قضت حياتها بين القبور وعلى بوابات السجون
الحاجة ام رافت العيساوي
ابني مناضل يستحق الحرية لن اسامح احد اذا حدث له مكر وه
جنين –علي سمودي
خاص صوت الاسير
تمضي الحاجة ام رافت ساعات طويلة من يومها جالسة قبالة صور ابناءها الذي حرمها الاحتلال منهم وفي مقدمتهم سامر الذي يخوض معركة الامعاء الخاوية منذ 1-8-2012 ، فلم يبقى لها سوى صورهم التي تزين بها جدران منزلها في بلدة العيساوية الصامدة في قلب القدس ، ومنها تتغذى بروح الصبر والصمود في مواجهة ايام العذاب والالم التي اصبحت جزءا لا بتجزا من حياتها التي يغيب عنها الاحبة ثلاثة منهم في السجون ورابعهم في القبور بعدما ارتقى شهيدا برصاص الاحتلال ، الذي حكم كما تقول" على عائلتنا بالفرقة والشتات والمعاناة التي لم تتهي منذ سنوات بعيدة والواضح انها ستستمر ما دام هناك سجن وسجان واحتلال يفرض سياساته ويسلبنا ابسط حقوقنا في الحياة ككل البشر ".
من السجن للسجن
ووسط صمود وثبات تلك العائلة المقدسية ، وما يتمتع به الحاج طارق العيساوي والزوجة الصابرة فانها تشعر بحزن شديد ومضاعف كما تقول " جراء استمرار ماساة اعتقال نجلها سامر طارق العيساوي (33 عاما ) الذي يواصل اضرابه منذ اعادة اعتقاله بعدما قضى 11 عاما خلف القضبان في رحلة اعتقال متواصلة ، فطوال السنوات الماضية لم يسلم احد من ابنائها بما فيهم كريمتها المحامية شيرين من الاعتقال ، وحاليا يقبع مع سامر خلف القضبان مدحت ومؤخرا اعتقل شادي ، وتقول الحاجة الصابرة اي معنى للحياة دون ابنائي لم يعد لنا سوى صورهم لنتحدث اليها ونتذكر ونتامل ونصلي لله ليل نهار حتى يرفع عنا هذه الغمة ويفرج كربهم وكل الاسرى الذي نفخر بهم رغم حزننا والمنا لانهم يؤدون رسالتهم وهم مناضلين يستحقون ان نعمل جميعا ونصلي سويا لحريتهم وخلاصهم من سجون الظلم والموت البطيء ".
استشهاد فادي
وبينما يواصل الاحتلال تغييب ابنائها ورفض الافراج عن سامر رغم تدهور حالته الصحية التي تؤكد كافة التقارير انه دخل مرحلة الخطر الحقيقي ، فان الحاجة التي تجاوزت العقد السادس ام رافت تستذكر مدى المعاناة البالغة التي عايشتها اسرتها منذ عام 1986 جراء الاعتقالات المتكررة لابناءها ، وتقول " في كل محطات العمر تجرعنا عذابات السجون التي لم يسلم احد من ابنائي منها ، لانهم امنوا بطريق النضال والوطن ، ولكن الصدمة القاسية التي لم انساها كانت في تاريخ 26-2-1994 عندما قتلت قوات الاحتلال ابني فادي في العيسوية خلال مشاركته في المواجهات" ،وتضيف " ففقدنا الفرح حتى بالاعياد فقد اصبحت استقبلها بين القبور وعلى بوابات السجون التي امضى فيها ابنائي بمجموعات سنوات اعتقالهم اكثر مما امضوه في حريتهم ومنزلهم وبين عائلتنا التي تتمنى ان يجتمع شملنا على مائدة واحدة ، فلا زال الاحتلال يفرق شملنا ويحرمنا تلك اللحظة الجميلة ". سامر وطريق الحرية
وعلى طريقتها الخاصة اختارت وزوجها استذكار اسيرها سامر،دون مهرجانات او خطابات ، وبين يدي الله وعلى سجادة الايمان والصلاة جلسا يرددان الدعوات في منزلهم التي تسكن كل جنباته روح الحب والوفاء للوطن ، وتقول " في كل لحظة نتذكر سامر تحديدا لانه عاش اكثر المواقف صعوبه خلال ملاحقته واعتقاله وفي حكمه لكن في اعتقاله الحالي بعد الصفقة يتجدد الحزن بقلق ورعب على حياته "،وتضيف " سامر هو الابن الخامس في عائلتي المكونة من 8 انفار ، خلال دراسته واشقاءه امتلك الوطن مساحات كبيرة من روحه وحياته ، فلم يتردد عن القيام بواجباته الوطنية " . درس سامر حتى الصف الاول الثانوي ولم يكمل دراسته لان الاحتلال اعتقل اشقاءه رافت ومدحت وفراس في تلك الايام وقرر ان يتحمل المسؤوليات عن العائلة كون والده عاني من المرض في الرئتين وتم اجراء له عملية جراحية وعملية قلب مفتوح .
الاعتقال الاول
لم يكتمل حلم سامر في التعليم ، ولكنه لم يتخلى عن مواصلة طريقه رغم معاناة اشقاءه في الاسر ، ويقول والده " كان شعلة نشاط وعطاء متحمس لوطنه ويشارك في الاعتصامات والمهرجانات والمواجهات مما عرضه للاعتقال وهو في عمر 17 عاما وتعرض للتحقيق في سجن المسكوبية بتهمة مقاومة الاحتلال ومكث في السجن لمدة عامين .
المطاردة والاعتقال
لم تنال ايام السجن ورحلة العذاب من معنويات سامر ، وبعد اشهر قليلة من الافراج عنه بدات قوات الاحتلال بمطاردته ، وتقول والدته " بحمد الله انتصر ابنائي جميعا وفي مقدمتهم سامر على تاثيرات السجون ولم تنال من حبهم لوطنهم ، وقبل ان تكتمل فرحتنا بتحريره اقتحمت قوات الاحتلال منزلنا ، كان الحاج طارق مريض جدا ومع ذلك صلبونا وفتشوا المنزل وزعمت العثور على اسلحة ، وطلبوا سامر وعندما لم يجدوه اعتقلوا ابني شادي (15 عاما) علما انه كان معتقل سابق ، وهكذا ادرج اسم سامر على قائمة المطلوبين في وقت كانت تندلع فيه الانتفاضة الثانية التي التحق ابني بصفوفها" . توالت الضغوط والمداهمات وحملة ملاحقة سامر الذي رفض تسليم نفسه ولجأ لمدينة رام الله ليواصل واجبه الوطني مع ابناء الانتفاضة ، وتقول الحاجة الصابرة " لم اطلب مرة واحدة من ابني تسليم نفسه رغم قلقي وخوفي على حياته فهو مناضل حر ، ولكن الاحتلال استمر في استهدافه وبعد نجاته من عدة محاولات اغتيال وخلال حملة السور الواقي اعتقل في مخبأه في تاريخ 11/4/2002 ،وتضيف : خضع للتحقيق في سجن المسكوبية لمدة 75 يوما ثم حوكم بالسجن الفعلي لمدة 30 عاما .
عقوبات ومرض
ورغم انها عاشت سنوات طويلة على بوابات السجون خلال اعتقال الابناء ، فعقب اعتقال سامر اكملت دورتها لتشمل كل السجون ، وتقول " لم يبقى سجن لم يدخله ابني التي تعرض للعقوبات بسبب مواقفه الوطنيه فقد جرى عزله في شطة لمدة 6 اشهر حرمنا خلالها من زيارته ،وفي بئر السبع عزل في الزنازين الانفرادية لمدة 3 سنوات ، كل ذلك اثر على وضعه الصحي "، وتضيف " بدا يشتكي من قدميه والذي كانت بدايته من هذه الزنازين اللعينة والقضبان الشائكة فعانى من روماتزم في قدميه ولم يتم علاجه ".
اعتقال باقي الابناء
الوالدة التي نالت نصيبها من الامراض السكري والاعصاب وضعف البصر و التي لم تقعدها عن مواصلة حملات الدعم للاسرى ، كانت على موعد مع مفاجاة ماساوية قلبت حياتها راسا على عقب عندما انضم باقي ابناءها لسامر في سجنه ، وتقول " بشكل مفاجيء اعتقلت قوات الاحتلال ابنتي المحامية شيرين ا في 22-4-2010 عن حاجز عسكري وخلال استجوابها والتحقيق معها وعزلها في ظروف غير انسانية وكل تهمتها تادية واجباتها في تمثيل الاسرى وتامين احتياجاتهم وتحفبف معاناتهم" ،وتضيف " بعدما داهمت قوات الاحتلال منزلنا واعتقلت في المرة الاولى ابني مدحت في 10-5- 2010 ، وفي المرة الثانية في 16 -5 اعتقلت رافت لتستمر سياسات الاحتلال الذي وزعهم بين سجون ومعتقلاته حتى اصبحت اقضي ايام حياتي بين الزيارات والسجون والصليب الاحمر والاعتصامات والبكاء بينما يرفضون الافراج عنهم "، وتضيف " رغم التحقيق لم تتمكن المخابرات من ادانتهم باي تهمة واستمر اعتقالهم وتمديد توقيفهم حتى افرج عنهم بكفالة باهظة اعتقدوا اننا ستعجز عن دفعها وتطول غيبتهم "، وتكمل " رغم وضعنا دفعنا الكفالة وتحرر الثلاثة بعد عام من المعاناة واستمروا في عقد المحاكم لهم وفرض الاقامة الجبرية التي كانت سجن اخر لهم وبعد عام انتهت القضية بمنع شيرين من مزوالة المحاماة وفرض اجراءات مشددة على ابنائي ".
الحرية والفرح
في تلك الفترة ، تتذكر الوالدة ان سامر لم يستلم لواقع السجون ، وتمرد لينخرط في حياة الاسر مواصلا نضاله مع رفاقه الاسرى ومصصما على تادية واجباته النضالي وقدم الثانوية العامة وحصل عليها بنجاح وقدم طلبا للانتساب للجامعة العبرية لكن الاحتلال رفض طلبه باكمال دراسته . صمد سامر في سجنه ، حتى تحقق حلمه بالحرية في صفقة وفاء الاحرار ، وتقول والدته " كرمنا الله بحريته بعد الصبر والعذاب وفرحنا باجتماع الشمل وكسر القيود وعودة سامر لحياته ومنزله واحضاننا وبدانا نخطط ونفكر لتحقيق حلم حياتنا بزواجه "، وتضيف " استقبل استقبال الابطال في القدس ، وبدا سامر يستعيد حياته رغم الضغوط التي تعرض لها فرغم تحرره واصل الاحتلال تقييد حريته واستدعاءه لمركز الشرطة ومركز تحقيق المسكوبية لتنغيص فرحتنا والضغط علينا ولكن صبرنا وتحملنا لان سامر خرج من بطن الحوت "، وتكمل " الله منحه حياة جديدة ، فافرحنا واصبح حلمي وهدفي الوحيد الفرح بزفافه "
اغتصاب الحرية
تحمل سامر كل اشكال المضايقات ، واستمر في ترتيب امور حياته حتى اختطفته قوات الاحتلال في 6-7-2012 ، وتقول والدته " فجاة اصبح خلف القضبان وعادت لحظات الخوف والقلق لان الاحتلال بدا يهدد باستهداف المحررين واعتقالهم ، وصبرنا وبدا المحامي يتحرك مطالبا بالافراج عنه لانه تحرر بموجب الصفقة ولا يوجد مصوغ قانوني يجيز اعتقاله ".سارعت عائلة العيساوي والجهات المختصة بالتوجه للراعي المصري لصفقة وفاء الاحرار ، وتقول المحامية شيرين " وجهنا الرسائل والمناشدات وعندما لم نسمع جوابا اعتصمنا امام السفارة المصرية لان الوضع اصبح خطير وسط تهديدات الاحتلال باعادته للسجن لاكمال باقي محكوميته البالغة 30 عاما ".
معركة الحرية
بعد اغلاق ابواب الحرية امام سامر ، وفشل الجميع في اطلاق سراحه ، اعلن صبيجة 1-8-2012 اضرابه المفتوح عن الطعام تحت شعار " الوفاء لغزة " حفاظا على دماء الشهداء الذين حققوا صفقة وفاء الاحرار وحفاظا على مكانة مصر الراعية ولمنع اسرائيل من التلاعب في مصير وحياة المحررين واعادتهم للسجن ، وتقول والدته " اعلن ابني شعار الحرية او الشهادة ورفض الضغوط الاسرائيلية وتحداها بعدما زعم الاحتلال انه خلف بنود الصفقة وكانت الكارثة تقديمه لمحكمتين في "عوفر " و"الصلح في القدس "، واضافت " الهدف تضليل وخداع العالم لان المخابرات عجزت عن ادانة ابني باي تهمة ولاطالة امد اعتقاله وللضغط عليه للموافقة على الابعاد او العودة للسجن ".وقال الحاج طارق العيساوي " 7 شهور مضت وابني مصمم على اضرابه ، ورغم انهيار وضعه الصحي وتدهور حالته حتى اصبجت حياته في خطر ترفض اسرائيل الافراج عنه وتواصل مسلسل اعتقاله ومسرحية اكاذيبها المفبركة حتى يموت في السجن "، واضاف " في كل الجلسات التي عقدت ورغم عزله وضربه والتنكيل بنا والعقوبات التي فرضت عليه وعلينا اكد سامر انه لا تراجع عن معركته حتى لو استشهد ، واكد انه لن يوافق باي حل لفك اضرابه سوى العودة لمنزلنا في العيساوية ".واكمل الوالد " نحن ندعم ابننا بقوة ونساند مطالبه ، وما يتعرض له جريمة واضحة وادارة السجون تنفذ قرار اعدامه بسبب صموده وثباته ونضالاته لذلك نطالب العالم بالتحرك لمنع اعدام ابني ونطالب بالافراج الفوري عنه ".الحاجة ام رافت التي تعيش حياتها بين الصوم والاضراب التضامني والصلاة والدعاء لابنها ، لم تتوقف عن حضور جلسات محاكمته رغم تعرضها للضرب ، وفي اخر جلسة التي عقدت يوم الثلاثاء في محكمة الصلح انهارت واغمي عليها عندما رفضت المحكمة الافراج عنه كما حدث في محكمة عوفر التي قررت استمرار اعتقاله رغم قيام النيابة بتقديم تقرير لطبيب مصلحة السجون يعترف بخطورة وضع سامر ، وتقول والدته " في كلتا المحكمتين هناك مؤامرة مبرمجة لقتل ابني ببطء وعندما سمعت القرار اغمي علي ولم احتمل الصدمة فالى متى يبقى الاحتلال يعتقل ابني زورا وبهتانا ويحرمنا منه ويعرض حياته للخطر "، واضافت " بعدما تعبنا من الصرخات والنداءات ، وامام عجز الجميع وفشلهم في تحرير ابني لن نتوجه الا لله العليالقدير نحن متوكلين عليه وصابرين ولدينا يقين ان سامر سيعود ، واقول له " اصبر فلن يغلق سجن بابه على احد ، والنصر باذن الله حليف المؤمنين الصابرين ، املي كبير بعناق ابني حر ولن اسامح احد اذا حدث له أي مكروه ، وان استمرار عقابه وعذابه واعتقاله وصمة عار في جبين كل البشر وحقوق الانسان ". وختمت ام سامر وهي تستجمع قواها بعد تعافيها من الوعكة الاخيرة في محكمته " سامر مناضل من اجل الحرية ويستحق حياة الحرية وباذن الله هي قادمة وقريبة رغما عن انف الاحتلال ".