الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مروان محمد مشتهى يكتب : أيها الإنسان .. صبرك يكمن في ابتلاءك

د. مروان محمد مشتهى يكتب : أيها الإنسان .. صبرك يكمن في ابتلاءك

 m mostah
أيها الإنسان ..
صبرك يكمن في ابتلاءك
 
بقلم /د. مروان محمد مشتهى
 
لعل الخير يكمن في الشر، مقولة وسنةٌ كونية ،وحكمةٌ إلهية ،ومنهاج الصابرين يكمن في ابتلاء المرء ،فقد سُئِل الإمام الشافعي رحمه الله ،أيمكن العبد أم يُبتلى ،قال: لا يُمَكَنْ العبد حتى يُبتلى ،فما دامت الأمور كذلك نحتسب كل ما يواجهنا في حياتنا عند الله ،فهو مسير حياتنا ومدبر أمورنا .
 
يقول الله تعالى في كتابه العزيز {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} فعلينا الإنقياد التام وأن نسلم كل التسليم بأن كل ما أصابنا ويُصيبنا هو لنا خير، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا ،وأن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا .
 
ولقد أخبر الرسول ﷺ :{عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيراً له}
 
لا شك أن تلك التعاليم التي تعمل علي تهذيب النفس، علي الصبر عند الابتلاء ،وعدم الجزع، وعدم الخوف على الرزق وتدابير الحياة فهي بيد مدبر الأكوان وحده .
 
فلن يكون فى ملك الله إلا ما أراد، فهو خالق كل شيء ،خلق السموات والارض ،وخلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه ،ويعلم حبه للنعيم والعيش الرغيد ،ويعلم حبه للمال ،ويعلم طبيعة النفس البشرية ،أليس هو الصانع الخبير بصنعته؟
 
فالابتلاء طريقٌ إلي الجنة ،فمن أحبه الله ابتلاه حتى يمحصه وينظر كيف يتصرف فى المحن والابتلاء ،فيا أيها العبد : تعرف علي الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، فأحسن الزرع حتي تجد حصاداً مثمراً ووفيرا .
 
ولنا مما يدل علي ذلك من الأمثلة لا للحصر ،علي أن الإنسان لابد أن يمر ببوابة الابتلاء قبل التمكين، فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قد عاش يتيماً ،وتربي في بيت جده ثم عمه ،ثم جاءه تكليف النبوة ،وتعرض للأذي الشديد من قومه ،فكذبوه ونعتوه أنه مجنون ورموه بالحجارة لكنه صبر إلي أن جاء التمكين من السماء وسادت دعوته للعرب والعجم ،ولقد تم تصنيف شخصيتة كأعظم شخصية فى التاريخ علي الإطلاق .
 
وما في قصة سيدنا يوسف إلا المثل الكبير لنا، حيث تعرض إلي مكر إخوانه ورموه في البئر ،ففي الشر كان الخير ،حتى أصبح عزيز مصر ،وجاء إخوته من فلسطين إلي مصر ليطلبوا منه المعونة والقمح ليقتاتوا في زمن القحط الذي أصاب البلاد ، فأظهره الله عليهم .
 
ولقد صبر أيوب عليه السلام الصبر العظيم علي المرض والإبتلاء الشديد إلي أن جاء التمكين ،{اركض برجلك هذا مغتسلٌ باردٌ وشراب} وأبدله الله ماله وولده ومثلهم وأصلح له زوجه ، فلنحتسب كل ما نمر به في حياتنا عند الله لنكون من الشاكرين لأنعمه .
 
لذا لابد من وقفةٍ مع النفس ، فيجب تعليمها وتربيتها، ،بالتسليم التام بأمر الله ، فتلك سنة كونية وناموس من نواميس الحياة أن يكمن الخير في البلاء، وأن يسبق التمكين الابتلاء وأن النصر مع الصبر فلا تنتظر ولا تسأل إلا الله هو خير من يُسأل ومن يُعبد .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *