الرئيسية / الفلسطينيون في المهجر / سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

المراة الفلسطينية

السيرة الشعبية في فلسطين في الكويت
الحلقة السادسة عشر
في فراش واحد
ســــليم النجــار
وسط عويل وبكاء هوانم الحارات في الفحاحيل, جراء قرار حكيم أصدرته الحكومة بالسماح لأصحاب العمارات برفع أجار الشقق مئة بالمئة, طبعا (طنشت) الموضوع لأن هناك قضية من هذه التوافه, ولبعض اللحظات صممت على فهم اللغز, الذي شاع في حارة سوق الصباح.
ولكن ما لبثت اللامبالاة التي لا تقهر أن انقضت وقد صرت مثقلا رازحا بأكثر مما كانوا به يزرحون وهم تحت نيران الأقاويل ……
إني لا شك أشد البشر عزلة وإني آخر من حرموا من الحب والصداقة, وبذلك أنا أقل مرتبة بكثير من أحسن البهائم بالرغم من انني خلقت –أنا كذلك- لأدرك الجمال الخالد وأحس به.
لكنني وسط هذا التنعم الكوني لمحت كائنا مكروبا.
أو هكذا عرف عنه, وللأمانة الثورية لا بد من قول ذلك .
وسألت أحد أولئك الفقهاء في الشأن الاجتماعي الى اين هم ماضون على هذا النحو, فأجابني بأنه لا يعرف من الأمر شيئا, لا هو ولا الأخرون .
لكنهم بالطبع هم ماضون إلى جهة ما بما أنهم كانوا مدفوعين بالمشي باللغز الذي لا يقهر.
وثمة امر مدهش يستجوب أن نقف عليه, وهو أنه ليس ثمة واحد فحسب من بين أولئك الفقهاء كان يبدو مغتاظا من أم قصي المفترسة, وكل هوانم سوق الصباح يتحاشوا التعاطي معها الا للضرورة القصوى…..
أعلق نظري على الوجوه التي انتشرت في الحارة المتواطئة كأقنعة من شمع لأطياف تطوف وتقصر على وجه الشمس الحامية وأسترجع صور أصحاب العمائم لهم مفاتيح الأبواب والرؤى العاتمة……
يستحضرون قصص انتصار الثوار الأفغان على الكفار الروس في أفغانستان…..
وكتبت الصحف عن سبب الانتصار أن صوت طناجر الثوار كانت تسقط طائرات الميج الروسية……
كان المكروب يتأهب للحظة الخيانة وتكذيب هذه القصص المتداولة في الحارة, وحذرته أم قصي من الاقدام على هذا الفعل الآثم, وإلى هذه اللحظة لا أحد يعرف سر العلاقة بين المكروب و أم قصي ..؟
سماء الحارة هادئة والصمت مطبق والليل بهيم لا قمر يشقُ صدره الأسمر كان وحيدا يهيم في أرض الحارة … بين العمارات المهترئة وحاويات النفايات التي انتشرت مؤخرا فيها بعد أن كانت تقذف في الشوارع وأزقة الحارات .
بلدية الفحاحيل قررت وضع الحاويات دعما للقضية الفلسطينية هكذا قال أحد العمائم …..
قال المكروب مازحا وغير مبالي بحجم المخاطر التي تنتظره في حال افشاء سر اللغز….
سرت كلمات المكروب بيننا مثل العطر الناعم الذي نضعه في كل المناسبات وتطايرت عباراته مع أولى قنابل الغاز المسيل للدموع التي اطلقت باتجاهنا لمنعنا من الخروج من ثانوية الفحاحيل والطواف في الحارات الفلسطينية في الفحاحيل احتفالا بيوم الأرض.
كانت كلماته قد استعدت جيدا لهذه (المعمعة) فلبست حذاءً رياضيا خفيفا كان موضوع تعليق جميع الطلاب, ووضع الكوفية الفلسطينية حول رقبته, وهو غالبا ما يستعملها لاتقاء تأثير كلماته التي تثير زوبعة في الحارة بين الأهالي وتدب الفتنة .
لعن الله من أيقظها ….
صمت قليلا وخشيت أن يكون الأمر من قليل ألاعيبه, لكنه نزع هذه الريبة عن رؤوسنا وقال: أن أم قصي المنقبة حديثاً, وعقابا لمن رفض تصديق قصة أن صوت الطناجر أسقطت طائرات الميج الكافرة …… أبلغت مخفر شرطة الفحاحيل أن هناك فاجراً تحرش فيها….. وقدمت كل الأوراق الثبوتية التي تؤكد ما ذهبت إليه وخاصة رقم سيارته …….
طبعا غني عن القول كما ادعت أم قصي أن المتحرش بها غمزها بعينه اليسرى وهذا كفر ما بعده كفر لو كان الفعل بالعين اليمنى لكان هناك حديث آخر ورؤية أخرى ……..
والقصة وما فيها أن أم قصي بالاتفاق مع زوجها تقف يوميا لاصطياد ضحاياها عند مكتبة الفحاحيل العامة والمحاذية للجمعية التعاونية التي كانت عادة يرتاد عليها اهالي الحارات نظرا لانخفاض الاسعار التموينية, حيث تنزل أم قصي من سيارة زوجها (الدودج) الأمريكية وتقف بعيدا وتبدأ تطلب المساعدة من الرواد الذين يتقافزون على الجمعية, حتى يصل الهدف وتطلب منه مساعدة …. وتبدأ مسيرة الشحدة وتؤكد بين كل كلمة وكلمة انها قادمة من الضفة الغربية ولا معيل لها ويتبرع الهدف بهبل منقطع النظير ولكن يبقى السؤال كيف حضرت إلى الكويت إذ لا بد ممن يحضر إليها الحصول على كرت زيارة يقوم على طلبه قريب من الدرجة الأولى…..
أمام النقاب وهالته ذهب المنطق ويحضر الخير غير المبرر …..
وما أن تنتهي العملية الفدائية وبحركة بهلوانية تتناول أم قصي قلم الحومرا من صدرها الحزين وتكتب على بطن يدها رقم السيارة….. وبعدها تقوم بالتبليغ .
العمائم اختلفوا فيما بينهم وقرروا نشر قصة أم قصي لكن بعد موافقتها على القول أنها تكتب بقلم الحبر لا القول أنها تكتب بقلم الحومرا لأنها حرام, حرام بَيِن …… يبرز مفاتنها ودعوة صريحة للاغراء وارتكاب الفاحشة ……. وما عاذ الله أن تكون أم قصي تهدف إلى الفاحشة .
زوج أم قصي لم يستطيع مقاومة رغبته في الذهاب للضحية ومفاوضته للحصول على مبلغ من المال وحضور الاحتفال الذي سيقام من قبل العمائم بانتصار الثوار الأفغان مقابل التنازل عن القضية وهكذا كان تم التنازل عن القضية وحضور الاحتفال والاقرار بأن طائرات الميج الكافرة سقطت نتيجة التأثير الإلهي لصوت الطناجر في أفغانستان …..
وللقصة بقية إن كان لذلك ضرورة ….

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

شاعرة وااعلامية فلسطينية

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها بقلم الشاعر والكاتب الفلسطيني (هاني مصبح) الروائية الفلسطينية باسله …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *