“وأنا في الوطن كنت أبكي شوقاً للرحيل إلى المنفى وها أنا اليوم أبكي شوقاً للعودة إلى وطني “
بقلم دكتور حنا عيسى
عندما يدرك الناس أن الدولة تدار لحساب نخبة وليس لحساب أمة ، يُصبح الفرد غير قادر على التضحية من أجل الوطن وينصرف للبحث عن مصلحته الخاصة.رغماً عن ذلك ،فإن طريق الهجرة وعرةُ المسلك ، ومليئةٌ بالمنغّصات ، ومهما بقي الإنسان في بلاد الغربة فاسمه “غريب “، ولن يجد قلباً حنوناً ، بين الحجارة الصماء ، والأماكن الغريبة التي لن تألفه ..نعم ، يهاجر الناس من أوطانهم بسبب تفاقم القلق ، بسبب الإحساس المقيت بأنه مهما عملوا بجد فلن يأتيهم بنتيجة ، وأن ما يعمرونه في سنة قد يدمّره الآخرون في يوم .. لهذا السبب ، أبحث عن وطن شجاع لا يخاف أحداً ، لا يعطي معميه لقيد ،أو يحني ظهره لأحد،أو يربط اسمه بأحد،لا يخجل من أن يصارح كل الموهوبين بعظمتهم أنكم لا شيء دوني،أنا البداية والوجود .
الألقاب ليست سوى وسام للحمقى ، والرّجال العظام ليسوا بحاجة لغير أسمائهم
“لم أكن الأول على فصلي في المدرسة أبداً ، ولكن لا بد ان زملائي رأوا إمكانية ما لدي ، لأن لقبي كان آنشتاين” .. أتمنى أنْ أتمتّعَ دوماً بالحزم والفضيلة الكاملين ، حتّى أُحافظَ على ما أعتبرهُ أكثرَ الألقاب التي يُحسدُ المرءُ عليها ، ألا وهي لقبُ إنسانٍ شريف.. الباحثون على الألقاب ضعفاء ويفتقدون الثقة بالنفس أحياناً ..هناك مهن كثيرة مهمة لكن المجتمع لا يمنح أصحابها الألقاب .. بعض البسطاء تدهشك استقامتهم ، وبعض العلماء يدهشك اعوجاجهم ، فلا تكونوا دوماً أسرى للعناوين وعباداً للألقاب ..يقولون : أشقى الناس في هذه الحياة العقلاء ، ويقولون : ما لذة العيش إلا للمجانين ..لذلك ، ليست الألقاب هي التي تكسب المجد بل الناس من يكسبون الألقاب مجد ..فالمجتمع الذي يحترم الألقاب أكثر من الإنسان نفسه .. مجتمع ليس لديه أدنى درجات الوعي.