حركة فتح تأكل أولادها !!
بقلم/ جمال أبو لاشين
سألني أحد الأصدقاء المقربين قبل يومين محتدا هل تلاحظ مايجرى على الساحة الفلسطينية منذ إنشاء السلطة الفلسطينية ؟ فأجبته متسائلا ما الذي يجرى ؟ فرد بحنق ألا ترى أن أبناء حركة فتح دفعوا ثمن قيام السلطة ، وأنهم دفعوا ثمن الانقسام ولا يزالوا ، واليوم سيدفعون ثمن المصالحة !؟
حركة فتح تأكل أولادها !!
بقلم/ جمال أبو لاشين
سألني أحد الأصدقاء المقربين قبل يومين محتدا هل تلاحظ مايجرى على الساحة الفلسطينية منذ إنشاء السلطة الفلسطينية ؟ فأجبته متسائلا ما الذي يجرى ؟ فرد بحنق ألا ترى أن أبناء حركة فتح دفعوا ثمن قيام السلطة ، وأنهم دفعوا ثمن الانقسام ولا يزالوا ، واليوم سيدفعون ثمن المصالحة !؟ هل يرضى قيادة حركة فتح أن تأكل الحركة أولادها ؟ .
أمام تلك التساؤلات التي اعلم صدق صاحبها وإخلاصه للحركة والوطن، وقفت محتارا في الإجابة عليه لعلمي أن ثورته لاتحتاج إلى شرح وتبسيط بقدر ماتحتاج إلى استيعاب مايقال وإعادة توجيهه بأناة وصبر، ليفرغ الهموم التي يحملها وتثقل كاهله وهو الذي ضحى بسنوات من عمره داخل سجون العدو الصهيوني ولم تسعفني بديهتي إلا برد ساخر حتى أخرجه من الضيق الذي يعانيه فقلت له ممازحا "إن من يأكل صغاره من الحيوانات يأكلهم بدافع محبتهم و الشفقة على ضعفهم وعجزهم ظنا منه انه يريحهم فهل هذا ماتقصده ؟ " 0
من وقتها ولاتزال تلك الحادثة تدور في رأسي أفتش لها عن إجابات لعلى اعثر على مايبعد هواجسه ، وفى نفس الوقت لا أظلم حركة فتح بتاريخها وعراقتها وتضحيات قادتها وكوادرها وأبنائها المخلصين فحركة فتح وبإجماع كل الفصائل الوطنية كانت ولاتزال رائدة النضال الوطني الفلسطيني خصوصا وأنها صاحبة القاعدة الأكبر والانتشار الأوسع والإمكانيات التي لاتنضب ، لذلك تركت لها الفصائل بمحض إرادتها واعترافا بقدراتها قيادة المشروع الوطني فحافظت على الثوابت الوطنية ، وأبقت القضية الفلسطينية حية نابضة بالحياة كحركة تحرر وطني، وبقيادتها تحولت هزيمة ونكسة حزيران إلى معركة للكرامة العربية أعطت من جديد بارقة أمل في العمل الفدائي ، واستطاعت أن تحافظ على القرار الوطني المستقل وهى ضيفة على ارض عربية أمام أنظمة عربية متعددة المشارب والاتجاهات ، فانتزعت الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني ، وقادت اعترافا دوليا بها في الأمم المتحدة ، وصمدت في كل مراحل العمل الوطني وهى ترتحل من ارض عربية لغيرها أمام كل محاولات تصفيتها والنيل منها، وبالعودة لأرض الوطن كانت حركة فتح قد قدمت عشرات الآلاف من خيرة أبنائها مابين شهيد وأسير، وفقدت جل قادتها ومؤسسيها فهل حركة بهذا العطاء تأكل أولادها ؟!
لقد كانت غيرة صديقي على الحركة ومستقبله ماجعله يحتد بهذا الشكل ويفصح عما اختلج في صدره دون مواربة أو رتوش ،فهذه الحركة العملاقة وبكل تاريخها تدفع ولاتزال ثمنا لقيادتها المشروع الوطني حتى في العملية السلمية وبناء السلطة الوطنية الفلسطينية كانت الأكثر استهدافا فان تكون في المعارضة معناه أن هامشك في المناورة كبير أما أن تكون في السلطة فهذا معناه أن هامشك للمناورة محدود باتفاقيات وموازين قوى دولية وسياسات إقليمية ، ومطلوبا منك أن تثبت شفافيتك ومصداقيتك على الدوام 0
ولان عملية التحرر الوطني أصبحت عملية ثنائية تجمع مابين مقاومة الاحتلال وبناء مؤسسات السلطة تمهيدا لقيام الدولة ، نالت تلك الثنائية من حركة فتح التي تماهت مع واقع وجود السلطة على الأرض وصارت ضمن قيادة مؤسساتها وبالتالي كانت النتيجة أن ترهل الجسم الحركي ومع الوقت فقدت استقلاليتها ، وانتقلت تأثيرات السلطة على الحركة حتى في صراعات أجنحتها المختلفة . وما وصمت به السلطة من فساد بعض عناصرها انتقل تأثيره على حركة فتح وبهذا دفعت الحركة رائدة المشروع المقاوم والسلمي الثمن ، وجاءت خسارة الانتخابات مطلع العام 2006 انعكاسا للواقع المشار إليه ورغم مطالبة العد يدون وقتها لتأجيل الانتخابات حتى تستكمل جاهزية الحركة لخوضها إلا أن الرئيس أبو مازن تعرض لضغوط كبيرة حتى لاتؤجل وخاضت الحركة انتخابات التشريعي بشكل أقل مايو صف به انه مرتبك ، في حين طغت المصالح الشخصية للبعض على مصلحة الحركة فكانت الترشيحات الفردية بالعشرات ، والتي حصدت أصوات على حساب الحركة ، ناهيك للتناحر الذي وصل حد حجب الأصوات في الدوائر وتشتيتها خارج الإطار الحركي فكانت خسارة لاتتوقعها فتح ومكسب لم تتوقعه حماس .
ومع نجاح حركة حماس وما رافقه من مناكفات لسنا بصدد الحديث عنها قادت للانقسام البغيض تعمقت الخسارة التي دفع ثمنها أبناء فتح إحباطا معنويا نال من عزيمتهم أمام حالة لم يفكروا بالوصول إليها مع أشقاء الخندق الواحد . ومن وقتها وهم يشعرون بتهديد حقيقي على حياتهم ورواتبهم مبعثه إشاعات هنا وهناك بوقفها .وعلى ضوء المصالحة الوطنية في مايو 2011 وحتى الآن ومع تحديد موعد للانتخابات بعد عام من التوقيع ، نجد الكثير من التطمينات بالنجاح في الانتخابات القادمة رغم أن واقع الحال وما يثار هنا وهناك من امور تبعث على التشكيك في هذه التطمينات كونها لاتصب في مصلحة من يريد المزيد من الأصوات بل من يريد لتلك الأصوات أن تصب في أوعية أخرى غير حركة فتح ومن تلك القضايا التي يجب أن تنتهي كونها تحتاج إلى حل يحافظ على وحدة الحركة وقاعدتها الشعبية : - قضية الأخ / محمد دحلان والتي أخذت أبعادا أكثر كثيرا مما تبدو عليه واستهلكت الجهد الكثير من اللجنة المركزية والمجلس الثوري ولاتزال، ولا يكفى الإشارة بالانتهاء منها دون إقناع أبناء الحركة بجدية معالجتها ضمن الأطر القانونية والحركية ، فهذه القضية لاتزال موضع جدال داخل الحركة ولا يفيد التصريح بالانتهاء منها وهى لاتزال مفتوحة وتنال من وحدة الحركة وقدرتها . - مشكلة الأسرى على بند البطالة الذين أوقفت رواتبهم لتجاوز أعمارهم الستين دون بحث حالاتهم الاجتماعية وقدرتهم على العيش فيما تبقى لهم من عمر حياة كريمة ، ورغم معالجة هذا الموضوع جزئيا فلا يزال يتعثر بين المنع والصرف ، ولم يحل نهائيا حتى الآن . - مشكلة تفريغات العام 2005 والذين لايزالوا حتى اللحظة ليس فقط لايعاملوا كموظفين رسميين لهم حقوق مكفولة بالقانون، بل بالإشاعات والتصريحات التي تلاحقهم يوميا بقطع رواتبهم وتهزهم عميقا أمام مشكلة ليسوا سببا فيها ولم يتوقعوا أن يعيشوا في ظل هذا التهديد المستمر فئ وقت لاتوجد أمامهم اى بدائل . - الموضوع الاسخن اليوم والتي كانت الهدية المقدمة للموظفين بعد تعيين لجنة الانتخابات المركزية وهو تقاعد قرابة 26000 موظف جلهم من قطاع غزة على نسبة 50% من الراتب , والذي أخذ صدى كبير على مستوى الشارع الفلسطيني , خصوصا وأنه يتناقض تماما مع تمهيد الأجواء المناسبة للانتخابات , والذي على أثره تساءل صديقي بأن حركة فتح تأكل أولادها , فقد اعتقد الكثيرون أن هذا التقاعد وبهذه الشروط المجحفة بحق الموظفين والتي ليس لها سند قانوني يدعمها سواء في قانون الخدمة المدنية أو القانون الأساسي أو مرسوم رئاسي القصد منها تسهيل تطبيق المصالحة على الأرض خصوصا وأن عملية دمج حكومتين في حكومة واحدة تتطلب إحداث نوع من التوافق للكادر الوظيفي يرضي الطرفين وهذا ما يشاع وما يردده الغالبية من الموظفين ، وأيا كان الهدف من طرح هذا الموضوع وأيا كانت مصداقيته فقد كان له انعكاسا سلبيا على الجمهور الفلسطيني خصوصا وأن حالة الغلاء قد بلغت ذروتها أمام جنون الأسعار الذي أصبح فيه ساندويتش الفلافل الشعبي يتراوح مبين 4 إلى 6 شيكل ، وساندويتش الشاورما يتراوح ما بين 12 إلى 14 شيكل في رام الله ، في حين يعاني قطاع غزة من ارتفاع نسبة البطالة خصوصا بين الخريجين هذا ناهيك عن ارتفاع الأسعار والصرف على موتورات الكهرباء والمحروقات وغيرها الناتج عن انقطاع التيار الكهربائي . أمام تلك الملاحظات القليلة التي سقتها وهناك الكثير غيرها أجد أن علينا تقويم مسارنا تحضيرا للانتخابات القادمة , وأن لا نركن لتصريحات مطمئنة هنا وهناك في حين أن واقع الأمر غير ذلك وان كانت حركة فتح على الدوام عصية على الانقسام فليس أدل على ذلك من أن تتماسك في أصعب وأدق اللحظات التي تتطلب وحدتها ولملمة أبنائها حولها لا تفريقهم وإبعادهم خصوصا وأنني أرى الكثير من المتسابقين في الحركة أصبحوا يسمون أنفسهم مستقلين ( مع احترامي الشديد للمستقلين الحقيقيين ) وكأنهم يرسمون غدهم باستقلالهم بعد أن أعطتهم الحركة الكثير , فإذا لم تأكل الحركة أولادها دعونا نحن ألا نأكلها , أو نطعمها لمتسلق جبان .
|