المسرحية الاسرائيلية باختطاف جنودها الثلاثة
المسرحية الاسرائيلية باختطاف جنودها الثلاثة
كتب محمد عبدالله
في ظل تعثر المفاوضات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل ووصولها لطريق مسدود بسبب استمرار اسرائيل ببناء المستوطنات ورفضها لاطلاق الدفعة الرابعة من الاسرى وعدم وجود جدول زمني لنهاية هذه المفاوضات لعدم رغبتها في انهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل ، و مع انجاز ملف المصالحة الوطنية بين فتح وحماس مع ترحيب عربي واقليمي ودولي لها ، الامر الذي شكل صفعة قوية على وجه اسرائيل التي باتت تهدد وتتوعد السلطة ، واعلنت في حينه خلال اجتماع مجلسها السياسي المصغر عن جزء من العقوبات ، واسدل الستار على ما تبقى منها ، وهو ما طرح مزيدا من التساؤلات عن باقي العقوبات و كيف ستتعامل اسرائيل مع الواقع الجديد للقيادة الفلسطينية في ظل المصالحة مع حركة حماس وكيف ستجد الذرائع والمبررات لتنفيذ تهديدها ووعيدها دون السماح للغير بالتدخل لمنعها
وبدأت فصول تنفيذ الجزء غير المعلن من عقوباتها للسلطة الفلسطينية عمليا على الارض بمسرحية اختفاء جنودها الثلاثة واعادة احتلال الضفة تدريجيا وتقويض السلطة الوطنية فيها وفرض واقع عسكري وامني جديد بحيث يصبح مجالا تفاوضيا في المستقبل ، واعتقال اعضاء التشريعي ، وتنفيذ عمليات اعتقال واسعة في صفوف حماس مما سيشكل حجر عثرة امام تنفيذ اجراء الانتخابات في الضفة وبذلك اعاقة تنفيذ اول هدف من اهداف حكومة الوفاق ، والعمل على اجبار السلطة الفلسطينية للعودة للمفاوضات بدون شروط ، والالتفاف على اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى ، والإعلان عن مشاريع بناء لالاف الوحدات الاستيطانية في رسالة قاطعة بأن الحكومة الاسرائيلية ماضية في سياساتها التوسعية الساعية لحسم المفاوضات بقوة الأمر الواقع
ولفهم وتفسير الحاضر لابد من دراسه وتحليل ما حدث في الماضي ، فنتنياهو شخص امتهن الكذب والتظليل على مدى سنوات حكمه ، حتى أنه وصف من قبل العديد من السياسيين بالكذاب وقد قام قبل 3 سنوات بافتعال عملية فدائية في النقب تبين أنها لم تحدث لانهاء الاحتجاجات الاجتماعية التي ثارت ضده
و الان جاء خبر خطف الجنود الإسرائيليين الثلاثة ، الخبر الذي يحتاجه نتنياهو لأهداف سياسية إسرائيلية بحته لتحقيق اهدافه غير المعلنة سابقا ، وتجنبا لتفكك تحالف حكومته نتيجة الضغوط الأمريكية عليه ، والسعي لإفشال المصالحة الفلسطينية بتأليب السلطة على حركة حماس ، و لزيادة ضغطه على الرئيس أبومازن كي يوقف تنفيذ باقي خطوات المصالحة مع حماس بإظهار حماس كحركة تُخرب على السلطة وتحرض عليها من جانب وانها تسيء للسلطة وتوجهاتها وانها غير جديرة بالثقة ، ومن جهة اخرى الضغط على المجتمع الدولي ،الولايات المتحدة واوروبا تحديداً لمنعها من تقديم الدعم لحكومة الوفاق والتراجع عن تصريحاتها السابقة
وهنا ستقوم الولايات المتحدة واوروبا بجعل قضية الجنود الثلاثة في الواجهة، وستقوم بالضغط لاعادة السلطة الفلسطينية الى طاوالة المفاوضات دون تنفيذ شروطها ، وستتعرض السلطة الى حملة ضغط دولية غير مسبوقة بهدف العمل على تجريد الفصائل الفلسطينية في غزة وخاصة حماس من سلاحها كشرط لاستمرار الدعم الغربي للسلطة
حقا لقد حقق اختفاء الجنود الثلاثة كل القضايا الساخنة إلى هامش الأحداث ، وفرض قواعد جديدة للعلاقة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل ، فإسرائيل تسعى هذه المرة لاستغلال الحدث تفاوضيا، وتغيير قواعد اللعبة برمتها ووضع حكومة التوافق الفلسطينية تحت الضغط المباشر والتهديد الموتور لحكومة نتنياهو وتحميلها مسؤولية اي حدث صادر من غزة او الضفة بل وتحميل الرئيس عباس شخصيا المسؤولىة
بل وفرضت اسرائيل واقع جديد ، فانتشار أكثر من 2000 جندي إسرائيلي في جنوب الضفة الغربية ليس كعقاب على تشكيل حكومة التوافق فحسب بل فرض أمر واقع جديد على الأرض يتحول إلى نقطة التفاوض الجديدة في حال استئناف المفاوضات.
و الاخطر من ذلك التحريض بشكل غير مباشر ضد السلطة واظهارها وكأنما فقدت مبرر وجودها بحماية مواطنيها ومشروعها الوطني ، وذلك بالاشارة اليها وكأنها متهمة بالعمالة بمجرد زعم وسائل اعلام اسرائيلية نقلا عن مسؤوليين امنيين اسرائيليين بوجود تنسيق امني لتحرير الجنود المختطفين ، وذلك للايحاء بان السلطة الفلسطينية تستخدم ما لديها من قوة لحماية الإسرائيليين، ولكنها لا تستطيع أبدا ان تستخدم هذه القوة لحماية مواطنيها من بطش الاحتلال و بذا تظهر كما لو أنها جسم عميل لا فائدة منه
وبذلك تتضح باقي العقوبات الموجهة ضد السلطة الفلسطينية غير المعلن عنها من قرارات اجتماع المجلس الوزاري المصغر الاسرائيلي عقب توقيع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس وتشكيل حكومة الوفاق الوطنية