الانفاق ضرورة ام كارثة اقتصادية
أنفاق غزة...شركات بعيدة عن النضال..أرباحها تفوق 250 مليون دولار
غزة - الصباح - أجمع مختصون اقتصاديون وباحثون سياسيون، أن قيمة الاستيراد السنوي للبضائع عبر أنفاق غزة تزيد عن 650 مليون دولار، تحقق أرباحا تفوق 250 مليون دولار سنوياً، وتسهم بنحو 15%
الانفاق ضرورة ام كارثة اقتصادية
أنفاق غزة...شركات بعيدة عن النضال..أرباحها تفوق 250 مليون دولار
غزة - الصباح - أجمع مختصون اقتصاديون وباحثون سياسيون، أن قيمة الاستيراد السنوي للبضائع عبر أنفاق غزة تزيد عن 650 مليون دولار، تحقق أرباحا تفوق 250 مليون دولار سنوياً، وتسهم بنحو 15% من ميزانية حركة حماس.
وقالوا خلال ورشة عمل عقدت بجامعة بيرزيت في رام الله اليوم الثلاثاء، تحت عنوان 'اقتصاد الأنفاق في غزة، تبعية أم استقلال' أن 'اقتصاد الأنفاق استهلاكي بنسبة 100%'، أي أن الأنفاق لا تصدر أي سلعة ينتجها القطاع، كالورود والخضراوات والفواكه، 'لكنها تصدر فقط النقد لسداد فواتير الواردات'.
الأنفاق ضرورة أم كارثة اقتصادية
وقدم عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الأزهر الدكتور سمير أبو مدللة، عبر تقنية الفيديو كونفرنس ورقة بعنوان 'اقتصاد الأنفاق:ضرورة وطنية، أم كارثة اقتصادية واجتماعية'، استعرض خلالها أرقاماً وإحصاءات حول عددها الذي وصل إلى أكثر من 2000 نفق، تعود ملكيتها لمجموعة من الشركاء، بحيث يتم توزيع أرباح عائدات النفق بناء على عدد الأسهم لكل شريك، أي إنها تعمل وفق نظام متطور يعتمد على الأسهم.
وأضاف أن تجارة الأنفاق خفضت من نسبة البطالة في رفح من 50% إلى 20%، حيث يصل عدد العاملين فيها نحو 20 ألف عامل، وأصبحت رفح سوق حرة، ومدينة مزدهرة بسبب الانتعاش الاقتصادي الوهمي، لكن هذه التجارة تسببت في المقابل بمقتل نحو 210 أشخاص لقوا مصرعهم أثناء عملهم في هذه الأنفاق هذا إلى جانب نحو 400 جريح خلال السنوات الماضية، غالبيتهم من الشباب والأطفال.
ويضيف أبو مدللة أن بعض سكان غزة يصفون الموت في الأنفاق قائلين: 'مئات الأنفاق المنتشرة على الحدود، مئات الشبان ينتظرون الانخراط في اللعبة، اكتب وصيتك الأخيرة، فأنت تواجه المجهول، لكنها الأرض التي أحببت، شمر عن سواعدك وكن رجلاً، أنت الآن على عمق عشرين متراً في أرض غزة، توكل على الله وأنجز ورديتك، اثنتي عشرة ساعة في الجحيم، لكن تذكر أن هنالك أفواها جائعة بانتظارك… .'
خصخصة النضال
وطرح أستاذ العلاقات الدولية في معهد إبراهيم أبو لغد أحمد عزم، جملة من الأسئلة حول إمكانية تحول عمل الأنفاق من ضرورة اقتصادية واجتماعية، واعتبارها نوع من المقاومة إلى شركات، عملت على خصخصة النضال، موضحا آن ذلك قد يتحقق في ظل وجود حياة مستقرة بعيدة عن الاحتلال.
وتساءل حول قدرة القطاع الخاص في غزة أن يكون رافعة للعملية النضالية، موضحا أن عمل الأنفاق أصبح أقرب لعمل الشركات التجارية، 'وهذا الأمر ينزع عنها الصفة النضالية'.
وأضاف عزم خلال ترأسه إحدى جلسات الورشة أن الاقتصاديين في غزة يؤكدون نجاح عمل الأنفاق، ويحاربون للحفاظ على بقائها لأنهم يعتبرونها بديلاً عن المعابر بين القطاع والضفة، في حين يرى آخرون أن وجودها خلق طبقات اجتماعية وواقع اقتصادي جديدين، ما أثر سلباً على مفهوم المقاومة تحت الحصار.
مبررات اقتصادية ملحة
بدوره، برر مدير معهد ماس الدكتور سمير عبد الله ظهور تجارة الأنفاق، مشيراً أن إجراءات إسرائيل المشددة على القطاع بعد اعتقال جلعاد شاليط، وفرضها حصاراً عسكرياً وإقتصاديا، إضافة إلى سيطرة حماس العسكرية على غزة بعد عام واحد، أدى إلى إغلاق أكثر من 1750 شركة ومصنعاً من أصل 5500 بشكل نهائي في قطاع غزة
وتطرق عبدالله إلى الانفراج الكبير في احتياجات القطاع، التي أصبح 80% منها يستورد عبر الأنفاق، ما أدى إلى ارتفاع الناتج المحلي لغزة بمعدل 47% بين عامي 2009-2011، وانخفاض البطالة في القطاع إلى 32% بعد أن كانت 45%
وتحفظ عبدالله على النمو الاقتصادي في قطاع غزة في ظل وجود رأس مال داخلي واستهلاك فقط، مشيراً إلى أن التطور لن يستمر إلا إذا وجدت تجارة تنافسية مع إسرائيل أو الضفة، وإلا فإن احتمالات نمو القطاع على المدى البعيد ستبقى ضعيفة.
إيجابيات وسلبيات
وتعرضت الورشة لأبرز إيجابيات وسلبيات الأنفاق، مؤكدة أنها كانت مصدراً لمد المقاومة بالسلاح وتطوير نوعيته وكميته، كما أنها كانت وسيلة لتخفيف الحصار وإن كان محدوداً، عدا عن كونها مصدر دخل للعاملين فيها، ومخرجاً مؤقتاً لتأمين بعض السلع خاصة مواد البناء.
وفي المقابل تعددت السلبيات التي ترتبت على الأنفاق وتراوحت ما بين تحويل قطاع غزة إلى سوق استهلاكي، وإدخال القطاع في أزمة نقدية، وإضعاف الاقتصاد وخاصة الصناعة، وتخفيف الضغط عن إسرائيل في إعادة فتح المعابر، وارتفاع أسعار السلع وعدم وجود رقابة عليها، والأهم أنها حصدت مئات الأرواح.