أخي تحسين محمود .. أصبحنا نخجل من أنفسنا
بقلـم
رمزي صادق شاهين
أخي تحسين محمود ، عذراً فإن حالنا يُبكي ، فكم هم رجال المهنة كانوا في السابق عظماء ، الكل يتسابق من أجل فلسطين ونقل معاناتها وصورة أهلها المُعذبين للعالم ، سقط منهم الشهيد ، ونزف الجريح ، وعاني الأسير ، وتألم كاتب الخبر والتقرير ، وأحياناً كان يُصاب بحالة من الكآبة كلما سمع خبر هنا أو هناك .
استطاع البعض وضع الفروقات بين الأشقاء والإخوة ، دخلت السوسة لتنخر في هذا الجسد الكبير ، فأصبح كالرجل العجوز يحمل عكازين ويسير ببط في الشارع دون نتيجة ، الوسط الصحفي هو العنوان الأبرز لمقالنا ، فأين هم هؤلاء ، الذين جلسوا سوياً في ميدان فلسطين يلتقطون صور المواجهات بين شبان غزة وجيش الإحتلال الإسرائيلي ، يأكلون معاً ويسهرون معاً ، لا فرق بين ابن رويتر والفرنسية ، بين ابن أسوشيتد برس وآخر .
كنا من أوائل المتابعين لإحتكار شركة الاتصالات الفلسطينية وجوال للخدمات السيئة في قطاع غزة ، ومعاناة المواطن الغزي من خدمات هذه الشركات التي تتضاءل يوماً بعد يوم ، برغم ملايين الدولارات التي تُجبى من جيوب المواطن ، لينعم فيها راكبي السيارات الفخمة ، ولابسو البدل الفخمة ، وأصحاب الكلمات المنمقة والشعارات الرنانة .
ما وصلنا له اليوم هو من أيدينا ، فبرغم التفاف عدد من الصحفيين حول قضايا المواطن ومحاولة الضغط على مصدر القرار لحل هذه المشكلات ، إلا أن حالة الالتفاف ليست بالصورة التي نتمناها ، فحين يُناضل البعض من أجل حقوق الناس ، نجد البعض إما يتساوق مع هذه الشركات لأجل مصالح شخصية ، أو يقف البعض موقف المُتفرج وكأن الأمر لا يعنيه .
حالنا اليوم أوصلنا إلى أن نقف أمام بعضنا ، لنقهر المهنة ، ونُغلب مصلحة الحزب أو الفئة على مصلحة الأمانة التي تشكلها الصحافة والإعلام ، خاصة أن الصحافة والإعلام في فلسطين تختلف عن باقي مناطق العالم ، فهي اختلطت بدماء الشهداء ومعاناة الوطن والمواطن ، وكانت جزءاً من نضال طويل خاضه شعبنا لنيل الحرية والاستقلال .
وصلنا بحالنا اليوم لندخل إلى نقابة الصحفيين ، والتي إن اختلفنا أو اتفقنا معها فإنها العنوان الأبرز لهذا الصحفي الفلسطيني ، كلنا لنا ملاحظات على نقابة الصحفيين ، حتى القائمين عليها لديهم نفس الإحساس ، لكن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون النقابة جزءاً من صراعنا السياسي ، أو خلافنا الحزبي ، وهذا لا يعني أن النقابة ليس لديها أي قصور ، فكلنا لدينا قصور ، ولكن كلاً يسعي من أجل تحسين الصورة والأداء وهذا هو المنطق السليم الذي يجب أن يسود .
إننا أمام حالة ترهل ، أصبحت واضحة للجميع ، فكم كنا في السابق موحدين وملتفين حول قرار حماية المهنة وإنجازاتها ، وكم كنا مؤمنين بحق هذا المواطن في حياة حرة كريمة ، تشكل الصحافة جزءاً هاماً في تكريسها من خلال إيصال الصوت والصورة لكُل المعنيين عن خلل هنا أو هناك ، فأسمح لي أخي تحسين محمود أن أقول لك بأننا أصبحنا نخجل من أنفسنا ، على تقصيرنا بحق أنفسنا ، وحُبنا لذاتنا ، ونسيان الآخر بشكل بقصد أو بغير قصد .
صحفي وكاتب فلسطيني
rm_sh76@hotmail.com14 آذار 2011م