الرئيسية / ادب وثقافة / سليم النجار يكتب : المراة الفلسطينية السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

سليم النجار يكتب : المراة الفلسطينية السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

المراة الفلسطينية
السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت
الحلقة الخامسة
سليم النجار
أفقت من غيبوبتي الذّهنية وذكرياتي تقول :
– هل تعلم إلى اين يذهب بي خيالي،الجامح كلما أخبرتني أمي بعفوية من جملة الأحاديث عن تعسّر ولادتي وهي تستدّعي،ذاكرتها بعض الأحيان ٠٠٠٠
– أين ٠٠٠؟
– اتخيل أنني شعرت بأجواء غريية في الخارج وأصواتٍ غريبة هادرة تملأ الدنيا ضحباً وضجيجاً ؛ أصوات أشبه بدويّ القنابل ٠٠٠ وتنكيل ٠٠٠ وصراخ ٠٠٠ وعويل ٠٠٠ ورائحة أشبه برائخة الدخان وكأن هناك عنفاً وخراباً ودمارً ٠٠٠!
قلت لنفسي : ترى ما الذي يفعله الإنسان في الخارج ٠٠؟ وهل هناك أصوات غير اصوات أغاني الحب ؛ وتغريد البلابل ؛ وحفيف الأشجار ؛ وخرير المياه في الجداول ؛ وتردّد الأمواج على شاطئ الفحاحيل ؟ وهل هناك رائحة غير رائحة الأمومة ؛ التي اخبرتني ذات يوم أني كنت شرهاً وشرهاً جدا وانا طفل في شرب الحليب ؛ لدرجة انها كانت تعمل الحليب ب ” الطنجرة ” وفي ايام كثيرة لا تكفي ” الطنجرة ” الواحدة ٠
ها ها ٠٠٠ انه الخيال الذي فيه مقاربة للواقع المعيش ٠٠٠!
ساد الصمت ؛ اكلمت :
كل ما استطعت قوله :
– كلنا تغيرّنا ٠٠٠ ؟ لا شيء يبقى على حاله ٠٠ فالحياة تتقلًب ونحن نتقلّب معها ؛ وحتى النظرة للأمور والأشخاص حولنا ؛ وتقييمها ومشاعرنا نحوها ؛ وردود الفعل : حتى مفردات الطبيعة حولنا تتغيّر مع الزمن وتغيّر الفصول ٠٠٠
لا أدري ٠٠ كل ما اعلمه هناك ثغرات لا اعلم متى بدأت أتلمس تفاصيلها ؛ كان عقلي يخبرني أن الدنيا على الرغم من كل شيء مازالت جميلة وعذبة ؛ خاصة بعدما عرفت أن والدتي كانت ايام الصبا في مدينتها نابلس تعزف على العود ؛ عرفت ذلك بعد وفتها بسنوات ؛ وأشك أن اخواتي يعرّفن ان والدتهم كانت تعزف على العود إلى يومنا هذا ؛ وانا لم ابوح بالسّر إن كان سرّ ٠٠ لا اعرف ٠٠
يستفيق الفجر من سباته العميق لينبلج من سواد الليل الحالك وهو يتثائب وانا لم افطن إلى الحلم الذي كان يأتيني بين الفينة والأخرى ٠٠
– ما هو الحلم ٠٠؟
– إنه الحلم الذي فيه أراني اقف على شفا جرف جبلي ؛ عندما افصحت لقرّائي في الحلم ؛ أن شخصية الأستاذ سميح ناظر مدرسة المعرّي المتوسطة للبنين ؛ قوية وجبّارة ؛ لا يخشى احد ؛ وكان أهالي الفحاحيل يتناقلون الآحاديث عن سبب هذا الغلو والأفراط في إظهار جبروته ؛ رغم الإعجاب به ؛ وذهب الذهب البعض إلى القول انه مثال الرجل الفلسطيني ؛ وسخر البعض البعض الآخر من هذا الوصف ؛ وقدّموا نعتاً ؛ تم اجتراحه من وجع الخوف من الأستغناء عنهم من وظائفهم ؛ إذ كانت هذه موضة تمارسها الحكومة كل فترة زمنية ؛ يتم ” تفنيش ” عدد لا بأس به من الموظفين ؛ كانه صلاح الدين الذي فتح القدس ؛ وكل ما في الأمر ان علاقته مع دار الدبوس الكويتية ؛ المتنفذة ونسباء حكام الكويت آل الصباح ؛ كانوا يدعمونه ؛ من اجل إصلاح اولادهم ؛ وظبط سلوكهم لا اكثر ولا اقل ؛ ورغم هذا الخلاف في الأراء إلا انه كان ينال الإعجاب من جميع سكان الفحاحيل ومن مختلف الجنسيات العربية ٠
مثل حرف الألف ٠٠ ألم تسمعني ٠٠ ذاكرتي ٠٠ ؟
– ها ها ٠٠٠؟ تشبيه لا يأتي إلا من مدرسّة ” أبلة ” البيطار التي لا اذكر اسمها الأول ؛ وهي من العائلات النابلسية ؛ وناظرة ثانوية الفحاحيل للبنات ؛ الوحيدة في الفحاحيل ؛ تحتفظ بنسبة كبيرة من جمالها رغم مرور الأيام والسنين ؛ قد يكون ذلك نظرً لا هتمامها بمظهرها وصحتها وإقبالها على الحياة رغم انها لم تتزوج ؛ وكانت تقطن في سكن المعلمات مع والدتها التي احضرتها من نابلس ؛ وبقيت حتى عام ١٩٩٠ ؛ رغم انها تجاوزت سن التقاعد ؛ إلا انّ مدد العمل لها كناظرة ؛ لقدرتها على تشكيل حالة متميزة في قيادة ثانوية بنات ؛ ولا يعني لا سمح الله ؛ واعوذ الله من الشيطان الخناس الوناس ؛ ان يمر هذا الحدث مُرور الكرام ؛ فقظ ادلى الجمع من الأبوات الفلسطينين حول هذا الحدث الجلل ؛ البعض قال ان خصالها وقوة شخصيتها كان وراء القرار ؛ وآخرون عزو القرار إلى حب وإعجاب دار الدبوس بها ؛ لحشمتها وعزة نفسها ؛ وبجميع الأحوال كانت ناظرة ثانوية الفحاحيل من شخصيات الهامة في الفحاحيل ٠
ثمة قبر صغير ؛ ورائحة غريبة تغزو أنفي ٠٠ ووجه كهل مبتسم أبيض،هو أقرب إلى القناع ٠٠٠ لكنه يبدو صلب البنية ٠٠ الجبهة عريضة ٠٠ والشعر طويل مشعث على منوال ليحته وشاربيه وكأن صعقة كهربائية قد أعملت بها ٠٠ إنه نفس النمط في ذاكرتنا للمدرسين الكبار ٠٠ السحرة الذين علمونا في مدرسة عثمان بن عفان ٠٠٠ كان العنف سيد الموقف ؛ الضرب ثم الضرب ؛ هي العلاقة بيننا ولغة التخاطب ؛ يمارسون هذه الفضيلة من اجل ان نصبح رجال ؛ هكذا كان عرُف من علمنا في ذاك الزمان ؛ وهناك سبب آخر ؛ نحن فلسطينيون لا خيار أمامنا إلا العلم ؛ وأداة تحقيق هذا الهدف النبيل الضرب !
إنه مهرجان بوح تلقائي ؛ ارهقني هذياني وأوقعني في متاهة متشظية ؛ لقد تعبت حتى الحاجة إلى الأستراحة وشيء من الخلوة ٠٠ وقبل أن اغادر بياض الورق ؛ لأقول ان جميع نظّار المدارس الحكومية في الفحاحيل من المدرسين الفلسطينين ؛ ولجميع مراحل التعليم ؛ الحضانة والروضة والإبتدائي والمتوسط والثانوية ٠ وتبدّل الحال في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي ٠
عكست الفحاحيل معالم وجهها الحرج الشديد وقسوة المعاناة التي جعلتها تفصح عما يجب ان يبقى سراً في داخلها فغطته بيديها وهي تتمتم :
– اتمنى لو بيدي ممحاة تجعل ما كان لم يكن ٠٠!
فكانت كلمة الزلمات هي الشائعة لوصفنا من قبل الكويتيين ؛ وعلى كل من يرتكب خطيئة ” لباس ” البنطال ؛ وكان والدي رحمه الله يؤكد ليل نهار ان هذا الوصف اختراع انجليزي لنا ايام احتلال فلسطين ؛ وكيف وصل للفحاحيل وعموم الكويت ؟
آه ؛ وهل يفلح تغطية وجه الفحاحيل في محو معالم الجنون السرّي ٠٠ السدّ بالأصبع لا يجدي ٠٠ !

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

IMG-20240412-WA0022

حركة “فتح” وفصائل “م.ت.ف” تُكلِّل بالزهور النّصب التذكاري للشهداء في صيدا

حركة “فتح” وفصائل “م.ت.ف” تُكلِّل بالزهور النّصب التذكاري للشهداء في صيدا المصدر / د. وسيم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *