نشرة دورية تعني بالترجمة عن الصحف والمجلات العالمية

نشرة مترجمة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر التوجيه السياسي

تصدر عن هيئة التوجيه السياسي والوطني

شكوك في ديمونة

عن الجيروساليم بوست

27/12/2005

ترجمة  : هالة الشريف

 

لم يَشّك ايفي كوهين وزوجته في صيف 2004 حين كانا يصعدان سلم مكاتب التأمين الوطني بأن الموعد الذي ينتظرها مع موظفي الضمان الاجتماعي ليس روتينياً.

هذه المرة سيعقد اللقاء في القاطع الجنوبي للتحقيقات في مؤسسة الضمان الاجتماعي الإسرائيلي في الطابق الثاني حيث تم استدعاءها.

ولم يكن الأشخاص الذين استقبلوهما من موظفي الدوائر الاجتماعية الإسرائيلية، وإنما ممثلون لسفارة الولايات المتحدة في "تل أبيب".

يعمل كوهين منذ سنة مخبراً للتأمين الاجتماعي داخل مجتمع الإسرائيليين اليهود الذين يُعرفون باسم اليهود السود BLACK HEBREWS في ديمونة.

ويعتقد التأمين بالفعل أن بعض أعضاء هذه الجماعة يتلقون مساعدات اجتماعية ليس لهم حق فيها، لكن بما أنه ليس لدى التأمين دلائل فعلية تدعم هذه الشكوك، فان مساعدة عضو من تلك الجماعة (التي يصل عددها حسب التقديرات إلى2500 فرد حيث من الصعب اختراقها)  أمر ضروري.

لقد اختارت الدوائر الاجتماعية كوهين لمساعدتها في تأكيد أو نفي شكوكها،  ثم اتضح بأن للأمريكيين شكوكهم أيضاً تجاه هذه الجماعة.

وفي هذا الصدد كُلف "كيفين وايتس" قائد الأجهزة الأمنية الدبلوماسية في إسرائيل من قبل FBI الأمريكي بإجراء تحقيق مفصل حول اليهود السود، وكان متلهفا لرؤية كوهين وتساءل هل بإمكان هذا الأخير مساعدته في تحقيقه حول إثبات الشكوك بالتحايل في الإعانات الاجتماعية وإعداد جوازات سفر مزورة، والتي تقع على عاتق هذه المجموعة الغريبة؟

وكان الجواب ايجابيا. لكن ما الذي اكتشفه بالضبط؟

لا يزال التحقيق جارياً  ولا نعرف إلى الآن ما الذي سيتم إثباته،  لكن مهما يكن فسوف يكشف التحقيق  وجها ـ على الأرجح ـ قاتماً لطائفة اليهود السود التي ظلت حتى الآن متوارية خلف الأزياء الإفريقية ذات الألوان البراقة.

لقد علمت صحيفة الجيروساليم بوست بأن FBI ودائرة الأمن الدبلوماسي (الفرع الأمني لوزارة الخارجية الأمريكية) يجريان تحقيقا حول الزعيم "الكاريزمي" لليهود السود "بن عامي بن يسرائيل" وأمرائه الأحد عشر " أو مساعديه بسبب التحايل على مبالغ تقدر بعدة ملايين من الدولارات.

يلتقي التحقيق الأمريكي حول ادعاءات التحايل على الضمان الاجتماعي وإعداد جوازات سفر مزورة، مع تحقيق الشرطة الإسرائيلية، وذلك من خلال العديد من الاتهامات بالتحايل والتزوير، وسوء معاملة الأطفال وتزوير الوثائق الرسمية.

وقد تم التأكد من صحة شكوك المحققين الإسرائيليين على اثر القرار الذي اتخذ من قبل وزير الداخلية "أبراهام بوراز" سنة 2003 الذي يقضي بمراجعة موقف الحكومة اتجاه اليهود السود ومنحهم وضع الإقامة الدائمة في البلاد.

وبفضل ذلك أصبحوا يتمتعون بحق المطالبة بمساعدات الضمان الاجتماعي، ولقد سرب البعض بأنه كان لزيارة الفنانة الأمريكية الشهيرة ــ الإفريقية الأصل ويتني هيوستن" لديمونة تأثير على قرار الوزير" "بوراز"، بالإضافة إلى جريمة القتل التي تعرض لها قبل وقت قصير الفنان "اهارون بن إسرائيل"، وهو ــ عضو في الطائفة ــ على يد ( إرهابيين) فلسطينيين.

وقبل الحصول على الإقامة الدائمة كان اليهود السود يحاولون من أجل العيش والبقاء في إسرائيل.

يحكى حول العالم بأن قصة اليهود السود هي قصة تصميم ومثابرة. في سنة 1966 ادعى شخص اسمه بن كارتر ـ  وهو سائق حافلة، من الأحياء الجنوبية لمدينة شيكاغو ــ بأنه شاهد رؤية أخبرته بأن الوقت قد حان للعودة إلى أرض الميعاد. وفي العام التالي قرر 350 شخصا من أصول افريقية أمريكية الذهاب معه إلى ليبيريا المرحلة الأولى من "العودة".

ثم تنازل كارتر عن اسمه ليصبح "بن عامي بن يسرائيل" واستقر أعضاء هذه الطائفة الذين أكدوا بأنهم ينحدرون من سلالة إسرائيلية أخيراً في ديمونة سنة 1970، ومنذ ذلك الوقت غادر مئات الأمريكيين الأفارقة الولايات المتحدة للعيش في النقب.

اليوم تعد هذه الطائفة بنحو 2500 فرد يعيش أغلبهم في ديمونة حول مركز "للاستيعاب" تم تخصيصه لاستقبالهم.

لكنْ هناك فروع أخرى أصغر حجما في منطقتي " اراد" " ميتسبي رامون".

وعلى الرغم من أن اليهود السود يعتبرون  أنفسهم إسرائيليين إلا أنهم ليسوا يهودا حسب العقيدة اليهودية، وهم  ملتزمون بنظام صارم جدا من ضمنه ارتداء ملابس متواضعة للكبار، وزي مدرسي خاص للأطفال، بالإضافة إلى أن على جميع الأفراد إتباع نظام غذائي نباتي، ويحظر عليهم التدخين وشرب الكحول، أما نظام تعدد الزوجات فيعتبر ممارسة مألوفة.

كما أن لدى هذه الطائفة فرقة موسيقية مشهورة عالميا، إلى جانب مصنع للمنتوجات الغذائية النباتية ومصانع للألبسة ذات الطابع الإفريقي.

ولدى الطائفة علاقات وثيقة مع سياسيين من كل الجنسيات والاتجاهات خاصة في الولايات المتحدة، وتتمتع بدعم عدد كبير من الأحزاب والجماعات السياسية ومن لجنة الانتخابات للسود في الكونغرس الأمريكي وصولا إلى [1] لويس فرخان، الناشط الشهير "لحركة امة الإسلام" ولقد استطعنا ان نلاحظ هذا الرابط الخاص خلال مسيرة المليون التي جرت في واشنطن سنة 1995.

حينها تفحص فرخان الحضور ثم رصد بن إسرائيل ودعاه إلى المنصة وقال:" تعال إلى هنا يا بن عامي بن إسرائيل، إنه القائد الروحي "لأمة إسرائيل"، ومقره ديمونا في إسرائيل، إنه المعلم الروحي الكبير أخي، الحاخام رابين بن عامي، فلنرحب به"

في ديمونة لا ترغب الطائفة بفتح أبوابها للغرباء، صحيح أن صحيفة الجيروساليم بوست حظيت باستقبال جيد، ورُحب بها في "قرية السلام" لكن عادة لا يُسمح بالتنزه هناك دون مرافقة، وحسب أقوال كوهين: يُدير بن إسرائيل الطائفة بيد من حديد ويُنزل العقوبات القاسية على الأفراد.

حتى أن هناك اقبية يٌوضع بها الأتباع الذين يبتعدون عن "الطريق المستقيم" ويتم ضربهم بالهراوات حتى يروا "النور من جديد" ويرجعوا إلى طريق الفضيلة....

تُقلق ادعاءات من هذا النوع ــ بالإضافة إلى السلوكيات التي تُوصف بأسرار الممارسات الخاصة "بالطوائف" السلطات الإسرائيلية منذ عدة سنوات.

ففي سنة 2003 وقبل أن يقرر "بوراز" منح أعضاء الطائفة وضعية المقيم الدائم في البلاد، استدعى "تساحي هنغبي" الذي كان حينها وزيراً للأمن الداخلي مسؤولي الشرطة ودوائر الاستخبارات للنقاش في الشكوك المختلفة التي تدور حول هذه الطائفة.

لقد حصل مسؤولو سفارة الولايات المتحدة على الإذن بحضور جزء من هذا الاجتماع، وإبداء الرأي حول القرار الوشيك الذي ستتخذه وزارة الداخلية لمنح أفراد تلك الطائفة صفة المقيمين الدائمين، وفي السياق ذاته أرسل الأمريكيون تقريراً إلى وزارة العدل والى وزارة الأمن الداخلي يعربون فيه عن شكوكهم بأن الطائفة قد احتالت على الضمان الاجتماعي الأمريكي بعدة ملايين من الدولارات.

كما نشر جهاز أل FBI خلال تحضير احتفالات الألفية سنة 1999، تقريرا بعنوان "مشروع مجدو" صنفت فيه الطائفة (Cih) بأنها مجموعة محتملة للتطرف والعنف.

وعلى اثر الضغوطات السياسية للكونغرس الأمريكي، اعترف FBI  " بخطئه " وقدم سنة 2003 رسالة اعتذار لكونه ذكر الطائفة وذكر أيضا بأن زعيمها بن عامي تمت إدانته بتهمة ابتزاز المال.

وخلال الاجتماع الذي جرى سنة 2003 فحصت الشرطة سلسلة من الادعاءات التي وجهت ضد الطائفة بالإضافة إلى قائمة من التهديدات المحتملة التي تمثلها، إلا أن الوزير هنغبي الذي يعي العلاقات العديدة التي يتمتع بها الزعيم بن إسرائيل عبر العالم ويخشى التداعيات السياسة" التي من الممكن أن تحدث، فقد قرر الانتظار قليلا قبل إنزال عقوبات على الطائفة، لكن ذلك لم يمنع الشرطة من مواصلة تحقيقها حيث قدمت دائرة الاستخبارات في الشرطة وبمشاركة قيادة المنطقة الجنوبية تقريرا حول الطائفة ونشاطاتها الإجرامية،  والتهديدات المحتملة التي تشكلها على المجتمع الإسرائيلي بسبب تبريراتها الدينية المسيحية.

كما ان لدى السلطات الإسرائيلية قلقاً أيضاً من عدم توصلها إلى تقدير دقيق للحجم الفعلي للسكان (الذي يتراوح بين 2000 و 4000 نسمة).

اليوم وعلى الرغم من وجود أرقام هوية للأفراد البالغين الذين حصلوا على الإقامة الدائمة، فإن عملية تحديد حجم الطائفة بدقة تبقى مستحيلة، فالأطفال يولدون بالطرق التقليدية بدون المرور على المستشفيات أو على الأطباء مما يزيد من قلق مؤسسة الضمان الاجتماعي الإسرائيلية، حيث أن الطائفة لا تسجل مواليدها في سجل الولادات، ولا تمتلك السلطات أية وسيلة دقيقة لإحصاء الولادات ولا حتى الوفيات.

أدت اللاشفافية هذه إلى مشكلة أكبر: وهي كيف نحدد هوية الوالدين الفعليين حتى يتم دفع المساعدات الاجتماعية التي تستحقها العائلات ؟.

وكشف لنا مصدر من الضمان الاجتماعي عدم استبعاد فرضية التحايل على مستوى واسع.

ويشرح المصدر قائلا: "بإمكان بن عامي أن يطلب من أية امرأة أن تسجل طفلاً بإسمها،  وفي اليوم الثاني يصرح بالطفل ذاته تحت اسم امرأة أخرى".

" ليس لدينا تقريبا أية وسيلة لمعرفة من يقول الحقيقة"، وقبل وقت قريب كانت الطائفة تدفن موتاها في موقع لطمر مخلفات ديمونا، وذات يوم لاحظ أحدهم أجزاء من هيكل بشري تبرز من هنا وهناك بين الفضلات، فقام بإبلاغ السلطات، ومنذ ذلك الحين أصبح للطائفة مقبرتها الخاصة، وتقع على مقربة من مقبرة البلدية.

يتحدث مسؤول كبير في الضمان الاجتماعي الإسرائيلي قائلاً:" وضعت تلك المقبرة حتى يتم دفن الموتى بطريقة أكثر تنظيما، بمعنى أن آخر الموتى لا يتوفون ولا يتم تسجيلهم فعلاً في سجل الوفيات بل يبقون أحياء وجزءاً من الطائفة، ويستفيدون من كل أنواع المساعدات التي تقدمها الدولة".

يتم دفن الموتى ولا يتم إبلاغنا بذلك. بهذه الطريقة يمكنهم الاستمرار في تلقي مساعدات الدولة وهم في قبورهم".

كما أن هناك شكوكاً أخرى ـ تنتظر سنداً وإثباتا ـ مثل حالات التزوير والقرصنة المعلوماتية، ويؤكد المسؤول بأن " أعضاء الطائفة خبراء في هذا المجال (ونظن) بأن لديهم الإمكانية تقريباً لتزوير كل الوثائق الممكنة والتي يمكن تصورها".

في هذا السياق لا تخفي الإدارة الأمريكية شكوكها اتجاه الطائفة، حيث يعترف المسؤول السابق للأمن الإقليمي الإسرائيلي بوجود تحقيق ضد الطائفة، وبالذات ضد بن عامي وأمرائه الأحد عشر، وذلك في رسالة وجهها إلى وزارة العدل الإسرائيلية في شهر أيار، استطاعت صحيفة الجيروساليم بوست الحصول على نسخة منها.

وتقول الرسالة:  بأن مكتب الأمن الإقليمي BSR في تلك الفترة كان يجري تحقيقا حول الطائفة وبن إسرائيل (بن كارتر سابقا). وكان ايفي كوهين المخبر قد زوده بمعلومات حول قادة الطائفة ونشاطاتها الإجرامية التي تخترق قوانين الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية.

ويشرح مسؤول إسرائيلي قائلا:" كانت الولايات المتحدة قد أجرت تحقيقاً بالتعاون مع الشرطة والضمان الاجتماعي الإسرائيلي، لم يكن لدى الولايات المتحدة مستمسك عليهم، ولا تعرف حتى كيفية اختراق الطائفة، ولا كم عدد أفرادها، لقد قمنا بمساعدة الولايات المتحدة طيلة فترة البحث"، وعلى الرغم من أن أعضاء الطائفة لم يتقاضوا مساعدات من الدولة إلا ابتداء من سنة 2003، فلقد استفادوا كأمريكيين من المساعدات الاجتماعية الأمريكية، ومن امتيازات أخرى تمنح عادة للمواطنين الأمريكيين.

يرى الـ FBI بأن بن إسرائيل وأتباعه يقومون بالاحتيال على الحكومة الأمريكية بمبالغ تعد بملايين الدولارات.

وكانت المشكلة الكبرى التي واجهها الأمريكيون هي حصر أعضاء الطائفة فردا فردا، فقد قام كل اليهود السود بتغير أسمائهم إلى العبرية والإنجيلية حين التحقوا بالطائفة، وأصبح لديهم تقريبا نفس اللقب: بشكل عام يطلق على الرجال اسم بن إسرائيل، وعلى النساء بات إسرائيل، وبالنتيجة لم تكن تقريبا  لدى السلطات الأمريكية وسيلة لمعرفة أي من الأعضاء  له  الحق فعلا في مساعدات  الضمان الاجتماعي، ومن ليس له هذا الحق.

 وفي نفس الصدد يتذكر ضابط شرطة إسرائيلي قائلا : لقد قدم الأمريكيون إلى مكتبي ومعهم قائمة طويلة من الأسماء التي هي أسماءهم الأمريكية الأصلية ـ وأرادوا  أن نساعدهم في  إجراء المقارنة مع قوائمنا بالأسماء  العبرية.

هنا جاء دور ايفي كوهين، فالشرطة التي استخدمته كمخبر قد قررت عقد اجتماع مع مسؤولين من السفارة للنظر في ما إذا كان بإمكانه أيضا مساعدتهم.

ويتذكر كوهين وهو في زنزانته:" لقد قال لي وايتسن بأنه سوف يتم اعتقال بن إسرائيل وأمرائه الأحد عشر، لقد أرادوا إقناعي بالذهاب إلى الولايات المتحدة للإدلاء بشهادتي أمام القاضي".

لقد أقر وايتسن بأن كوهين قام بمساعدة الأمريكيين لبعض الوقت، ويؤكد كوهين بأن وايتسن وعده بإسقاط الملاحقات القضائية بتهمة السرقة التي أسندت له قبل 9 سنوات في الولايات المتحدة بعد تعاونه معهم، لكن ذلك لم يتم، ولم توقف الإجراءات ضده، وتم إيقاف كوهين قبل ستة أشهر، وهو ينتظر ترحيله إلى الولايات المتحدة لمحاكمته.

يعتبر بن إسرائيل شخصية نافذة، تحظى بحب كبير من أتباع الطائفة التي تعتبره قائدها المقدس، وهو لا يتحرك في داخل منطقته إلا برفقة حارسين شخصيين حاملا العصا الإفريقية التقليدية، رمز السلطة، وينحني له أعضاء الطائفة لدى مروره، كما أنهم يتشكرون الله في خطابتهم لأنه باركهم بقائد كهذا.

وكرجل لديه كريزما وفي الستين من عمره يتقن فن الكلام ويزن كل عبارته بدقة، وبفضل بلاغته يعرف كيف يسيطر على الجمهور في حديثه عن الشعب اليهودي، وأرض إسرائيل والتوراة.

وفي إحدى مقابلاته ــ النادرة ــ مع الجيروساليم بوست صرح بن إسرائيل بأنه لا يشارك وأعضاء الطائفة في نشاطات غير قانونية، ويرى بأنه ضحية وهدف لرجال السياسة والشخصيات العامة التي تخشى نجاحات الطائفة لدى المجتمعات والطوائف الإسرائيلية والأمريكية.

وأضاف قائلا:" إن سبب هذه } الادعاءات{ رغبة البعض في صرف انتباه الناس في (إسرائيل) والعالم عما تنجزه الطائفة في إسرائيل، حيث لم يتعرض أي عضو فيها إلى ملاحقات قضائية منذ خمسة أو حتى عشرة أعوام، ويضيف: كما انه لم يتم حبس أحد لا في الولايات المتحدة ولا في إفريقيا ولا إسرائيل، ولم يسند أي اتهام لأحد منذ خمس عشرة سنة".

 إن الرقم خمس عشرة لم يذكر صدفة فقد حُكم في سنة 1990 "على يحويه بن يحويه" (هولن ميتشل سابقا) ـ وهو زعيم لأحد فروع الطائفة بالسجن ثمانية عشر عاما بسبب العديد من عمليات النصب، لان أتباعه قاموا بأربع عشرة جريمة قتل بأوامر منه.

كما أقرت هيئة محلفين فيدرالية بواشنطن سنة 1986 بتورط أحد أقرب مساعديه، وهو "الأمير أزيل" (وارن براون سابقا) في إدارة شبكة دولية لِتذاكر السفر المسروقة ـ وتقدر قيمتها بملايين الدولارات، تم لاحقا مراجعة هذه الأحكام، لكن "براون" اعترف بجرائم ثانوية أخرى.

تؤكد يافا بات إسرائيل الناطقة باسم زعيم الطائفة بأن التحقيقات الإسرائيلية والأمريكية حول "بن إسرائيل" والطائفة في ديمونة ليس لها أساس من الصحة " كلُ ما تحدثوا عنه غير حقيقي".

إذا لماذا لا تتوقف كل هذه الاتهامات؟

يقول بن إسرائيل:  "بالنسبة للولايات المتحدة فالمسألة ليست إلا تمييزاً عنصرياً لا أكثر ولا أقل، هناك من لا يريد رؤية ما تم إنجازه هنا مع الشعب اليهودي (في إشارة إلى مركز لحل النزاعات الذي أنشأه في ديمونة) ولا يريدون أن يتجاوز ذلك هذه الحدود".

أما "بوراز" الذي منح حالة المقيمين الدائمين لليهود السود فيؤكد بأنه لم يكن لديه فكرة عن التقارير الأمريكية وتقارير وزارة الأمن الداخلي في لحظة اتخاذه القرار، وصرح لصحيفة الجيروساليم بوست بأنه حتى لو اطلع عليها كان سيبقى على قراره ". لم أتلق هذه المعلومات إلا بعد أن اتخذت قراري، على كل حال ليس هناك أي فرق، بما أنهم ليسوا كلهم مجرمين.

ربما كل هذه الشكوك ليست إلا هراء، ولا يجب أن نستند إليها لمعاقبة هؤلاء الناس".

لكن الحقيقة أنه لم تستطع لا السلطات الإسرائيلية ولا الأمريكية إلى غاية الآن فتح ثغرة فعلية في القضية.

وفي السياق ذاته قام " عوفر ميسنغ"، قائد فرقة مكافحة التزوير في المنطقة الجنوبية بتعيين المفتش "يوئيل أشور" على رأس فريق طوارىء مُكلف بالتحقيق حول الطائفة وذلك في أوائل سنة 2005 لكن بما أنه لم يستطع اختراق الطائفة فقد تم سريعا حل الفريق.

وقال "أشور" الذي أصبح قائدا مساعدا مكلفا بتحقيقات الشرطة في اشدود " لقد أجرينا التحقيق بعد أن وصلتنا الشكوك التي تحوم حول الأعمال الإجرامية التي تدور داخل الطائفة، لقد عادت بعض الاتهامات العامة إلى السطح، لكن لم يكن لدينا أي دليل، وبسبب خطورة هذه الاتهامات قررنا بأنه بات من الضروري أن نهتم بالقضية، وعلى الرغم من ذلك يتأخر قدوم الدلائل القاطعة.

"لقد سمعنا عن أمور كثيرة، تصل إلى سوء معاملة الأطفال، لكن كل ذلك لم يتجاوز الاتهامات الشفوية والإشاعات، لقد حاولنا دخول الطائفة لكنها مغلقة على حالها وصعبة الاختراق، ولم ننجح في الوصول إليها".

يوضح آشور بأن الشكاوى التي قدمت كانت بشكل أساسي من قبل أعضاء سابقين في الطائفة الذين بدا أنهم بحاجة إلى الشكوى أكثر من تقديم الدلائل.

أما بالنسبة لتحقيق الـ FBI فقد شرح مسؤول أمريكي لصحيفة الجيروساليم بوست قائلاً : بأنه لا يزال قائما ، إن الأجهزة الأمنية الدبلوماسية مستمرة في تحقيقها ، ونعمل ما بوسعنا لتقديم الدلائل.