نشرة دورية تعني بالترجمة عن الصحف والمجلات العالمية

نشرة مترجمة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر التوجيه السياسي

تصدر عن هيئة التوجيه السياسي والوطني

كنت البريطاني الأول

بقلم: ديفيد ستيل  – لندن

ترجمة: نصير أبو حجله

 

لدي أوضح الذكريات عن مقابلتي الأولى مع ياسر عرفات في خريف عام 1980، وفي الفترة التي كانت فيها سياسة حكومة صاحبة الجلالة تقضي بحظر أي لقاء مع ممثلي منظمة التحرير، لكونها منظمة ارهابية، ولهذا كنت البريطاني الأول وفي موقع رئيس حزب بريطاني مع اربعة من المساعدين يجري هذا اللقاء الذي تم في وقت متأخر من الليل في غرفة بقاعدة بناية في دمشق، مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وبمزيد من الود الذي منحني شعوراً بأنني في بيتي.

ما ذكرته في الحقيقة ليس دقيقاً تماماً فقبل ذلك العام كنت واحداً من وفد رسمي بريطاني يترأسه لورد أدنبره في جنازة الرئيس تيتو.

وفي لحظة كانت كل الشخصيات الرسمية تمضي بدون طواقم حراسة نحو غرفتين في قصر الرئيس الراحل (تيتو) وطافت رئيسة الوزراء الجديدة قليل الخبرة حول الغرفة تقدم نفسها: "أنا مرجريت تاتشر" وأقسم أنا كشاهد أنها لم تكن تعرف يداً واحدة من تلك التي صافحتها لكنها التقت بياسر عرفات.

الملاحظات حفظناها في لقائنا بدمشق واتذكر سائلاً اياه ما إذا كان سيقدم على تغيير ميثاق منظمة التحرير والاعتراف باسرائيل؟

وكانت اجابته "إننا لا نستطيع أن نقدم على ذلك في الوقت الحاضر"

الفلسطينيون لديهم أوراق قليلة يلعبون بها وذلك أمر يتعلق بمجلس الأمن.

وتابع عرفات: نحن شعب بلا دولة وبلا وطن ولقد تحملنا الكثير.

ولا أحد منا يريد أن تعيش الأجيال القادمة مثلما نحن عانينا.

لن نقبل حلاً دون دولة ذات سيادة، ولن يكون هناك حل أو استقرار أو أمن، ما لم وحتى يسترد الفلسطينيون حقوقهم.

وبالتالي لم يأت اعترافه وقبوله بحل الدولتين مفاجأة لي بعد ثماني سنوات ليكون جواز سفر نحو للعالم.

ولسوء الحظ لم يكن لأحد من القادة  الإسرائيليين رؤية اسحق رابين، وبدلاً من دولة فعلية شاهدنا مسلسلاً من نموذج جنوب افريقيا (باتوستانات) مع مستوطنات تنمو في الأراضي المحتلة، والاهانة الأخيرة الجشعة التي اطلق عليها الجدار الأمني.

لقد التقتيت الرئيس، ياسر عرفات في العديد من المناسبات الاخرى عبر السنين، واحدة منها كانت على الغداء في تونس، وفي مناسبة أخرى غير عادية مع السفير البريطاني، حيث التقينا مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في تونس، لقد التقيته مرتين في رام الله.

وآخر لقاء كان قبل عام واحد وسط دمار مقراته بالمقاطعة وقد بدا عليه الهرم والاعياء واضحين.

أظن انه كان ينبغي حصوله على وقت لتغير المنظمة الثورية المسلحة إلى منظمة سياسية ومن أجل ضمان استعادة جزء من فلسطين على الأقل.

وفيما بعد فان قلة سوف تمجد قيادته للسلطة الوطنية.

لكن ما وجدته في آخر زيارة قمت بها لغزة والضفة الغربية هو المزيد من النقد لادارته، والتطلع لانتخابات جديدة متبوع بكلمات "لكنه رئيسنا وليس من حق الإسرائيليين والامريكيين التعامل بغير ذلك".

شيء آخر – وهو ما لم يتم التطرق لذكره في التأبينات المطبوعة ـ أنه إنسان بالغ الدفء إلى جانب احساس رائع بالمرح مع من يخوض معه نقاشاً جاداً.

ــــــــــــــ

* ديفيد ستيل زعيم سابق للديمقراطيين الليبراليين ورئيس برنامج المساعدات الطبية للفلسطينيين.