القمة العربية هل التحديات اكبر من قضية فلسطين
دكتور وجيه أبو ظريفة
يلتقي
الزعماء العرب في قمة عربية جديدة في مدينة شرم الشيخ المصرية في ظروف
غاية في التعقيد تتشابه الي حد كبير مع ظروف عقد القمة العربية الطارئة في
العام ١٩٩٠ التي جائت بعد غزو
القمة العربية هل التحديات اكبر من قضية فلسطين
دكتور وجيه أبو ظريفة
يلتقي الزعماء العرب في قمة عربية جديدة في مدينة شرم الشيخ المصرية في ظروف غاية في التعقيد تتشابه الي حد كبير مع ظروف عقد القمة العربية الطارئة في العام ١٩٩٠ التي جائت بعد غزو العراق للكويت
تنعقد القمة وعلى اجندتها مجموعة من التحديات المتعاظمة
التحدي الاول هو انطلاق طائرات التحالف العربي العشاري لشن غاراته الجوية لتخليص اليمن من قبضة الحوثيين بعد اندفاعهم الغير عقلاني من حدود المشاركة في حكم اليمن الي السيطرة عليه واقصاء الجميع من قوى وفعاليات وعشائر الى حد التهديد بالتمدد الي خارج اليمن بعد سقوط عدن واستكمال سيطرتهم علي منطقة استراتيجية علي حدود السعودية وعمان وعلي بوابة مضيق باب المندب الاستراتيجي والذي قد يؤدي اغلاقه او حتي سيطرة مجموعات الحوثيين عليه الى تدخل الناتو لحماية طريق الملاحة الدولية من الخليج وآسيا الي أوروبا وأمريكا وهو تخطي للخط الاحمر التي من الممكن ان تقبله دول العالم في نظرتها للصراعات الداخلية في اليمن وغيرها
التحدي الثاني هو استمرار لفوضى الصراع بين الأطراف جميعها في ليبيا التي تحولت الي ساحة للمصارعة بالاسلحة بين أطراف لا تملك اي قدرة علي الحسم او الحل اضافة انها لا ترغب في ذلك اصلا ومنذ ان توغلت داعش في ليبيا بدأت في اخراج الصراع الداخلي الي عابر للحدود سواء باتجاه مصر او السودان وتونس والجزائر والمغرب لن يكون بعيدا عنها او حتى باتجاه مالي ونيجيريا عبر التنسيق مع بوكو حرام
التحدى الثالث علي اجندة القمة العربية هو الوضع في سوريا والذي استقر علي حالة اللا منتصر واللا مهزوم في الصراع بين المعارضة والنظام وبين أطراف المعارضة نفسها وقبول الجميع باستمرار الحرب الأهلية التي من المستحيل حسمها الان بل المشكلة في دفعها الي خارج الحدود خاصة تجاه لبنان وربما حتى الاْردن في وقت لاحق
التحدي الرابع ازدياد سيطرة الشيعة وميليشيات الحشد الشعبي المناصرة للجيش العراقي في مواجهة داعش والتدخل الإيراني المباشر في العراق تحت ذريعة محاربة الاٍرهاب مما يشكل كماشة تحيط بدول الخليج وتهدد بشكل مباشر السعودية والأردن وصولا الي مصر عبر تمدد داعش اليها في سيناء والعمليات الموجعة التي توجهها التنظيمات الإرهابية للجيش وقوات الأمن المصرية في سيناء
تأتي هذه التحديات الطارئة التي طغت على تفكير وفعل الدول العربية قادتها وشعوبها لتفرض واقعا جديدا علي اجندة القمة العربية واجندة العمل السياسي والإعلام العربي والتحدي الكبير الذي غاب عن الاجندة العربية وهو الموضوع الفلسطيني والذي قد يغيب عن البحث في اجندة القمة العربية باستثناء الاستماع لخطاب الرئيس ابو مازن وتأكيد القمة علي دعمها للشعب الفلسطيني وحقوقه ولكن دون الدخول الي تفاصيل الحاجات الفلسطينية سواء الدعم السياسي في ملف الذهاب الي مجلس الأمن الدولي ومؤسسات الامم المتحدة وكيفية الاستفادة من الدعم العربي لضمان نجاح الفلسطينيين هذه المرة اضافة لملف مواجهة سياسات اسرائيل العدوانية من استيطان وتهويد للقدس وتفتيت الاراضي الفلسطينية وحصار غزة وعزلها واحتجاز الأموال الفلسطينية خاصة بعد الانتخابات الاسرائيلية وفوز اليمين المتطرف وتكليف نتنياهو لتشكيل حكومة يمينية عدوانية
ان قضية العرب الأولي قضية تحرير فلسطين تتراجع الي هوامش الاجندات العربية في القمة وغيرها ليس فقط بسبب تعدد اهتمامات العرب ولكن ايضا لأسباب ذاتية فلسطينية أهمها استمرار الانقسام وتراجع إمكانات المصالحة اضافة الي تراجع المقاومة والصدام مه الاحتلال مما يعفي العرب والعالم من مسئولية البحث عن مخارج
فلسطين بحاجة للعرب وللعالم ولكن بحاجة لنفسها اولا عبر وضع رؤية واضحة لمعالجة المشاكل الداخلية واستراتيجية متفق عليها للمقاومة وللمفاوضات والتغلب علي المصالح الحزبية والشخصية كمقدمة لإعادة الملف الفلسطيني الي المكانة التي يستحقها في كل مكان
أستاذ العلوم السياسية