لماذا لا يأتي الرد من غزة
هي العبارة نفسها التي كررتها وتكررها حماس في كل موقف عندما تريد الخروج من عباءة الاصطفاف خلف محاورها وما اكثرها هذه الايام فمن المحور التركي الى المحور الايراني والتناغم مع اسرائيل، فقد ظلت حماس تطالب “تشكيلاتها” في الضفة الغربية بالتحرك والرد على جرائم الاحتلال. فقد طالب الناطق باسم حركة حماس حسام بدران فصائل المقاومة بتشكيلاتها في الضفة الغربية كافة، بالرد على جريمتي الاحتلال بإعدام المواطنين تيسير حبش وسارة طرايرة.
وقالت حركة حماس إن المقاومة الفلسطينية تتعرض لحالة من الخذلان والحصار والتنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي مع أن الواجب دعمها بالمال والسلاح ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.
حماس باتت مكشوفة امام التاريخ والجغرافيا السياسية والطبيعية منها في مواقفها السياسية وهو انه وبعد كل هزة سياسية تتعرض لها تبدأ في البحث عن التعويض وهذا ما كان بعد خذلانها من قبل الاتراك اذا انها تبحث عن رافعة جديدة ولا يوجد في جعبتها سوى رافعة المقاومة هذا الرصيد المجمد والمؤجل الذي تستخدمه حماس حسب الحاجة وحسب تبدل وتغير الظروف السياسية، لكن الرصيد الباقي من مقاومة حماس بات لا يفي بالغرض مع الواقع الجديد الذي فرضه الاتفاق التركي الاسرائيلي الذي زاد من حصار حماس وفقدت اخر ورقة لها والتي كانت تجاهر بها ليلا ونهارا وبقيت هناك تحالفات شكلية في الدوحة وأخرى تبحث عنها في طهران.
لماذا لا يأتي رد حماس على جرائم اسرائيل من غزة التي تسيطر حماس عليها وهي اقرب للواقع السياسي والجغرافي ام ان هناك اجندة مقاومة جديدة في الضفة الغربية تختلف عنها في القطاع ام انها ضريبة الاتفاق التركي الاسرائيلي الجديد.
لا يعتقد أي من المحللين والمراقبين ان اهداف حماس الحقيقية تتعلق بإحياء مشروع المقاومة بل الاعتقاد السائد بان حماس تحاول اختلاق هذه الاحداث لإثارة عواطف شعبنا واللعب مجددا على وتر العاطفة في محاولة منها لقطف ثمار سياسية بعد انهيار منظومتها وانكشاف اوراقها وسقوط رهاناتها جميعها بعد ما ابتعد عنها ابرز حلفاءها.
فإذا كانت حماس بعد هذا السقوط المدوي تبحث عن وسيلة لتحقيق نصر وهمي من خلال استثارة نوازع المقاومة في الضفة فانها تكون قد ضاعت في حساباتها وما هكذا تورد الابل ومن المفترض ان يكون السؤال من ينتصر لشعبنا الفلسطيني في غزة بعد سقوط ورقة التوت عن عورة حماس التي فرطت بكل تاريخ شعبنا وبما مارسته من قتل وتعذيب وحرمان ضد شعبنا الفلسطيني.
مطالبة حماس بان يكون الرد من الضفة يعني رمي الكرة بملعب السلطة الفلسطينية وتحميلها مسئولية ذلك في احراجها امام المجتمع الدولي كما انها تحاول استغلال الاحداث في الضفة الغربية من اجل شحن الاجواء السياسية حيث ان حماس لم تكن تنطلق في يوم من الايام من استراتيجية وطنية بل انها وطوال سنوات عمرها كانت تلعب على التناقضات ، وفي غمرة الاحداث الاخيرة التي ارتسم بها اتفاق تركيا مع اسرائيل كانت حماس حاضرة بأدق التفاصيل ونفاذ الشروط الاسرائيلية في هذا الاتفاق وتخلي تركيا عنها فان حماس تحاول التعويض، فهي لا تريد احراج حليفها السابق “تركيا” التي ركلتها بعيدا عن دائرة التأثير السياسي الاقليمي وحتى المحلي
واذا كانت حماس تريد ان تنتصر للشهداء ودماءهم فالأولى ان يأتي الرد من حيث تكون لها القوة والقرار… من داخل القطاع لكن ذلك وفي حسابات حماس سيزيد من تعميق ازماتها ويبقيها داخل مربع الرقص على انغام الدم الفلسطيني
كان من المفترض وبدلا من دعوات حماس المشبوهة هذه ان ترفع شعار العودة الى الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة لكنها وفي كل مناسبة فإنها ترفع شعار استمرار الانقسام وعدم تحقيق المصالحة.