الرئيسية / الآراء والمقالات / د سالم سرية اكاديمي يكتب : اللوبي الصهيوني في فرنسا

د سالم سرية اكاديمي يكتب : اللوبي الصهيوني في فرنسا

151632953_5330524196988375_7382758064906992291_n

اللوبي الصهيوني في فرنسا-الجزء الخامس.
تكملة معاداة الساميه في فرنسا
د سالم سرية اكاديمي وكاتب (فلسطين)
ان قضية الكابتن اليهودي الفرنسي الفرد دريفوس تستحق بعض التفصيل ادناه لان لها علاقة وثيقة بافكار المؤسسين الأوائل للحركة الصهيونية العالمية كما انها بقيت فزاعة الاتهام التي تشهر بوجه كل من ينقد (اسرائيل) بين الحين والآخرفي كل زمان وكل مكان ويتم التذكير بها دائما من قبل اللوبيات الصهيونيةكونها حالة ظلم وتعسف بحق اليهود.والقضية كالتالي:
ما بين عامي 1894 و1906 عاشت فرنسا على وقع واحدة من أسوأ الفضائح التاريخية شرخت المجتمع الفرنسي الى شرخين لمدة اثني عشر عاما ضمن ما عرف بقضية دريفوس .حيث واجه أحد كبار القادة بالجيش الفرنسي تهماً خطيرة بالخيانة عن طريق نقل أسرار الدولة للإمبراطورية الألمانية الملقبة بالعدو اللدود لفرنسا عقب الحرب البروسية الفرنسية سنة 1870 والتي انتهت بهزيمة فرنسا وهيمنة الألمان على مناطق الألزاس واللورين .
بدأت هذه القضية في 27 ايلول سبتمبر عام 1894م عندما تلقى وزير الدفاع الفرنسي، الجنرال مرسييه وثيقة سرية من قسم مكافحة التجسس في وزارته، حملتها السيدة “باستيان” التي تعمل لصالح المخابرات الفرنسية تحت اسم “اوغست”. وقد تعودت هذه الخادمة ان تنقل الى مسؤولها المباشر، الضابط هنري، أوراقاً وقصاصات ورق تعثر عليها في السفارة كونها عاملة نظافة فيها. وكانت الأوراق الأكثر اهمية تأتي من سلة المهملات التابعة للملحق العسكري الألماني مكسيميليان فون شوارزكوبن . اما الوثيقة التي حملتها الخادمة، فستعرف منذ تلك اللحظة باسم “اللائحة” لأنها تتضمن سلسلة من المعلومات العسكرية الفرنسية السرية المرقمة من 1 الى 5 وتتحدث عن مدفع من عيار 120ملم وعن تشكيلات سلاح المدفعية، وعن الانتشار العسكري الفرنسي في مدغشقر… الخ. واللائحة مكتوبة بخط ضابط فرنسي سربها الى الالمان. وفور استلامه المحتويات عمد الضابط هنري الى التركيز على اللائحة واعاد تجميع قطعها الممزقة وذهل عندما قرأ مضمونها وبادر فوراً الى تسليمها الى وزير الدفاع الفرنسي الجنرال مرسييه الذي طلب منه الالتزام بالصمت وبالبحث عن الخائن من دون ضجيج عبر الاستعانة بخبراء في الخطوط لمقارنة مضمون اللائحة بخطوط الضباط الكبار في رئاسة الأركان، خصوصاً اولئك الذين يطلعون عادة على الملفات السرية. لكن البحث لم يفضِ الى نتيجة مما حمل هيئة الأركان على البحث عن الخائن في ادارات الوزارة انطلاقاً من شكوك عامة. ووقع الاختيار على 4 ضباط بينهم الفريد دريفوس، الذي سرعان ما استأثر باهتمام المحققين من دون غيره من المشكوك فيهم وكان المتهم يتمتع بكل المواصفات التي تثير الريبة. فهو يهودي ويعرف لغات عدة والزاسي ذكي ويعمل منذ عام كمتدرب في هيئة الاركان وكان اليهودي الأول الذي يصل الى هذه المرتبة. ومنذ أن تمحورت الشكوك حول دريفوس، طلب وزير الدفاع اجراء تحقيق شخصي لمعرفة دوافع المتهم المفترضة للخيانة مالية – نسائية… الخ وطلب براهين اضافية من المقدم دوباتي دوكلام بالحصول عليها، الذي استعان بخبيرين للخطوط لمقارنة مضمون اللائحة مع نصٍ أملاه على المتهم. نفى الخبير الأول الفريد غوبيه وجود تشابه بين الخطين. وأكد الخبير الثاني الفونس بيرتيون العكس فبادر الى اعتقال دريفوس ومنع عنه الاتصالات بالخارج لمدة 15 يوماً ولم يخبره بالتهمة الموجهة اليه الا في اليوم الخامس عشر. . . وقال ادوار ريمون، في مانشيت عريض في صحيفة الكلمة الحرة: يهودي يرتكب خيانة عظمى. ثم نشر احصاءات حول اليهود المرشحين للخيانة في الجامعات والصحف ووظائف الدولة وطالب بحملة تطهير شاملة من اليهود في كل المؤسسات. واعتبر انه يوجد يهودي حتماً، خلف كل عمل رذيل. وانتشرت ملصقات في الشوارع تدعو الى قتل اليهود.
وفي آذار مارس عام 1896 عُيّن العقيد جورج بيكار، الذي مثل الجيش في محاكمة دريفوس، رئيساً لجهاز مكافحة التجسس خلفاً للعقيد جورج ساندير وطلب بيكار من خبير الخط تفحص “اللائحة” ومقارنتها بنصٍ كتبه استيرازيَ(ضابط فرنسي في رئاسة الاركان) من دون الاشارة الى اسمه، وهنا جزم بيرتيون بتشابه الخطين وقدم تقريراً مكتوباً بذلك. واستنتج بيكار فوراً ان استيرازي هو العميل الحقيقي وأن دريفوس بريء من التهمة وأنه يقضي عقوبة السجن والنفي ظلماً. وسارع الى اطلاع رؤوسائه على الحقيقة. وكي يضعوا حداً لأي تسربٍ من طرفه، اتخذوا قراراً بنقله الى ا خارج فرنسا ( الى الجنوب التونسي). والمرجح ان العسكريين كانوا يخشون من ان تنهار سمعتهم إذا ما تبين انهم ادانوا الفريد دريفوس بالخطأ لذا فضلوا كتم القضية والتستر على عمالة استيرازي. وفي العام 1897، قرر بيكار العودة من منفاه، باجازة رسمية، وصمم على نقل السر الى صديقه المحامي لوبلوا الذي أبلغ الرئيس الفرنسي بذلك. اما في الشارع الفرنسي فقد وصل العداء للسامية الى درجات قياسية وتدخل رجال الدين الكاثوليك في القضية فقال احدهم ويدعى “كروس”: “أريد ان أصنع من جلد اليهودي سجادة صغيرة أضعها أمام سريري لأدوسها صباحاً ومساءً” في حين كان رهبان آخرون يرفضون مثل هذه الحملات ويدافعون عن اليهود”.لكن الحملات والحملات المضادة تفاقمت وانفجرت على نطاق واسع اثر نشر مقالة “اني اتهم”، التي كتبها اميل زولا دفاعا عن دريفوس. هذه المقالة اشعلت لهيباً كبيراً وأحدثت انقساماً عميقاً بين الفرنسيين الذين تحولوا كلهم الى مناهضين او مؤيدين لدريفوس. وفي العام 1906 أصدرت محكمة التمييز الباريسية قراراً باعادة الاعتبار الى درايفوس واسترجاع رتبته في الجيش التي سبق وان انتزعت منه باحتفال شعبي نال فيه الاذلال والتحقير ثم السجن والنفي الى جزيرة غويانا وتم منحه وسام جوقة الشرف ايضا. (1)و(2)و(3).وبذلك اتهم درايفوس ونفي وسجن ظلما ثم اعلنت برائته بعد هذه السنين الطوال .
ان أهم ما استخلصته الصهيونية العالمية من ) قضية دريفوس)هو استمرار مشاعر
العداء للسامية وإنها حسب الدعاية الصهيونية تعتمد على أسس طبيعية، ملخصها ان: كل شعب يكره الشعوب الأخرى، ولكن جميع الشعوب تكره اليهود على الخصوص. وبدأت الصهيونية توظف شعار معاداة السامية لتحقيق مصالحها بعدما اتخذت من هذه الظاهرة ذريعة لفصل الجماعات اليهودية في أوروبا عن المجتمعات المسيحية التي كانت تعيش بينها، وطورت على أساسها الفكرة القومية الموجهة لإنشاء ما يسمى بالوطن القومي لليهود.
ويعتقد البعض ان تيودور هرتزل الذي كان يتابع قضية درايفوس أول بأول قد استوحى أسس النظرية الصهيونية في كتابه (الدولة اليهودية) من هذه القضية والتي اوصلته الى النتائج الآتية:
1 – ان اليهود في كل زمان ومكان معرضين للاضطهاد.
2 – لا يستطيع اليهود أن يندمجوا في نسيج أية أمة يعيشون فيها.
3- يشكل اليهود في كل بلدان العالم، وأيا يكن البلد الذي يعشيون فيه ) أمة واحدة)
وأهم ما توصل إليه هيرتزل في صياغة نظريته لاحقا:
أولا: رفض اندماج اليهود في الدول التي يعيشون فيها حتى لا تذوب هويتهم (القومية).
ثانيا: إنشاء دولة يهودية يتجمع فيها جميع يهود العالم .
ثالثا: ينبغي إنشاء هذه الدولة في مكان (شاغر ( وهي فكرة مميزة للاستعمار السائد في ذلك العهد ومعناها عدم إقامة أي اعتبار للسكان الأصليين. (4)
ومن المفكرين الصهاينة الأوائل الذين تناولوا ظاهرة معاداة السامية بالتحليل “ليو بنسكر” الذي فسرها على أنها ظاهرة مرضية وعقدة نفسية دائمة أصيب بها الإنسان الأوروبي المسيحي، وهي ليست فقط ظاهرة اجتماعية أو اقتصادية كما اعتقد الكثيرون.فمعاداة السامية في رأي بنسكر هي كراهية الغريب، وطالما أن اليهود أقلية في كل مكان يعيشون فيه فهم كالأشباح المطاردين في كل مكان، وغرباء على كل الشعوب التي تكره بطبيعتها كل ما هو أجنبي عليها. ولهذا يؤكد بنسكر أن اليهود أجانب على المجتمعات التي يعيشون فيها، وأن حلم اندماجهم في هذه المجتمعات لا يمكن تحقيقه. وهذا في رأيه ليس مرجعه أن اليهود غير قادرين على الاندماج، ولكن لأن الأغلبية لن تسمح لهم بذلك على حد قوله وعلى هذا فالحل الذي يقترحه هو نقل اليهود وتهجيرهم من أماكنهم إلى قطعة أرض يملكونها فيصبحون أمة طبيعية، ويتغير هذا الوضع غير الطبيعي في رأي “بنسكر .ويجب أن نلاحظ أن بنسكر لم يصر على أن هذه الأرض التي يتحدث عنها هي أرض فلسطين بالذات، ولكنه اقترح أرضا تلائم الاستيطان الحالي لليهود كجزء من القارة الأميركية مثلا، حيث يستطيع اليهود أن يتموا تحررهم. (5)
1-http://www.alhayat.com/article/945965 فيصل جلول 9 اوكتوبر 2018
2 – -https://www.alarabiya.net/last-page/2019/07/24
3 -قضية درايفوسhttps://ar.wikipedia.org/wiki
4- اللوبي الصهيوني في فرنسا- شاكر نوري-شركة المطبوعات للتوزيع والنشر2013 رابط التحميل https://www.noor-book.comص65-72
5-https://www.aljazeera.net/2004/12/22 محمد خليفة حسن

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *