السدود فيها .
⁠ثانيا: سعة السد :ان انتهاء سد النهضة بالموصفات الحالية التى فرضتها اثيوبيا 74 مليار متر مكعب دون الوصول إلى اتفاق مع مصر يعد أكبر خسارة لمصروالسودان معا حيث أن اثيوبيا سوف تتبع نفس سيناريو بناء سد النهضة فى المستقبل خاصة ولديها خطة مستقبلية لإنشاء 30 مشروع على النيل الأزرق منهما 3 على النهر الرئيسى بسعة تخزينية اجمالية تزيد عن 200 مليار متر مكعب علما بأن متوسط إيراد النيل الأزرق سنويا 50مليار متر مكعب.(والسودان 20 مليار متر مكعب).)2(
⁠تعتمد مصر بنسبة تتراوح بين 80-85% من حصادها المائي على النيل، ويقدر الخبراء أن ملء سدّ النهضة خلال فترة ما بين 3-5 سنوات سيقود إلى تراجع 20% من حصة مصر البالغة 50 مليار م3 طبقاً لاتفاقيتي 1929 و1959، وعليه يتراجع نصيب الفرد المصري من المياه من 2,500 م3 سنوياً إلى 600 م3.علما ان حد الفقر المائي للفرد هو 1000 متر مكعب .(3)
⁠إن ملء سد النهضة قد يقود إلى أن يبقى السد العالي فارغا لمدة 12 عاماً طيلة فترة الملء الإثيوبي، وهناك خلاف بين مصر التي تطلب أن يتم ملء السد خلال 10 سنوات وإثيوبيا التي تسعى لملئه خلال 3 سنوات، وهو ما قد يقود إلى سلسلة من النتائج السلبية الكبرى أهمها:
⁠‌أ- جفاف الري عن مساحة واسعة من الأراضي الزراعية، مما سيؤدي إلى تقليص المزروعات التي تحتاج كميات كبيرة من المياه مثل الأرز، حيث يقدر أن تنخفض المساحة المخصصة لهذا المحصول الأهم لسلة الغذاء المصري من 1.8 مليون فدان إلى 724 ألف فدان، أي نحو 40% من حجم المساحة الحالية في سنة 2020.حيث يقول سامح شكري، وزير خارجية مصر، في خطابه إلى مجلس الأمن، إن انخفاض حصة مصر من مياه نهر النيل بمقدار مليار متر مكعب فقط سيؤدي إلى فقدان 300 ألف فدان من أخصب أنواع الأراضي الزراعية في العالم، وفقدان 200 ألف أسرة لمصدر رزقها، وكذا فقدان وخسارة قدرها 430 مليون دولار في الإنتاج الزراعي، وزيادة كلفة الاستيراد إلى 19 مليار دولار، وهو ما لا تطيقه موازنة الدولة الغارقة في الديون الخارجية والداخلية.ان انخفاض حصة مصر من 50مليار متر مكعب إلى 35 مليارا سيصيب الحياة في مصر بالشلل، و”هنشوف نهر النيل زي ملعب الكورة” وفق تعبير الدكتور علاء النهري، نائب رئيس هيئة الاستشعار عن بُعد، التابعة لوزارة البحث العلمي في مصر، والذي أشرف على دراسة علمية للآثار السلبية لسد النهضة الإثيوبي على مصر، وتوصل إلى أن فقد 4.5 مليارات متر مكعب سوف يؤدي إلى تبوير مليون فدان، وفق تصريحه لصحيفة الوطن في 19 يناير/كانون الثاني أي أن مصر سوف تفقد من 3 إلى 4 ملايين فدان من الأراضي الزراعية، وفق دراسة النهري. ويفقد ثمانية ملايين مزارع يعيلون 32 مليون مواطن مصدر قوتهم.ان الموارد المائية المتناقصة ستعجز أيضا عن تلبية احتياجات المحاصيل من مياه الري فتنخفض الإنتاجية الفدانية، أو يتم تبوير الأراضي جزئيا، بحيث تُزرع شتاء وتتوقف عن الزراعة صيفا. وفي هذه الحالة، يصبح تجريف الأراضي الزراعية والتغول العمراني عليها أمرا واقعا وتفقد مصر الأرض الزراعية إلى الأبد.وسيحدث عجز في إمدادات المياه لأغراض الشرب والصناعة نتيجة انخفاض منسوب المياه في نهر النيل والترع الفرعية عن مآخذ محطات مياه الشرب، وهو ما حدث بالفعل في23 تموز2020، حيث توقفت محطات الشرب تماما بسبب انخفاض منسوب المياه بفعل احتجاز إثيوبيا أثناء الملء الأول للسد.هذا في حالة استخدام إثيوبيا مياه النيل الأزرق في توليد الكهرباء فقط. أما إذا استخدمتها في أغراض أخرى للتخزين والتحكم، أو للزراعة، فإن الحياة في مصر سوف تكون جحيما لا يطاق.(1 ,4,5)
⁠الهوامش:
⁠1- أزمة سد النهضة ومشكلة مياه النيل .-الهيئه المصريه العامه للكتاب.2016- د.زكي البحيري ص503-509
⁠2- الاسبوع 3 يونيو2013احمد عزالدين:سد النهضة …قنبلة هيدروجينية فوق راس مصر وحوار الاهرام مع د.مغاوري دياب من جامعة المنوفية في 11 مايو 2013
⁠3- حرب النيل… سدّ النهضة المثير للجدل بقلم:أحمد سليمان العمري
⁠4- سد النهضة.. من يقف وراء إثيوبيا لتعطيش مصر والسودان؟9 أكتوبر 2019
⁠5- علي واطفي: مصر وصراع البقاء.. سد النهض التحدّي الأكبر https://www.raialyoum.com
⁠التكمله في الجزء الثالث بعون الله.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *