جباليا
الآمنة تضرب بقنابل النابالم الحارقة!؟
بقلم : منيب حمودة
؟؟
...اليوم 9 -- 6 -- 1967 /م صباح حزيرانى ... بلون الدم ورائحة اللحم
البشرى ...؟! صباح حزيرانى بصوت الصاروخ والهاون ... صباح حزيرانى ...
غراب طائرة المستير
جباليا
الآمنة تضرب بقنابل النابالم الحارقة!؟
بقلم : منيب حمودة
؟؟
...اليوم 9 -- 6 -- 1967 /م صباح حزيرانى ... بلون الدم ورائحة اللحم
البشرى ...؟! صباح حزيرانى بصوت الصاروخ والهاون ... صباح حزيرانى ...
غراب طائرة المستير ( هكذا سمعتهم ) يرفس سماء قريتنا ... بدأ
نهار اليوم والدى _ رحمه الله - كعادته ... جولة مع البى بى سى ومن ثم
صوت اسرائيل ... وقليلا بعد الخامس من الشهر السادس صوت العرب ؟! (
عليكم برفع الرايات البيضاء على منازلكم ؟! ) غريب هذا المذياع والمذيع
... وهل فى جباليا منازل ؟! وهل هذه الصفائح وبيوت الطين والزينكو __
منازل _ ربما قصد شئ اخر .. وهل هذه العرائش بيوت وقصور لنرفع اعلام
بيضاء على ماذا ؟ لملمنا بعض متاعنا , كان علينا ان نغادر المنزل ,
فالموقع العسكرى المقابل قد يعرضنا للخطر ,, اسمحوا لى ان انسج
مصطلح اخر وجديد ( يعرض خطرنا للحياة بمعنى خطرنا فى حياة )
الساعة الان العاشرة صباحا ,,, هه عدة انفجارات تخلع الفؤاد , خمسون
مترا فقط ... بين الحياة والحياة , دفعة أولى من فاتورة الشهداء ...
عبدالله عسلية وتوأمه عدنان ابو حميدان ... جمعنى بهم الفصل والمقعد
والحارة , مضوا وقضوا رحمنا الله برحمتهم .. بالامس شربت الشاى وتناولت (
ككسة مصنع جودة ) فى بيت عبدالله عسلية ,,, هكذا مضى ( هى الشذايا ) (
أم بنى صهيون ؟؟!! ) احتملنا حمولتنا وسرنا خطوتين فقط ... رشقة
ثانية ... فزعنا , ركضنا , صرخنا , بكينا , تعثرنا , افترقنا يا الله
افترقنا ؟ هو الشتات أم الضياع ؟؟؟؟ يا رب الضعفاء جباليا الامنة
الوادعة .... اليك يا الله فزعنا اليك يا الله التجأنا , اليك يا الله هرولنا ,,,
وحدك بابك مفتوح ومشرع ( بيت الله ) ( المسجد العمرى فى قريتنا )
وقعنا على حصيره , افترشناها وتلحفناه ! نعم تلحفنا بالحصير ! وقالت
عمتى ام عادل رحمها الله ( تغطوا بالحصر ) وهل عيدان الحصير تحمى
لحمنا الغض من شذايا الهاون ؟! دخان الحرائق يتسلل ورائحة
البارود تنبعث وتلف المكان , نساء , صبايا , شيوخ , شباب , صبية , بعض
تقطعت بهم السبل احتموا ببيت الله .. صلية من الرصاص , وظروف
فارغة تتناثر فى المسجد , اربع ساعات هذا زمن ميكانيكى ( 240 دقيقة
) تمضى كأنها قرن ؟! قالت احداهن : ( اليهود بيقصفوا المأذنة ) المسافة
بين منزلنا والمسجد العمرى ( 40 مترا )
الموت يحوم فى المكان , يبحث عن فريسته , صوت التكبير المخنوق والتسبيح
والاستغفار وبحة من الخوف , ترفع منسوب الرهبة والخوف والقلق فى خلجاتنا
... نحن معشر الصبية فى ذيك الزمن , لو علمنا ما تعلمون معشر الكبار ؟!
لفرحنا كثيرا و لارتعبنا قليلا ... غدا فقط غدا لن نرى الذيل الذى فى
مؤخرتهم ؟!! وستبوح لنا الايام , بما اخفاه النظام والمذياع , فى اليوم
العاشر لحزيران ... يصرخ احمد سعيد فى صوت العرب ( جباليا الآمنة تضرب
بقنابل النابالم الحارقة )
وما درى صوت العرب ان شهر اكتوبر من عام حزيران ؟؟ سيكون لجباليا
موعد فى التغجير الاول للغم الاول للقتيل الاول برتبة ميجر فى نصف
مجنزرته فى قرية جباليا .... حيث زرع اللغم المضاد للدبابات احد جنود
جبش التحرير ( الشقيرى ) البطل جمعة ابو الحسنى ابن قريتنا , وتم نسف
منزله , وتحرر من السجن فى صفقة التبادل مع القيادة العامة ..........
آه يا بلد التين والتوت والبلمى آه يا بلدة الليمون والبرتقال آه يا
بلدة الصبر و الصبر والصبر والجميز , مضى من مضى وارتحل من ارتحل
وارتقى من ارتقى ,,, وبقيت وبقى ما تبقى من الاهل والمتاع , وما
ارتعدت مأذنة العمرى وما انحنت قبابه حتى يومنا هذا ... هذه
صورة من الذاكرة استعدتها مع ذكرى حزيران النكسة,, لا لنكث الجراح ,
حاشا لله _ بل احتراما لمن اعادوا لنا بعضا من كرامتنا فى الاول
من يناير 1965 م ومن ثم فى الواحد والعشرين من مارس اذار سنة 1968 م
|