ألهيئة الدينية الإسلامية في النمسا في مهب الريحأحمد دغلس
الأديان والمعتقدات لها خصوصية أيمانية مزروعة مع نشأة الفطرة الإنسانية في التحبب والتقرب الإلهي، وللأيمان الديني، والدعوى به والتأثير على مدى العقود والقرون الماضية التي شهدت الحروب الأكثر دموية كانت ولا تزال دوافعها دينية. لكن الدين فيه جزء لا يتجزأ من الإنسان، مَظاهره تتآلف في بيوت العبادة في المساجد والكنائس وغيرها من عمل الإنسان والهيئات والمنظمات الدينية على اختلاف أنواعها المُنظمة وغير المنظمة، فالمُنظمة في الدين المسيحي بهرمية المسئولية والاستحقاق الرسمي بعكس الإسلام الذي ليس به الهرمية الدينية، وإن كانت لا تتعدى سوى مفتي الديار المعين من الحاكم أو السلطة دون ألانتخاب والاقتراع والترشيح كما في الدين المسيحي . هذه المقدمة هي لبعض التعبير والشرح بما يخص ما يسمى بالهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا إذ هي في ( مهب الريح ) فعلاً لكونها في الحقيقة غير رسمية وبنيت على تعليمات غير قانونية تعاني منها الآن المؤسسات الرسمية في النمسا والأحزاب السياسية، ولا سيما دائرة الأديان في وزارة التربية والتعليم نتيجة الخلافات والتجاوزات التي بادرت بها الهيئة الدينية الرسمية في النمسا، والمنظمات الدينية قي أوروبا بتنشيطها لما يخالف المجتمع في الآونة الأخيرة مما زاد في صعود اليمين المتطرف الذي به خطرا محدقا على التعايش السلمي والأمن الاجتماعي في أوروبا . بهذا بدء البحث والتنقيب عن كيفية التأسيس وعن الدور المناط لهذه المؤسسات ومنها الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا، والذي كشف عن الكم الهائل من عدم التوافق القانوني ومن عدم شرعية الهيئة الدينية الرسمية في النمسان ولا سيما أن الحكومة النمساوية أنفقت ما يعادل ( 90 ) مليون يورو على هذه الهيئة طوال الثلاثين عاما الماضية، ورغم ذلك يدعي القائمون عليها بأنهم يقومون بعمل طوعي بلا مقابل هذا زوراً وبهتان مع الأسف الشديد فالجميع يعمل برواتب عالية . الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا أقيمت بخطأ قانوني، استكمالا لجمعية الخدمات الإسلامية ألاجتماعية النمساوية في فيينا مجازياً، التي كانت أول جمعية إسلامية، بناء على أساس استمرارية لما جاء في قانون الإسلام النمساوي لعام 1912 فيما يخص البوسنيين الحنفيين ( فقط ) في الجيش النمساوي وإمبراطورية النمسا الهاسبورغية ودغدغة لحليفهم التركي العثماني المسلم قبل الحرب العالمية الأولى في إطار حشد القوى ضد الحلفاء بريطانيا وفرنسا وحلفائهم الآخرين والذي كان بين صفوف جيوشهم، جنود مسلمين من الشمال الإفريقي المسلم وبعض مستعمراتهم الإسلامية . جمعية الخدمات ألإسلامية ألاجتماعية في فيينا لم يكن لهم وفق التأسيس أي هيئة أو ما يعادلها وإنما حسب قانون ألإسلام أنشأ لهم مسجد كان رواده مؤخرا معظمهم عربا، هذه الجمعية بالأكثرية المطلقة عربية بعد أن أستحوذ عليها جماعة ألإخوان المسلمين في النمسا هي البداية للتأسيس الخاطئ للهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا، التي لم تُنشأ للبوسنيين المسلمين الحنفيين وفق قانون الإسلام لعام 1912 . ليس هذا فقط بل أن الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا وريثة أو ألامتداد لجمعية الخدمات الإسلامية الاجتماعية برغبة من المسلمين، شُكِلَت بل أقيمت ( بتعليمات ) خاطئة وليس وفق قانون رسمي نمساوي ( موقع ) ومؤرخ ومعلن في الصحيفة الرسمية من قبل محكمة الدستور النمساوية بل بتعليمات غير ملزمة من قبل الوزارة، تعليمات ليس لها أي ( قيمة ) قانونية بل أهداف تنظيمية خاطئة معتقدين أن الدين الإسلامي فيه هرمية كالكاثوليكية. بالإضافة إلى الخطأ ألأفدح قانونيا الذي لا يمكن الدفاع عنهن وهو قبل أن تؤسس الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا كان يجب أولا أن ( تؤسس ) هيئة دينية إسلامية في مقاطعة فيينا مركز الكثافة المطلقة بالأكثرية الإسلامية في النمسا، ومن بعد نشأتها ذلك وفق القانون الموقع والمؤرخ والمعلن والمذيل بالتعليمات القانونية والمعلن في الصحيفة الرسمية ( يمكن ) أن تنشأ بناء على قانون التأسيس الرسمي للهيئة الدينية الإسلامية في فيينا أولاً، وليس العكس امتداد للهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في أنحاء ( النمسا ) التي لا وجود لها، وهذه الحالة لا تتوافق قطعا وقانون الأديان النمساوي لأنه لا يوجد أساس للهيئة الدينية الإسلامية في النمسا عملياً بل استحدثت نظرياُ بلا مشروعية قانونية. لأعود إلى العنوان ومهب الريح، حقاً أن الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا تلاقي صعوبات جمة لعدم شرعيتها والتجاوزات السياسية التي لازمتها إزاء مواقفها وانحيازها للمنظمات ألإسلامية السياسية بكافة أطيافها، وأيضا عدم توفر الشفافية ونشرها طوعا حجم الداخل عليها من التبرعات والهبات وأيضا من خزينة الدولة كدعم للمعلمين وحضانات الأطفال والمؤتمرات حتى يتسنى للغير المدافعة عنها وحتى لا يحشروا في زاوية التعتيم والاتهامات والتمويل الغير شرعي لأي كان ...وإن كان القانون النمساوي يحميهم كهيئة كمؤسسة ؟؟ لا يستطيع إجبارهم لكن من شيمة الإسلام والمسلمين الشفافية المطلقة والصدق والأمانة التي تجبرهم على الإعلان عن كل سنت دخل الخزينة لأنها في النهاية أموال المسلمين ومال بيت الله وليست ملكا أو حكرا لرئيس الهيئة وما حوله من مجلس الشورى وغيرها من المجالس الهلامية ، مأزقهم ككرة الثلج تتدحرج بسرعة وتنذر بالمسائلة، التي ربما تكون صيد ثمين للمدعي العام النمساوي ولمن يرأس الهيئة لاحقا ... إن حُلت وألغيت وهو ( المرجح ) لعدم قانونية تأسيسها واستمرارها بتعليمات غير ملزمة قانونيا، هذه الإشكالية ستواجه الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا في ظل رغبة للتغيير من قبل الجميع في النمسا مسئولين وسياسيين وصناع القرار، ولغاية الحسم ستبقى هذه الهيئة كورقة في مهب الريح لا يمكن التكهن الآن بنتائجها وتدعيانها الخطيرة .
أحمد دغلس