محمد فكري الجزار : فرعون العصر وملك مصر وهذه الأنهار
التاريخ: الخميس 17 يناير 2013
الموضوع: قضايا وآراء


فرعون العصر وملك مصر وهذه الأنهار


لا ليس لك أيها الفرعون ملك مصر ، ولا هذه الأنهار تجري من تحتك ، وإنما يخدعك الملأ من جماعتك


فرعون العصر وملك مصر وهذه الأنهار


لا ليس لك أيها الفرعون ملك مصر ، ولا هذه الأنهار تجري من تحتك ، وإنما يخدعك الملأ من جماعتك عن نفسك وعن مصر وعن أنهارها ، وكيف تطمئن إلى خديعتهم وهذا الملأ نفسه يرتعد خوفا سواء من ملك مصر أو من أنهارها .. أما ملك مصر فلم يعد للقصر وإنما للشارع وميادينه ومقاهيه ، وأما أنهارها فقد خرجت عن مجراها و صمتها والتحقت بالشارع والميادين والمقاهي ، والجميع حجرا وشجرا وبشرا يهتف : لست فرعونا ولن تكون ، ولست ربا أعلى ولن تكون ، إنما أنت محض رجل غلب عليه غباؤه فارتضى أن يكون ألعوبة في يد الملأ من جماعته ، إذا أشاروا نطق وسكت ، وإذا أمروا تحرك وسكن ، فلا أنت أدركت حقيقتك ، ولا أنت أحطت بمصر وأنهارها الجديدة . مصر ، أيها الفرعون الدعي ، بعد 25/1/2011 ليست مصر من سبعة آلاف عام وحتى يوم 24/1/2011 مصر وضعت سلفك الدعي الثلاثيني وملأه وراء القضبان كأي مجرم ، لقد نزل عن قصره راغما وأسلمه الملأ من حزبه لأيدي مصر الجديدة وأنهارها لتلقي به حيث هو الآن ، فبأي آيات التاريخ القريب والبعيد تكذِّبان أنت والملأ من جماعتك . دعك من فرعون فما أنت منه ولا هو منك ، ففراعين مصر صنعت الحضارة ، ووضعت القوانين ، وأسست المؤسسات ، وحددت حدود دولتها وحمت هذه الحدود ، ورعت الفنون وتركت من آثارها ما بهر العالم وما يزال ولن يزول ، فإن ادعى واحد منهم أن له ملك مصر وأنهارها تجري من تحته ، فإنما هو واحد ، وكان يواجه تمرد جالية ليست من شعبه أصلا ، فهو ليس حكما على سواه ، والغريب أن يكون هو وحده لا سواه أسوتك الحسنة ومنهج الملأ من جماعتك في رسم خطاك . مصر الجديدة ليست ملكا لأحد ، وأنهارها من الشباب امتلكت بالدم حقها في الرفض والتمرد والثورة والحرية ، وحين يخرج النهر عن مجرى صمته يسمع الأصم كان من كان وادعى ما ادعى . ومن سنن الأنهار في مصر ، أنها – إذا تكلمت – فلا جبل يعصم من صوتها ولا جماعة ، وإنما تأخذ الجميع الصيحة وينماز من كان ابن النهر ممن كان مستلحقا بنسبه كذبا وزورا. ولا تخدعنك حسابات الزمن ، فألف سنة – إن بلغ عمر حكمك – كيوم عند الشعب أو أقل ، فشعب النهر حكيم ، حكيم في صمته ، حكيم في كلامه ، حكيم في خروجه عن مجراه .. يسكن حتى يظن الظنون بثورته الحمقى ، ويثور حتى ييأس من سكونه العقلاء ، وهو بين السكون والثورة يتقدم ببطء وقوة إلى حيث أراد . فيقتلع ، على مهل ولكن من الجذور ، في طريقه من يقف في وجه ثورته ويتركه على سطحه آية لمن به مسكة من عقل . ولقد ينجيك النهر بجسدك ، كما فعل البحر من قبل بسلفك ، لتكون لمن خلفك من جماعتك آية لو أبقى النهر منها أحدا . والعجب العجيب ألا تستثمر من حكمة النهر وقت سكونه وإنما تغتر به ، وإن شئت السلامة لاتبعت مجراه الجديد ، وسبحت فيه وفق سننه ، ولكن أنى لك وهذا الملأ من جماعتك يملكون عليك حواسك فلا ترى ولا تسمع ولا تعقل .. فسلاما يا فرعون العصر فإنك وملأك راحلون عما قريب عنها أو تقيم وإياهم حيث أقمنا سلفك الثلاثيني تاركين للتاريخ أن يواصل كتابة ملهاة أناس سألوا ملأهم وهو هم شاكون فيما يقولون : "يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون "!!
أ.د.محمد فكري الجزار
مصر العربية






أتى هذا المقال من جريدة الصباح الفلسطينية
www.alsbah.net

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
www.alsbah.net/modules.php?name=News&file=article&sid=15929